بدأت تبعات تحطم الطائرة الروسية في الأجواء المصرية قبل أسبوع، تنعكس سلبا على الصناعة السياحية في مصر بعد أن قرر آلاف السياح الغربيين قطع عطلهم في مصر والعودة إلى بلدانهم؛ مخافة عمليات إرهابية محتملة ضد منتجعات منطقة شرم الشيخ، التي تُعد من أكثر المواقع السياحية استقطابا للسياح الأجانب في مصر بعد أهرامات الجيزة. وضمن موجة عودة هؤلاء السياح باتجاه بلدانهم، أقلعت أمس من مطار شرم الشيخ ست طائرات بريطانية وعلى متنها أفواج السياح الذين قرروا قطع عطلتهم في هذا المنتجع ستة أيام بعد تحطم طائرة شركة "ميترو جات" الروسية وهلاك كل ركابها ال 244 من روس وأوكرانيين في ظروف مازال يكتنفها الغموض التام. وقرر أكثر من 20 ألف سائح بريطاني قطع عطلهم في منتجع شرم الشيخ؛ مما أحدث طوارئ في أعلى هرم السلطة المصرية، التي رفضت السماح ل29 طائرة بالهبوط في مطار شرم الشيخ لإجلاء زبائنها، ورخّصت فقط لثماني طائرات القيام بذلك. وهو ما اضطر السفير البريطاني جون كاسون النزول في المطار؛ في محاولة لتهدئة النفوس ولكن ذلك لم يمنعه من التعرض لوابل من انتقادات السياح، الذين وجدوا أنفسهم محاصرين في مطار العريش، خاصة بعد أن مُنعوا من حمل معهم سوى حقائب اليد عند صعودهم إلى الطائرات في طريق عودتهم. وانتابت أفواج السياح الأجانب في مصر موجة خوف متزايدة بعد أن أصر تنظيم الدولة الإسلامية على تبنّي عملية إسقاط الطائرة، وأكد أنه سيكشف لاحقا عن الكيفية التي أسقط بها الطائرة المنكوبة وبالصورة. وزادت درجة الخوف بعد أن ألغت العديد من شركات الطيران العالمية التوجه إلى مصر، بينما نصحت فرنسا وبلجيكا رعاياها بتفادي اختيار الوجهة المصرية لقضاء عطلهم مخافة تعرضهم لعلميات مماثلة. وجاءت تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتزيد من درجة هاجس خوف آلاف السياح الأجانب، الذين عادة ما يتوافدون على مصر في هذا الفصل المعتدل، بعد أن أكد وجود فرضية تحطم الطائرة بسبب قنبلة شحنت على متنها، وأدت إلى تحطمها 23 دقيقة بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ باتجاه مدينة سان بيترسبورغ الروسية. وهي الفرضية التي أكدها الوزير الأول البريطاني ديفيد كامرون في اليوم الثاني للزيارة الرسمية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى المملكة المتحدة؛ بناء على معلومات قال إنه استقاها من أجهزة المخابرات. وحتى السلطات الروسية التي التزمت الحذر في تصريحات مسؤوليها، بدأت هي الأخرى تبدي مخاوف من احتمال تعرض طائرتها لعملية تخريب من الداخل. وهو الأمر الذي دفع بمدير جهاز المخابرات السرية الروسية ألكسندر بورتنيكوف لأن يطالب بإلغاء رحلات الشركات الجوية الروسية باتجاه مصر إلى غاية تحديد الأسباب الحقيقية التي أدت إلى سقوط طائرة شركة "ميترو جيت"، وهو الطلب الذي سارع الرئيس بوتين إلى تنفيذه على الفور مساء أمس. وأدركت السلطات المصرية خطورة مثل هذه التصريحات وتبعاتها الكارثية على أهم مورد اقتصادي للبلاد؛ مما جعلها تحذّر من تسويق تأويلات مسبقة قبل انتهاء المحققين من تحرياتهم وكشف مضمون العلبتين السوداويين للطائرة المنكوبة. والمفارقة أن موجة هجران المقاصد السياحية المصرية جاءت متزامنة مع الزيارة الرسمية التي أنهاها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى المملكة المتحدة.