كانت آخر مشاركة له في الفيلم الثوري والتاريخي “مصطفى بن بولعيد” الذي حقق نجاحا كبيرا في وقت كانت فيه الساحة الفنية الجزائرية شحيحة من حيث إنتاج مثل هذه الأعمال التي تعرف بأبطال وبطولات الجزائر، ليكون مشروعه الجديد الظهور في “سيت كوم” للخضر بوخرص سيبث ضمن البرنامج التلفزيوني المسطر لشهر رمضان الكريم على قناة “الشروق تي في”، انه الممثل الكوميدي رشيد فارس الذي رحل في شهر احتفلت فيه أسرته الفنية بيومها الوطني، تاركا وراءه زادا وسجلا يحوي عدد من الأعمال السينمائية، التلفزيونية والمسرحية، وقد اتصلت “الشعب” بعدد من الفنانين لتعرف وقع هذه الفاجعة والصدمة في وسطهم الفني وكانت لنا جملة من الآراء.. اتصلت “الشعب” بعدد من الفنانين الجزائريين إلا أن الكثير منهم أبى التصريح بسبب الصدمة المفاجئة التي تلقوها بسبب رحيل احد أبناء أسرتهم، مؤكدين أن الموقف واضح والحزن أكيد، قائلين” ما الذي نقوله بعد فقداننا لصديق وأخ وزميل مرح وله مكانته الخاصة بيننا” وقد اجمع رفقاؤه من الممثلين والمخرجين وحتى المنتجين ممن عملوا معه على أن الممثل الراحل رشيد فارس كان يتمتع بموهبة كبيرة وكان رجلا يتميز بلباقة منقطعة النظير، كما كان معروفا بمواقفه الثابتة التي كان لا يتردد في التعبير عنها خدمة للمهنة التي كان يمارسها بتفان و قناعة. مداني نعمون:رشيد أحبّ الانعزال والابتعاد عن الأضواء أكد الممثل مداني نعمون على الوقع الكبير للفاجعة التي ألمته بسبب فراق “الصديق والأخ” رشيد فارس، الذي ترك فراغا رهيبا منذ سمع بنبأ وفاته، قائلا “رشيد فارس فنان كبير وكوميدي من الدرجة الأولى، فهم محبوب بخفة ظله وتلقائيته التي عهدناها به، وكان له سره الخاص في أعماله السينمائية والتلفزيونية وحتى في لقاءاتنا كفنانين”، وبنبرة حزن تحدث مداني نعمون عن اللحظات التي قضاها مع الراحل رشيد فارس، والتي قال عنها “كيف لي أن أنسى تلك اللحظات والساعات التي جلست إثرها مع المرحوم، وتلك الأعمال المشتركة التي حضرنا فيها الاثنين وعلى ساحة التمثيل، فبصراحة لحظات مليئة بالمتعة، الجد والضحك”. كما تحدث ذات الممثل عن شخصية رشيد فارس، مؤكدا انه كان يحب الانعزال، إلا أن من يعرفه عن قرب يكتشف تلك الصفات التي تجعله محبوبا لدى العامة فهو طيب ومحافظ ويفضل الابتعاد عن الأضواء والصحافة، له مواقفه حادة من الوسط السينمائي والفني ولا يخفي رأيه ورؤيته للعمل الفني وهذا ما جعل مشاركته الفنية التي بدأها في صغره “قليلة” رغم موهبته وقدرته الكبيرة على تقمص الأدوار وهو المتأثر كثيرا بالسينما الأمريكية الجيدة، فقد وهب الفنان حياته للفن، ومنذ أول تقديمه لأول عمل في السبعينيات، لم يبخل بالعطاء، لدرجة أنه رفض الزواج، واحتك بأكبر المخرجين، وعمل إلى جانب نجوم التمثيل في الجزائر، ورغم المشاكل التي عاناها كفنان، إلا أنه نجح في التربع على عرش قلوب الجزائريين وحبه للتمثيل جعله يبدع ويتفنن في أدائه حيث نجد في جميع الأدوار التي تقمصها وعلى اختلافها، فرحم الله الفقيد. رابيا..