نشط، أمس، وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، السيد عبد القادر مساهل، ندوة صحفية مشتركة مع وزير الشؤون الخارجية الليبي، السيد محمد الطاهر سيالة، تطرقا فيها إلى الأزمة الليبية. مساهل جدد الدعم الثابت للشعب الليبي ومرافقته في إيجاد حل تصالحي بين كل الأطراف من أجل إنهاء الخلافات الداخلية، وأكد وزير الشؤون المغاربية أن الحل بيد الليبيين، والليبيين دون سواهم. وأبدى استعداد الجزائر لمساعدة الأطراف الليبية في التوصل إلى إرساء مصالحة وطنية اعتمادا على التجربة الجزائرية. مؤكدا بأن كل المبادرات التي تدور خارج الليبيين أنفسهم لن تقدم شيئا في حل الأزمة. وأن الجزائر التي تتخذ موقفا متوازنا وحياديا في تعاملها مع كل الأطراف الليبية، تنطلق في هذا الموقف من مبدأ حسن الجوار واعتبارا على أن العمق الأمني الليبي هو امتداد للعمق الأمني الجزائري. وأن العمق الأمني الجزائري هو المحرك الرئيسي لهذا الموقف الصادق الذي لا تغذيه أي أطماع أو حسابات جيوسياسية أو حتى اقتصادية، مبرزا بأنه لا وجود لجالية جزائرية في ليبيا تستدعي هذا الموقف، يعني ببساطة أن المقاربة الجزائرية تستند إلى مرجعية حسن العلاقات بين البلدين ورد الجميل لليبيين الذين وقفوا مع الثورة الجزائرية منذ بدايتها ورافعوا من أجل استقلال الجزائر دون حسابات. لذلك، يبرز السيد مساهل في الندوة الصحفية أن العلاقات الجزائرية - الليبية والموقف الجزائري تحديدا في دعوته الليبيين على اختلاف مواقفهم إلى الجلوس إلى طاولة الحوار واتخاذ القرار الأنسب الذي يسمح لليبيا بتخطي محنتها وغلق باب أي تدخل أجنبي. وهذا في انسجام تام مع مواقف الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي. ومن ثمة فإن الجزائر متمسكة بوحدة التراب الليبي وسيادته ولن تقبل بأي مناورة أو مسعى لتقسيم ليبيا. من جهته، كشف السيد محمد الطاهر سيالة أن الحكومة والسلطات الليبية التي تحظى بالشرعية الافريقية والأممية تدرك بأن المقاربة الجزائرية هي المجردة من كل حسابات وأطماع، مضيفا بأن الليبيين باتوا يدركون تمام الإدراك خلفيات وحسابات تدّعي في الظاهر السعي إلى إطفاء نار الفتنة في ليبيا لكن ما تحت "الطاولة" يسير عكس الظاهر. بل تسببت هذه التدخلات في تأجيج الخلافات بين الأطراف الليبية التي كادت أن تتوصل إلى صلح الشجعان. داعيا هذه الأطراف (دون أن يذكرها بالاسم) إلى ترك الليبيين يحددون مصيرهم بأنفسهم، قائلا بالحرف الواحد: "اتركونا وشأننا" وكشف السيد سيالة بأن زيارته للجزائر بمعية وزير الخارجية والوزير الأول، تهدف إلى الاستفادة من نصائح المسؤولين الجزائريين وفي مقدمتهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وعلى الخصوص فيما تعلق بتجربة المصالحة الوطنية الجزائرية. وعلق على اجتماع باريس الذي لم تدع إليه الجزائر بطريقة دبلوماسية بأن ليبيا تعول كثيرا على النصح والموقف الجزائري. طرابلس تطلب من الجزائر الضغط على الأطراف المعرقلة للاتفاق طلب وزير الخارجية بحكومة الوفاق الوطني، محمد الطاهر سياله، من الجزائر لعب دور الإقناع لدى أطراف معرقلة (لم يسمها ولم يحددها) لاتفاق حكومة الوفاق الوطني، بإلزامها الكف عن محاولات التشويش على جهود الاستقرار في بلاده، مشيرا إلى ضرورة أن تكون هناك ضغوط دولية في هذا الاتجاه، كما أوضح أنه لو تركت الأمور الليبية لليبيين في البداية لتحققت المصالحة فيما بينهم في وقت قياسي. من جهته أكد وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، عبد القادر مساهل، أن المقاربة الجزائرية في حل أزمة ليبيا والمرتكزة على الحل السياسي، أضحت تتمتع بمصداقية لدى الشركاء. جاء ذلك في ندوة صحفية مشتركة عقدها مساهل، بمعية سيالة بفندق الأوراسي، بمناسبة الزيارة التي يقوم بها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج للجزائر، إذ تندرج مثلما قال وزير الخارجية الليبي، في إطار جولات يقوم بها إلى عدد من الدول لإزاحة العراقيل التي تعترض تطبيق الاتفاق السياسي في بلاده، مع دعوة المجتمع الدولي للعب دوره في الضغط على أطراف مازالت تشوش على المسار الليبي. وزير الخارجية الليبي أشاد في هذا الصدد بدور الجزائر في حل أزمة بلاده من خلال الاجتماعات التي احتضنتها في العديد من المرات للفرقاء الليبيين، ودعوتها للمصالحة الوطنية ووحدة وسيادة ليبيا، ليستطرد في هذا السياق "نجزم أن