وصفت مجموعة التفكير الأمريكية "سينتر فور ترانس أتلانتيك غولايشن" (مركز العلاقات العابرة للأطلنطي)، الجزائر بالفاعل المهم في مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار والسلم بمنطقة شمال إفريقيا، واعتبرتها حصنا أمام انتشار هذه الآفة باتجاه أوربا والولايات المتحدة، مبرزة أهمية الجهود التي تبذلها السلطات الجزائرية لتقوية اقتصادها الوطني وتنويعه ودعم الممارسة الديمقراطية ودولة القانون. وأبرزت المجموعة خلال نقاش خصصته الأربعاء المنصرم حصريا للجزائر، الجهود المبذولة من طرف السلطات الجزائرية للحفاظ على السلم والأمن بشمال إفريقيا، مؤكدة أن الجزائر بفضل هذه الجهود، لا تضمن فقط حماية البلدان الإفريقية، "بل تشكل حصنا أمام انتشار الإرهاب باتجاه أوربا والولايات المتحدة". وأكدت منظمة اللقاء ساشا توبيريش أستاذة باحثة في المركز المذكور خلال النقاش الذي تبع الندوة التي نشّطها كل من السيدة حفيظة بن شهيدة عضو بمجلس الأمة وكذا الصناعي سامي بوكيلة حول موضوع "الجزائر: تحديات وفرص"، أن الجزائر بصفتها فاعلا مهمّا في استقرار المنطقة، تُعد كذلك فاعلا مهمّا في مكافحة الإرهاب. وتمت الإشارة في هذا السياق، إلى أن جهود تعزيز الرقابة على مستوى الحدود من طرف الجيش الجزائري، منعت انتشار الجماعات الإرهابية بالمنطقة، فيما لفتت السيدة بن شهيدة إلى أن الانتشار القوي لعناصر الجيش الوطني الشعبي على مستوى الحدود والمكلف ماليا، تضمنه الجزائر في ظرف يتميز بتراجع أسعار البترول، الذي خسرت الجزائر من جرائه نصف مداخيلها. وشددت المتدخلة على أن مكافحة الإرهاب تستلزم جهودا مشتركة، "يجب أن تتجسد باستفادة الجزائر بشكل أفضل، من وسائل حديثة خاصة بالمراقبة"، مشيرة إلى أن السلطات الجزائرية التي عززت تأمين حدودها، تقدم مساعدة أمنية لتونس، "البلد الذي تأثر كثيرا بانعكاسات الأزمة الليبية". كما حرصت المتحدثة على توضيح تصور الجزائر الخاص بتسوية النزاعات والقائم على الحوار والوساطة. وأبرزت في هذا الخصوص دور الجزائر في مجال الأمن الإقليمي، وجهودها من أجل السلام بالمنطقة، لافتة إلى دورها في تسوية النزاعين المالي والليبي. تعزيز القدرات الاقتصادية لاستئصال الإرهاب من جانبه، ذكر رجل الأعمال سامي بوكيلة بأولويات الجزائر في المنطقة، والمتمثلة أساسا باستقرار ليبيا ودعم الإصلاحات بتونس والمصالحة الوطنية في ليبيا، واحترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، والتكامل الإقليمي للمغرب العربي الكبير، ملحّا، بالمناسبة، على ضرورة دعم الجزائر في هذه الجهود الرامية إلى الإبقاء على السلم من خلال تقاسم التكاليف الباهظة لتوفير الأمن وتكثيف الاستثمارات المباشرة الأجنبية ودعم تنوع الاقتصاد الجزائري. في هذا الخصوص لم يتوان بوكيلة وهو يخاطب أعضاء مجموعة التفكير، في التأكيد على أن الدعم الأمريكي للاقتصاد الجزائري سيساعد الحكومة على مواجهة تصاعد التهديدات الإرهابية والحفاظ على السلم بالمنطقة، بالنظر إلى كون "التحديات المرتبطة بالإرهاب هي الأخرى ذات طابع اقتصادي". وركز في مداخلته على ضرورة تعزيز قدرات الجزائر الاقتصادية، مشيرا إلى أن ذلك يشكل ضامنا للاستقرار في المنطقة، "لتفادي الفوضى التي قد يترتب عنها ملايين اللاجئين، وتساهم في انتشار الإرهاب". الرئيس الأسبق لمجموعة التفكير الأمريكية قدّم، من جهته، عرضا حول مزايا الاقتصاد الجزائري، ركز فيه على أهمية تحسين مناخ الأعمال، الكفيل، حسبه، بتحسين الترتيب في التقرير المقبل للبنك العالمي حول الأعمال. وإذ استعرض الوضع الاقتصادي للجزائر منذ 1999، أشار المتدخل إلى أن الحكومة الجزائرية نجحت في إرساء اقتصاد السوق من خلال تطوير المبادلات التجارية مع العديد من الشركاء الأجانب، مبرزا جهودها لتحقيق الهدف المسطر للخروج من التبعية للنفط؛ من خلال تشجيع الاستثمار واستحداث الثروات والشغل وإرساء اقتصاد خارج المحروقات. وردا على استفسارات المجموعة حول قاعدة 49/51 المسيرة للاستثمار الأجنبي بالجزائر، أوضحت السيدة بن شهيدة أن الإجراء الذي تم اعتماده في 2009، لم يمنع كبريات الشركات النفطية من القدوم للاستثمار في الجزائر، فيما أشار سفير الجزائر بواشنطن مجيد بوقرة، إلى أن هذه القاعدة أوكلت الإدارة المالية العملية للمؤسسة المختلطة للشريك الأجنبي. إشادة بجهود تعزيز دولة القانون، ودعوة إلى تحسين التواصل فضلا عن الجهود التي تبذلها من أجل استقرار المنطقة وتقوية اقتصادها الوطني، حظيت التجربة الجزائرية في تعزيز دولة القانون وترقية الممارسة الديمقراطية عن طريق الإصلاحات السياسية العميقة، بإشادة أعضاء مجموعة التفكير الأمريكية، الذين أكدوا أن الكثير من الجهود تم بذلها في الجزائر في هذا المجال. وتطرق المتدخلون لمراجعة الدستور التي اعتبروها "مرحلة هامة، تعكس الإرادة السياسية للسلطات في مباشرة الإصلاحات التي تعزز حرية التعبير، إلى جانب مشاركة المرأة في الحياة السياسية"، لافتين، في المقابل، إلى ضرورة مرافقة هذا التقدم بجهود كبيرة في مجال الاتصال؛ من أجل التعريف، بشكل أكبر، بالجزائر في الخارج. وحول هذه النقطة، سجلت السيدة بن شهيدة وجود العديد من الملاحظات غير الموضوعية المتناقلة حول الجزائر. وذكّرت بأن "العشرية السوداء كانت فاصلة في رؤية الآخرين لبلدنا"، معترفة بكون هذه الأحكام المسبقة "هي نتيجة غياب في التواصل". من جهته، دعا سفير الجزائر بواشنطن، الصحافة الأمريكية إلى إعداد تقييمها الخاص وعدم الاكتفاء بنقل ما تنشره الصحافة الفرنسية التي تروّج لتقييمات غير موضوعية حول الجزائر، مؤكدا أن الجزائر لها تاريخ طويل من الاستعمار الوحشي، الذي يشجع فرنسا على الترويج لنفس الصور النمطية، ويحول دون أي تقييم موضوعي حول الجزائر.