أكد ممثل مكتب الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، باناجيوتيس باباديميتريو، أول أمس، أن الحالات "القليلة" المتعلقة بالاتجار بالبشر المبلّغ عنها في الجزائر "تعد حالات معزولة"، مشيرا إلى أن المكتب "يقدم دعمه ومساهمته للجزائر بهدف مساعدتها على كشف الحالات غير المكشوفة"، في حين أشار ممثل وزارة الشؤون الخارجية السيد مراد عجابي، إلى أنه سيتم إنشاء لجنة وزارية مشتركة للوقاية من الاتجار بالبشر ومكافحته بالجزائر، بعد إصدار مرسوم رئاسي حول هذه المسألة في المستقبل القريب. جاء ذلك لدى افتتاح ورشة نظمها المكتب حول التحسيس في مجال مكافحة الاتجار بالبشر لفائدة الصحفيين وممثلي وسائل الإعلام. ممثل وزارة الشؤون الخارجية السيّد مراد عجابي، أوضح في حديثه عن ظاهرة الاتجار بالبشر أن الأمر يتعلق "بظاهرة هامشية" في الجزائر، مشيرا إلى أن هذه الورشة تهدف إلى توضيح مفهوم الاتجار بالبشر لتفادي اللّبس والخلط. فيما يتعلق باللجنة التي ينتظر تنصيبها قال عجابي، إنها تترجم التزام الجزائر وعزمها على مكافحة الاتجار بالبشر بتنسيق النشاطات المتعلقة بهذا المجال. وتتمثل مهامها الرئيسية في متابعة وتطبيق الأدوات القانونية الدولية ذات الصلة التي صادقت الجزائر عليها، والتعاون وتبادل المعلومات مع الهيئات الوطنية والدولية وكذا إنجاز برامج تكوينية وتحسيسية حول هذه المسألة. للإشارة وضعت الجزائر ترسانة قانونية لتجريم الأفعال المرتبطة بالجريمة الدولية في إطار قانون العقوبات الذي يقر بعقوبات جد قاسية ضد من يرتكب مثل هذه الأفعال. ويمنع القانون رقم 09 - 01 المؤرخ في 25 فبراير 2009 المعدل والمتمّم للأمر رقم 66-156 المؤرخ في 8 جويلية 1966، المتضمّن قانون العقوبات "استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي أو استغلال الغير في التسوّل أو الخدمة كرها أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء". القانون يعتبر ظاهرة الاتجار بالبشر "كل تجنيد أو نقل أو إيواء أو استقبال شخص أو أكثر بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال الإكراه أو الاختطاف والاحتيال أو الخداع أو إساءة استعمال السلطة أو استغلال حالة استضعاف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة على شخص آخر بقصد الاستغلال" . كما ينص القانون على عقوبات بالسجن تتراوح ما بين 3 إلى 20 سنة وغرامة مالية تقدر ما بين 300.000 إلى 2 مليون دج حسب طبيعة وخطورة المخالفة. للتذكير ردّت وزارة الشؤون الخارجية في جويلية الفارط، على محتوى التقرير ال16 لكتابة الدولة الأمريكية حول الاتجار بالبشر، حيث سجلت بأسف شديد تصنيف الجزائر مرة أخرى في "الفئة 3" التي تشمل دولا "لا تحترم كليا أدنى المعايير للقضاء على الاتجار بالبشر ولا تبذل جهودا لبلوغ هذا الهدف". المتحدث أوضح أن هذا التصنيف "غير قائم على تقييم صارم للوضع بل يستند إلى مصادر تقريبية تفتقد للمصداقية، ويقوم على معلومات خاطئة بل ومغلوطة"، مشيرا إلى أن هذه المذكّرة "لم تقدّر حق قدرها الجهود المعتبرة التي تبذلها الجزائر في مجال الوقاية من الاتجار بالبشر"، باعتبار أن هذه الآفة هامشية في الجزائر وغريبة عن قيم وتقاليد المجتمع الجزائري". وتضمّنت الفئة الثالثة إلى جانب الجزائر، السودان، سوريا، جيبوتي، جزر القمر، موريتانيا، إيران، جنوب السودان، روسيا، روسيا البيضاء، تركمنستان، أوزباكستان، فنزويلا، زيمبابوي، ابليز، بورما، بوروندي، جمهورية إفريقيا الوسطى، هايتي، غينيا الاستوائية، إيريتريا، غامبيا، غينيا بيساو، كوريا الشمالية، جزر المارشال، سورينام، بابوا غينيا الجديدة. رئيس الهيئة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، كان قد انتقد في تصريح ل«المساء" ما جاء في التقرير الأمريكي من تصنيف للجزائر في خانة الدول التي تتاجر بالبشر. مضيفا "أن التقرير مرفوض من البداية إلى النهاية، لأننا لا ندري من أين جاؤوا بهذه المعلومات"، كما طالب قسنطيني، الخارجية الأمريكية بتوضيح هذه التهم عن طريق كشف المصادر والمعطيات حيث قال "إذا كانوا محقّين فعليهم أن يعطونا المعلومات".