وُوري جثمان الفقيد حميد حناشي المعروف ب "دي دي كريمو" الثرى أمس بمقبرة سيدي امحمد بالعاصمة، بحضور جمع من المواطنين ومن الأسرة الفنية.رحلت هذه الشخصية الفنية اللامعة، لكن سيظل اسمها مرتبطا بروائع السينما والتلفزيون، منها "الحريق" و«الفأر" وغيرهما. كما كان رمزا للرجل العاصمي الشهم و«الرجلة" الذي لا يهان في ربوعه إنسان، ليظل هذا الفنان حتى بعد ابتعاده عن الأضواء محبوبا في الأوساط الشعبية. عاش الفنان يزرع الأمل والبسمة بين الناس، ويحثهم على الأمل والحياة رغم أنه من جيل عانى ويلات الاستعمار والحرمان، لذلك جاءت أدواره مقنعة، خاصة تلك التي خصّت تلك الحقبة، وهو الأمر الذي تجلى في رائعة "الحريق"؛ أي ب "دار السبيطار"؛ حيث كان فيها البحّار المسافر دوما عبر الأصقاع، لكنه يعود دائما لحضن أمه الحنون التي تتفنن في تدليله كالطفل. وبدوره، كان هو أيضا يدلّل أخته المريضة ويتشاكس مع الأخت الأخرى "فاطمة" الفنانة بيونة، لتظل حواراتهما منقوشة في الذاكرة الجزائرية، وكان يعتقد حينها أنهما بالفعل أخوان، ولتظل هذه الفنانة وفية لأخوّته، وتناديه حتى آخر لحظة ب "دي دي كريمو" بدل اسمه الحقيقي. كان الراحل ابن بيئته الشعبية العاصمية، لذلك كان يمثل الشخصية الشهمة والأصيلة التي تقف دوما مع الحق والمظلوم، مع الحضور الدائم للمواقف الطريفة وللّهجة العاصمية الساخرة. غاب الفنان عن الأضواء لسنوات طويلة، لكن اسمه ظل مرتبطا بأمجاد السينما والتلفزيون بعد فترة الاستقلال وإلى غاية أواخر الثمانينيات، وعلى الرغم من ذلك لم يطل الفنان النسيان، على الأقل في الوسط الشعبي. منذ سنوات بادرت جمعية الألفية الثالثة إلى تكريم الراحل في حفل خاص أقيم له رفقة زميله الفنان الكبير جعفر بك، وقد أثر فيه ذلك أيما تأثير، خاصة عندما أُلبس البرنوس كعرفان له على ما قدمه، وأن الجزائر لا تنسى أبناءها. للتذكير، فقد توفي الراحل أول أمس عن عمر بلغ ال 79 عاما إثر مرض عضال. وعلى إثر هذا المصاب بعث السيد عز الدين ميهوبي وزير الثقافة برسالة تعزية إلى عائلة الفقيد وللأسرة الفنية، تقدم فيها بتعازيه الخالصة، واصفا إياه بالقامة التي برزت في التمثيل السينمائي والتلفزيوني، داعيا الله أن يتغمده برحمته الواسعة ويسكنه فسيح الجنان. وعبّر بعض الأوفياء للفن الجزائري في حديث جمعهم ب "المساء"، عن أسفهم لفقدان عمي كريمو، وأكدوا أن خير تكريم لهذه القامة هو إعادة بث الأعمال التي شارك فيها، وعلى رأسها "الحريق"؛ كي يتعرف عليه الشباب الذين لم يشهدوا هذا الزمن الجميل من الفن الجزائري.