تَواصل أمس إضراب السائقين في المؤسسة الوطنية للسكك الحديدية ليومه الثامن بدون أن تظهر أي بوادر لانفراج الوضع والتوصل إلى حل يرضي الطرفين ويعيد المياه إلى مجاريها، في وقت يواجه المسافرون وزبائن القطار معاناة حقيقية، خاصة مستعملي خطوط الضواحي بشرق وغرب العاصمة، بينما قدّرت مصادر من المؤسسة ل "المساء"، الخسائر بأكثر من8.8 مليار سنتيم خلال ثمانية أيام من الإضراب. وفي هذا الصدد، تأسف عضو بالفيدرالية الوطنية للسككيّين في تصريح ل "المساء"، لما آلت إليه الأوضاع وتواصل الإضراب الذي دخل أمس أسبوعه الثاني بدون الوصول إلى حل يرضي الطرفين، مشيرا إلى أن المطلب الوحيد الذي يُعتبر شرعيا، هو ذلك الذي يخص توظيف التقنيين والتقنيين السامين الذين تتكفل مصلحة تقنية مختصة بهم. أما فيما يخص النقطة الثانية التي وقع بشأنها الإشكال ويتواصل الإضراب بسببها، فتتعلق، حسب محدثنا، بمطالبة بعض سائقي القطار بتصنيفهم وترقيتهم حسب الشهادة، الأمر الذي لا تتفق فيه الفيدرالية مع المضربين "لأن ذلك سيخلق فرقا بينهم وبين السائقين الآخرين، الذين يوجدون في باقي الرتب"، حيث أكد مصدرنا أن المديرية العامة والفيدرالية ليست ضد العمال الذين يبلغ عددهم الإجمالي 12 ألفا و500 عامل يعانون كلهم من مشكل التصنيف، موضحا أنه في حالة قيام الإدارة بالإمضاء على وثيقة تعترف فيها بأحقية الفئة المضربة في التصنيف، فإن 11 ألفا و200 عامل سيتوقفون هم أيضا عن العمل، ويطالبون بنفس الوثيقة، وهذا هو الإشكال المطروح، يضيف المتحدث، الذي قال إن الترقية لا يمكن أن تمس فئة دون أُخرى، وأن المؤسسة تقوم بدراسة حول كيفية تطبيق هذه الترقية، التي يُنتظر أن تمس جميع الموظفين. من جهة أخرى، دعا عضو الفيدرالية والعامل بالشركة منذ حوالي 30 سنة، المضربين إلى التعقل والعودة للعمل؛ خدمة لمصلحة العمال والشركة والزبائن والمصلحة العامة، متعهدا باسم الفيدرالية، بتسوية وضعية فئة العمال منذ التاريخ الذي توقفت فيه عقودهم؛ أي من 2 مارس 2015. وفي هذا الصدد، ذكر المتحدث أن في الاجتماع الذي تم يوم السابع ماي الجاري أي عشية الإضراب، اتفق الأمين العام للفيدرالية مع المدير العام للشركة، على بعض النقاط التي تخص التقنيين، وكذلك بعض المكاسب الأخرى لفائدة السائقين، منها عندما يدهسون شخصا سيذهبون للمحكمة كشهود وليس كضحايا، لكن هؤلاء شنوا الإضراب في اليوم الموالي للاجتماع، وقدّموا لائحة فيها خمس نقاط لا توجد فيها أي نقطة تتحدث عن التقنيين السامين. بدوره، أكد المدير العام للشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية ياسين بن جاب الله في تصريح ل "المساء" أمس، أن المضربين متمسكون بحل ليس بين أيدي الفيدرالية ولا الإدارة، وأن مواصلتهم الإضراب لن تأتي بأي نتيجة، مشيرا إلى أنه في حال ما إذا تم تطبيق مطلب السائقين سيتم الدخول في إضراب آخر من طرف باقي العمال. وفي هذا الصدد، ذكر المتحدث أن الشركة عينت خبيرا حياديا يدرس الملف الخاص بتصنيف العمال، وتحديد طريقة تجسيد سلّم الترقيات الجديد وإعطاء كل ذي حق حقه، حيث كان من المفروض أن تعود المياه إلى مجاريها، غير أن المضربين رفضوا التعقل، مشيرا إلى أنه ليست الأقلية هي التي تقرر ما يطبَّق؛ في إشارة إلى السائقين المضربين الذين يطالبون برفع درجة التصنيف، وأن كل واحد يتحمل مسؤوليته، مؤكدا أن حجم الخسائر فاق ثمانية ملايير سنتيم منذ بداية الحركة الاحتجاجية. يُذكر أن المحكمة الإدارية أكدت على عدم شرعية الإضراب، ودعت المضربين إلى ضرورة العودة العاجلة لمناصب عملهم، بينما برمجت الشركة بعض الرحلات لتقديم أدنى خدمة للزبائن الذين يعانون منذ بداية الإضراب، حيث تمثل 25 بالمائة مما كانت عليه بالنسبة لخط الجزائر -الثنية، ونحو 20 بالمائة من الرحلات التي تربط العاصمة بالعفرون، حيث تستمر معاناة المواطنين الذين يُعتبر القطار وسيلتهم الأولى وعجزوا عن إيجاد بديل لذلك، كون الحد الأدنى من الخدمة لا يلبي احتياجات المسافرين، الذين عبّروا عن تذمرهم وسخطهم من هذا الوضع.