حب رشيد للتمثيل جعله يتحمل معاناته كفنان وكان الممثل عبد الحميد رابيا من الأسماء الفنية التي شاركت مع المرحوم رشيد فارس ووقفت معه على خشبة واستديو التمثيل، حيث برز معه في “وراء المرآة” لنادية شرابي، والذي تأسف عن المعاناة التي عرفها ذات الفنان الراحل أثناء حياته، مؤكدا أن حبه للتمثيل جعله لا يعتزله رغم الصعوبات التي لاقاها، خاصة وانه لم يكن “يحصل على اجر من المؤسسات العمومية بحكم انه لم يشتغل بها إلا انه كان يعتمد في الحصول على خبزة يومه من الأعمال الدرامية التي كان يشارك فيها، وبالتالي إن لم يكن له مشاركة فالأكيد لا اجر له”. كما أكد عبد الحميد رابيا على الحب الكبير للراحل للسينما والعمل الفني الراقي، حيث كان في العديد من الأحيان يوجه انتقادات للأعمال الفنية، باحثا عن النوعية والعمل الراقي بما يخدم الثقافة الجزائرية عموما والفن على وجه الخصوص واللحاق بركب الدول الناجحة في هذا الميدان، خاصة وان الجزائر تملك طاقات لا يستهان بها. وكان رشيد فارس، حسب رابيا، من الممثلين الذي يطالبون بحقوق الفنان ووضع قانون خاص به يحميه ويضمن له حياء كريمة، هذا القانون الذي رآه الفقيد رشيد، كما قال عبد الحميد رابيا، جسرا ومشروعا يحمي الساحة الفنية من الطفيليين الذين اقتحموها. وبنبرة تحسر قال رابيا، “رغم قلة الإنتاج فان رشيد الذي عان كثيرا ككل فنان صادق أتاح له عالم السينما السحري فرصة العمل في العشرات من الأفلام السينمائية والتلفزيونية والمسلسلات”، مضيفا “لقد عاش رشيد المعروف بخفة ظله بالفن ومن اجله إذ كان مع عشقه للفن السابع يتذوق الموسيقى وشغوف بالقراءة و رحل في هدوء في شهر جوان الذي يحتفل في ال8 منه بيوم الفنان و قبل أيام من خمسينية الاستقلال ولم يترك أولاد لكنه ترك أعمالا كثيرة تخلد اسمه وأيضا فراغا في السينما الجزائرية التي ستفتقد حضوره المتميز وشخصيته الشعبية”. مصطفى لعريبي:هو قيمة أكيدة في الفن السابع أما مصطفى لعريبي فقد رأى فقدان الممثل رشيد فارس مأساة، وخسارة للسينما والثقافة الجزائرية، مؤكدا أن المرحوم من الأسماء التي خدمت السينما ومن القيم الأكيدة للفن السابع الوطني، ومشيدا بموهبته وأدائه “المميز والناجح لمختلف الأدوار التي تقمصها طوال مشواره الفني. وكغيره من الفنانين قال لعريبي أن الراحل وفقيد الأسرة الفنية الوطنية رحل وهو يحلم بقانون الفنان الذي ينتظر منه رفع الغبن والضرر عن أبناء هذا الميدان الذين أحبوه وضحوا من اجل النجاح وتقديم أعمال لائقة تخدم الفن الجزائري قبل كل شيء، مضيفا “رحل رشيد فارس بعد أيام قلائل من الاحتفال باليوم الوطني للفنان والذي كرم فيه”، قائلا “ الجزائر فقدت في هذه السنة الكثير من الأسماء في مختلف الميادين الفنية على غرار خليفي احمد، وردة الجزائرية، وممثلين آخرين فالرحمة لفنانينا”. بشرى عقبي ، خفة ظله بدأت في “الطاكسي المخفي” ومن أبناء الجيل الحالي من تلك الأسماء لشباب سجل حضوره على الشاشة التلفزيونية بشرى عقبي التي عرفت من خلال سلسة “الجمعي فاميلي”، حيث قالت حول المرحوم رشيد فارس “من منا لا يتذكر المشهد الذي جمع الفنان الراحل رشيد فارس والفنان حمزة فغولي في فيلم “الطاكسي المخفي” للمخرج بن عمر بختي وبطولة عثمان عريوات، ومن منا لم يضحك بقوة في نفس المشهد الذي برع فارس في أدائه ساخرا من فغولي وهو يزعم القوة والبطولة