الجزائر من الدول الفعّالة في أي اجتماع يتعلق بالمسألة الليبية". سيالة أوضح أن "ما يعيق المصالحة الوطنية في ليبيا هي التدخلات الأجنبية المعلنة وغير المعلنة"، معتبرا أن "الدبلوماسية الليبية في الوقت الراهن تعمل على إقناع الآخرين في أن يتركوا الليبيين يقررون مستقبلهم بأنفسهم". دور الجزائر لا يتوقف عند العمل على وقف الفوضى التي تعرفها ليبيا على المستويين الإقليمي والدولي، بل أيضا بالاستفادة من تجاربها الوطنية. وهو ما أشار إليه سيالة، عندما كشف عن طلب السلطات الليبية رسميا من نظيرتها الجزائرية الاستفادة من تجربتها في مجال المصالحة الوطنية مع تسليمها الأدبيات والتشريعات التي سنّت في هذا المجال للاستفادة منها، معلّقا في هذا الصدد "سنستفيد من سياسة الوئام المدني التي تحققت بفضل حكمة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة". كما أكد على الإيمان الراسخ لدى المجلس الرئاسي، بأنه لن يكون هناك حل في ليبيا إلا بين الليبيين وبمصالحة حقيقية بينهم. مساهل أكد في رده على وزير الخارجية الليبي، أن الجزائر على استعداد ل«مرافقتكم في هذا المجال (المصالحة) حتى يتم تحقيقها"، مجددا التأكيد على أن بلادنا نادت ودافعت دوما أمام شركائها عن أن الحل للأزمة الليبية لن يكون إلا عبر الحوار والمصالحة الوطنية. وأضاف أن الجزائر ليست لها أطماع إستراتيجية في ليبيا على عكس بعض الدول الأخرى التي لم تتردد في تشجيع أطراف ليبية لعرقلة الاتفاق. واستبعد في هذا الصدد أن يشهد هذا الأخير تعديلات في محتواه أو حتى التفاوض بشأنه، انطلاقا من أن المرحلة الحالية تقتضي تطبيقه على أرض الواقع "لأننا نريد اختصار المسافة للمواطن الليبي الذي يتطلع إلى السّلم والاستقرار" كما قال .مساهل أكد من جهته أن العمل الثنائي ومتعدد الأطراف لحل الأزمة الليبية مازال متواصلا حتى في عواصم العالم الأخرى، مشيرا إلى أن الجزائر كانت السبّاقة للدعوة إلى تبنّي الحل السياسي ودعم الحوار و المصالحة بين أطياف الشعب الليبي دون التدخل في الشؤون الداخلية في هذا البلد، معلّقا في هذا الصدد "نعرف قدرة الليبيين في حل مشاكلهم بأنفسهم ونحن نتعامل معهم كشركاء، ما يهمنا هو استقرار ليبيا لأن ذلك استقرار لكل المنطقة". كما ذكّر بالتسهيلات التي قدمتها الجزائر في إطار اجتماعات الفرقاء لإزاحة العقبات التي كانت تعترض الوصول إلى إبرام اتفاق. وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، أوضح أن هناك إجماعا دوليا على الحل السياسي والحفاظ على وحدة التراب الليبي، ومساندة المجلس الرئاسي ودعوة كل الأطراف لتطبيق اتفاق 17 ديسمبر 2015. اجتماع اللجنة الخماسية ودول الجوار أواخر أكتوبر مساهل أوضح أنه على غرار اجتماع دول الجوار الليبي الذي يتم التحضير لعقده شهر أكتوبر الجاري بعاصمة النيجر نيامي، ستعقد اللجنة الخماسية المنبثقة عن قمّة سابقة للاتحاد الإفريقي والتي تضم رؤساء دول إفريقية اجتماعا مع دول الجوار لمتابعة الوضع بليبيا وسيكون ذلك أواخر شهر أكتوبر الجاري على أبعد تقدير، دون أن يشير إلى مكان عقد الاجتماع وذلك بمبادرة من الاتحاد الإفريقي. بخصوص ندوة باريس حول ليبيا التي انعقدت أمس، وغيّبت عنها العديد من الأطراف المعنية بالأزمة الليبية، قال مساهل، إن ما يهم هو تواجد "إخواننا الليبيين في الجزائر للتحاور معهم"، في حين أوضح وزير الخارجية الليبي أن "هذا الاجتماع جاء بمبادرة فرنسية وأن الحكومة الفرنسية هي من استدعت المشاركين في هذا الاجتماع"، مشيرا إلى أن مسار التعاون بين الحكومة الليبية وشركائها الإقليميين لن يتأثر. فيما يتعلق بالوضع الميداني المرتبط بعملية "البنيان المرصوص" التي أطلقها المجلس الرئاسي الليبي، للقضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي في البلاد، أكد السيد سيالة، أن «هذه العملية هي عملية ليبية بحتة تقوم بها ليبيا نيابة عن المجموعة الدولية بكاملها على اعتبار أنها تتعلق بإرهاب دولي عابر للحدود". المتحدث أكد أن العملية حققت تقدما كبيرا وأنها تنحصر حاليا في منطقة جد محدودة بمدينة سرت، موضحا أن التباطؤ في تنفيذ هذه العملية يعود لرغبة قادة العملية في التقليل من الخسائر البشرية. أما بخصوص العلاقة مع الجنرال حفتر، نفى سيالة وجود خلاف معه كونه يبقى قائدا عاما عين بقرار تشريعي صحيح، وأن المسألة تكمن فقط في ضرورة امتثال السلطة العسكرية للسلطة السياسية.