يتبادل رواد "الفضاء الأزرق" الملايين من النكت يوميا عبر صفحاته وتزداد نسبة تداولها خلال المناسبات أو الأحداث الدولية، حيث يتم من خلالها التعليق على حدث أو ظاهرة من خلال الصور والملصقات التي باتت تعبر عن مجموع الأحاسيس التي يريد الفايسبوكي إيصالها إلى مجموعته أو لكل من يمكنه الاطلاع على منشوراته. تعتبر النكتة ظاهرة إبداعية وإنسانية واجتماعية، وهي تعبير خيالي طريف يثير الضحك عند متلقيها لما بها من مبالغة وتهويل.. وأحيانا تبسيط وتسطيح للأمور وهي مؤثّرة وناقدة وكاشفة عن كثير من الجوانب، فهي نتاج فكري طريف يطول كل شرائح المجتمع، فلا تدع لا رجال الدين ولا رجال السياسة، لا الأطباء والمدرسين أو المتمدرسين، تطال الأغبياء والأذكياء والبخلاء، المجانين والأشرار والطيبين وحتى الحيوانات، حاملة في جوهرها متناقضات عجيبة غريبة. ومن خاصية النكتة أنها تستطيع الشيوع وسط الناس كالنار في الهشيم، وقادرة على زرع الابتسامة على وجه المكتئب حتى في أحلك الظروف. الجدير بالذكر أن النكتة تحمل انعكاسات عديدة؛ اجتماعية، نفسية، اقتصادية.. ومن خلالها يمكن التعرف على الكثير من الجوانب، والسخرية في النكتة هي العنصر الحيوي والجوهري الذي يدفع بمتلقي النكتة إلى الضحك بعفوية. وقد كانت النكتة تشكل متنفسا حقيقيا في وقت مضى، حيث يتبادلها الأصدقاء في جلساتهم عند تناولهم القهوة والشاي أو في خرجات السمر، كما يتداولها أفراد الأسرة والعائلة على نطاق واسع، وكذا الأبناء في المدرسة وتلقى الرواج الكبير في الشارع، إلا أنها لم تعد بنفس القوة التي كانت عليها، إذ تلاشت من أجندة الترفيه والسخرية اليومية للمواطن بفعل التغيرات التي طالت كل مناحي الحياة وأصبحت قليلة التداول. "الفضاء الأزرق" يؤمن النكتة والضحكة يوميا يجد عشاق الدعابة والمرح من الفايسبوكيين، ضالتهم في مئات النكت التي تنشر على الصفحات أو تلك المتداولة بفعل النشر على نطاق أوسع، وقد استطاع هؤلاء خلق شخصيات مميزة راعية للنكتة، وهي وجوه باتت معروفة لدى الجميع، منها الوجه البشوش الضاحك دوما لرجل يطل كل مرة ليعلق على ظاهرة اجتماعية أو حالة عاطفية بأسلوب ساخر يجر القهقهة، وأخرى لوجه مستدير سائم دوما وكثير التذمر والشكوى، إلا أن شكواه كلها مضحكة. ولاكتمال الفرجة لم يغفل الرواد والمتابعين على خلق شخصية فايسبوكية لفتاة تعكس تصرفات أو هفوات الفتيات في قالب هزلي. تختلف شخصيات رسومات النكت بين شباب ومراهقين وصورة مميزة للحماة صعبة المراس، ولعل أكثر ما يتم تداوله بين المراهقين في صور مختلفة تحمل مفهوم الأنفة وعدم الرضوخ للآخر من خلال الأغنية الأخيرة للمغني المغربي سعد لمجرد "أنا ماشي ساهل"، التي حققت أكبر عدد من المنشورات في صور مختلفة لشباب وشابات في وضعيات مختلفة. تقول حنان 14 سنة؛ أنضم إلى مجموعة، نملك صفحة كلها نكت، يسعى كل واحد منا إلى نشر منها ما يمكن أن يجذب اهتمام الآخرين ويجعلهم يشاركوننا النشر ويضغطون "لايك"، مثلا: نشرت اليوم نكتة تقول؛ "شعرت بالعطش وفتحت الثلاجة للشرب فوجدت أزيد من سبعة أنواع من قنينات المشروبات الغازية لماركات مختلفة محلية وعالمية، كلها مملوءة بالماء، فاخترت من أين أشرب". ول"المزطول" نصيب الأسد من النكت المتداولة، وهو ما يعكس واقعا أليما للأسف. وتختلف الحكايات المنسوجة حول هذه الشخصيات، إلا أنها تصب في قالب واحد، وهو الفهم الخاطئ والبعيد كل البعد عن الواقع، ومن بين النكت التي جمعت قدرا كبيرا من "اللايك" حول هذه الشخصية؛ نكنة "المزطول" الذي أوكلت له عملية حراسة المسجد بغرض الابتعاد عن رفقة السوء والاستقامة، وفور سماعه للآذان، قام بغلق أبواب المسجد وعلق لافتة "مغلق عودوا بعد قليل". كما لم يغفل عشاق النكتة عن التطرق للعديد من المواضيع وطرحها في قوالب مختلفة، منها إشكالية تأخر سن الزواج بالنسبة للجنسين والذي تعكسه النكتة التالية؛ "قالت الأم: يا ولد وين رايح؟ فقال لها: قولي لبابا رايح نحضر زواج واحد أصغير أعليا". وهو ما يطلق عليه الفايسبوكيون مفهوم القصف، بمعنى "زوجوني". وفيما يخص قصص الكنة والحماة، فالقصص المحاكة ب"الفضاء الأزرق" كثيرة وكلها مضحكة وتصب في قالب تدمير موقع العدو. كما اختار الفايسبوكيون وصفه بأنها حرب حامية الوطيس. سلسلة "هل تعلم؟" موجودة أيضا لكنها مختلفة، فهي حبلى بالنكت المضحكة، منها النكتة التالية: هل تعلم أن لدي القدرة على النوم ل24 ساعة متواصلة، إلا أن أهلي لا يدعمون هذه الموهبة"، "عمرها 8 سنين وتقول: شحال نكره الغالكسي تاعي كي يتبلوكا، أنا كي كنت قدها اشراولي ممحاة اتع فراولة من الفرحة بزاف أكليتها". النكتة الفايسبوكية متنفس حقيقي أشار العديد من محدثينا من رواد الفايسبوك إلى أن قضاء أوقات من المرح مع الأصدقاء بتبادل النكت يجعل الشخص سعيدا وفي معنويات مرتفعة، وهو ما يفسر اختيار البعض لمجموعات تطبعها الدعابة والمرح. يقول سفيان طالب في الثانوي: "فتحت حسابا على الفايسبوك حتى أبقى على اتصال مع زملائي وأصدقائي، وغالبا ما نكسر الروتين بتبادل النكت من خلال النشر أو على الخاص، أي الرسائل، ولأنني أحب النكتة، أبحث دوما عن الجديد فيها وفي مجالات مختلفة وتجدني جالسا على الكرسي أقهقه، وقد تعود والداي على الأمر، بالنسبة لهما جلوسي وراء الكمبيوتر وتبادل الحديث مع الأصدقاء أفضل من الخروج إلى الشارع، خاصة ليلا".