في مواجهة تعذيب جنود الاحتلال في الفترة الاستعمارية، ليتضح فيما بعد أنه جبان وأن ما قاله كان مجرد أكاذيب”، كما أضافت ذات الممثلة الشابة بشرى وقد تأثرت كثيرا بفقدان الساحة الفنية لمثل هذا الاسم الذي كان يبحث عن الرقي والتطور لأفلامنا ومسلسلاتنا. حازورلي:كان متعلقا بشكري سرحان جمال الدين حازورلي من الإعلاميين الذي تحايلوا في العديد من المرات لاستضافة الراحل رشيد فارس، الا انه لم يتح له الفرصة رغم معرفته الكبيرة وقربه من ذات الفنان، حيث قال حازورلي “كنت في كل مرة أزور فيها الجزائر العاصمة، يأتي مباشرة في دهني الصديق رشيد، فأكلمه لأجده سعيدا بمكالمتي يسأل عني و اسأل عنه، ثم يسرع في ضبط موعد للقاء، نتحدث عن السينما وعن اكتشافه هو لها، حيث بدأ عارضا للأفلام في “حسين داي” وعمره لم يتجاوز 12 سنة”، كما أكد ذات الإعلامي على الحب الكبير الذي كان رشيد، رحمه الله، يكنه للفن السابع، قائلا “ كان يحب السينما كثيرا إلا انه كان يحلم بدور قي مستوى حبه لها، تأثر رشيد بممثلين كبار قي السينما العالمية و كان يدهشني عندما يتحدث عن تعلقه بممثلين عرب مثل شكري سرحان، الذي يعتبره ممثله المفضل، ورشيد يشبه سرحان في طلعته ونظراته وحتى في شكله”، مضيفا “لم يكن رشيد راضيا عن فنه ولا على مستوى الأفلام التي تنجز، كان متمردا، صريحا، ومباشرا في آرائه وتعامله مع الناس، حيث كنت أحب هدا الجانب من شخصيته الذي كان يسبب له بعض المشاكل مع وسطه”. وعن رفض المرحوم لفكرة نزوله ضيفا على الحصة المعروفة “سينيراما” لجمال الدين حازورلي، فقد قال هذا الأخير “عرفته مند أكثر من 25 سنة، وكنت في كل مرة اطلب منه إجراء حوار لبرنامجي “سينيراما “الذي كان يعشقه، وبالرغم من دلك كان يردني في كل مرة بأدب كبير، وعندما تحصل على جائزة الفنك الذهبي لأحسن ممثل دعوته للبرنامج فكان سعيدا بالحوار تحدث عن الجزائر العاصمة عن حيه “حسين داي” عن السينما وأدواره.. عن شكري سرحان وعن شقيقته كلثوم التي أهدى لها الفنك الذهبي الذي تحصل عليه كما أهداها فيما بعد عدد البرنامج الذي كان ضيفا فيه”. فرشيد فارس مثل الرجل العاصمي، كما يرى الكثيرون ممن عرفوه عن قرب، برز إلى جانب كبار الممثلين في الجزائر فقدم أدوارا مهمة جدا في فترة تألق السينما الجزائرية مع نجوم الصف الأول من سيد أحمد أقومي وأحمد بن عيسى وصونيا وآخرين. ولأن المسرح حياة، فلقد برز أيضا في مشاركاته المسرحية، أين تقاسم الدور الرئيسي في مسرحية “ليلة طلاق” إلى جانب الممثلة صونيا، كما قدمه أيضا المخرج القدير أحمد راشدي في فيلمه الثوري “مصطفى بن بولعيد”. وما يمكن أن يقال عن “رشيد فارس” الذي رحل في صمت وبعيدا عن أجواء استوديوهات التصوير التي نفتقرها اليوم، يبقى قليل، إلا أن أدواره في السينما والتلفزيون بالأخص ستظل شاهدة على مسيرته وإبداعه و تشكل علامة وخصوصية فارس رشيد فنيا. وبإجماع الأصدقاء فهو متعدد المواهب، فقد عاش رشيد ” المعروف بخفة ظله بالفن ومن أجله و رحل في هدوء في شهر جوان الذي كُرّم فيه مؤخرا بمناسبة يوم الفنان ، تاركا أعمالا كثيرة تخلّد اسمه، وأيضا فراغا في السينما الجزائرية التي ستفتقد حضوره المتميز وشخصيته الشعبية.