أكّدت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي أنّ مكافحة المتاجرة غير الشرعية في الممتلكات الثقافية تعتبر أحد أهمّ انشغالات الجزائر، خاصة وأنّ هذه الظاهرة الوطنية والعابرة للأوطان تشكّل عواقب وخيمة على تراثنا وهويتنا، مشيرة إلى أنّ وزارة الثقافة عملت منذ سنة 2003 على إعداد وإصدار كلّ النصوص التطبيقية والتنفيذية وعددها لا يتجاوز 30 نصا، والتي نصّ عليها قانون 98 - 04 المتعلّق بحماية التراث الثقافي والصادر في جوان 1998 · الوزيرة خلال إشرافها على انطلاق الدورة التدريبية الأولى لتكوين أعوان الأمن الوطني في مجال حماية الممتلكات الثقافية والمتاجرة غير الشرعية بها، أضافت أنّ مكافحة المتاجرة غير الشرعية في الممتلكات الثقافية تعتبر مسألة مهمّة جدّا، حيث سمح تضافر الجهود بين مختلف أسلاك الأمن والوزارة من استرجاع 970 قطعة بين تحف وقطع أثرية، وتمّت هذه العمليات في 14 ولاية من بينها ورقلة، قسنطينة، قالمة، سطيف، إليزي، باتنة، خنشلة، تيبازة، ادرار والعاصمة· وفي سياق متّصل؛ أوضحت تومي بأنّ مثل هذه الدورات التكوينية تعدّ مبادرة جديدة جادة وفعلية ستسمح بحماية جيّدة وفعّالة للتراث الثقافي الجزائري، وتجسيدا لقناعة مفادها أنّ الكفاءات المتكوّنة هي وحدها القادرة على مواجهة ظاهرة المتاجرة بالممتلكات الثقافية الخطيرة والعابرة للحدود، مضيفة أنّ الجزائر مدركة التهديدات التي تطال التراث المادي وغير المادي، وقد صادقت منذ سنة 1974 على الاتفاقية الدولية المتعلّقة بالإجراءات الواجب اتّخاذها لمنع الاستيراد والتصدير والتحويل اللاشرعي للممتلكات الثقافية· وفي إطار احترام التزام الدولة الجزائرية مع المجموعة الدولية، ذكرت تومي إدماج مبدأ مكافحة التجارة غير الشرعية بالممتلكات الثقافية ضمن قانون 98 - 04، علاوة على اتخاذ إجراءات قانونية وتطبيقية مثل النصوص التنظيمية المتعلّقة بالجرد العام للممتلكات الثقافية، وتلك المتعلّقة بالمتاجرة بالممتلكات الثقافية، أوالحق في تفقّد والبحث في الممتلكات الثقافية للفنانين، أوالإجراءات المتعلّقة في كيفيات تصدير وتحويل الأعمال الفنية وكذا تلك المتعلّقة بالشروط الواجب احترامها في عمليات البحث الأثري، وذلك فضلا عما تنصّ عليه النصوص المتعلّقة بحقوق المؤلّف والحقوق المجاورة· وأردفت الوزيرة كلامها بالتوقّف عند مختلف النشاطات التكوينية التي بادرت إليها الوزارة مع مختلف الهيئات، حيث عدّت النشاطات التكوينية والعمليات التحسيسية الموجّهة إلى عناصر الأمن الوطني، الدرك الوطني والجمارك الجزائرية، وقالت بأنّ هذه الدورات التدريبية سمحت باستحداث خمس خلايا جهوية للدرك الوطني متخصّصة في مكافحة التهريب والمتاجرة غير الشرعية بالممتلكات الثقافية، وذلك زيادة على التنسيق المحكم بين مصالح الجمارك الجزائرية ومديريتي ديوان الحظيرة الثقافية للتاسيلي وديوان الحظيرة الثقافية للأهقار، والتي ترجمت على مستوى المطارات ونقاط مراقبة الدخول إلى الحظيرتين· وعن التعاون الثنائي بين وزارة الثقافة والمديرية العامة للأمن الوطني، أشارت تومي إلى أنّ الهيئتين تشاركان جنبا إلى جنب في الاجتماعات الدولية المخصّصة لمكافحة التهريب والمتاجرة غير الشرعية في الممتلكات الثقافية المنظّمة تحت رعاية الأنتربول، وقالت بأنّ الجزائر وخلال الاجتماع الثاني المنظّم في فيفري 2007 بواغادوغ وجلبت اهتمام الخبراء لحسن تعاونها، وكذا تميّز التنسيق والتشاور بين مصالحها الأمنية والهيئات المكلّفة بالتراث في وزارة الثقافة لتكشف عن احتضان الجزائر شهر مارس2008 للاجتماع الثالث بهدف التعرّف أكثر على التجربة الجزائرية والسعي لاستفادة الدول الإفريقية الأخرى منها· من جانبه أكّد السيد رابح لاج مدير الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني أنّ هذه الدورة التدريبية تأتي في وقت تتناول فيه مختلف الأطراف أهمية حماية التراث الثقافي المادي وغير المادي، وكذا انتشار ظاهرة المتاجرة بالممتلكات الثقافية والتهريب والسرقة مع تفشي وتطوّر أساليب جديدة ومختلفة لهذه المتاجرة وخلق شبكات متخصّصة جعلت من التهريب مصدرا للثراء· وأضاف السيد لاج أنّ هذه الدورة تدخل ضمن مسعى المديرية العامة للأمن الوطني الرامية إلى تدعيم التكوين المتخصّص واكتساب تقنيات التحقيق لحماية التراث الثقافي الوطني بصرامة واحترافية تكون في مستوى تطلّعات السلطات المختصة· وحسب السيدة زادم مفتّشة مركزية بوزارة الثقافة مختصة في التراث فإنّ هذا التربّص الذي يحمل شقين نظري وتطبيقي سيسمح لضباط الشرطة القضائية وشرطة الحدود من الاقتراب أكثر من التراث واكتساب معارف جديدة متعلّقة بالموروث الثقافي والحضاري للجزائر، وأشارت ل"المساء" أنّ" الجانب النظري الذي يدوم أسبوعا، سيمكّن الضبّاط الستين من التعرّف على مختلف القوانين والنصوص التطبيقية علاوة على الاتفاقيات الدولية الرامية للحفاظ على التراث الثقافي المادي وغير المادي، الجانب التطبيقي الذي يدوم ثلاثة أسابيع ويكون داخل مختلف المتاحف الوطنية، سيسمح من الاحتكاك المباشر بالقائمين على صون وترميم التحف الأثرية