يتوجه الناخبون الأمريكيون اليوم، إلى مكاتب التصويت لانتخاب الرئيس الخامس والأربعين لبلادهم خلفا للرئيس الحالي الديمقراطي باراك اوباما، الذي انتهت عهدته. واختتمت ليلة أمس، الحملة الانتخابية التي خاضها المرشحان الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية هيلاري كلينتون، بعد أن نظما آخر تجمعات لهما في أكبر الولاياتالأمريكية والتي عادة ما يحسم كبار الناخبين فيها النتيجة النهائية للانتخابات. وركن المرشحان إلى الراحة بعد حملة انتخابية ماراطونية دامت قرابة 18 شهرا في انتظار ما ستسفر عنه نتيجة انتخابات «الثلاثاء الكبير» ولكن بزيادة نسبة الأدرينالين التي تخلّفها عادة وضعية الترقب والانتظار لموعد حاسم بأهمية رهان التربع على كرسي الرئاسة الأمريكية. وهي الصورة التي أرادت أن تكرسها هيلاري كلينتون، أمس، في آخر تجمع نظمته بولاية بنسيلفانيا، حضره الرئيس باراك اوباما، سندها الرئيسي وزوجته ميشال وابنتها شيلسي بالإضافة إلى زوجها بيل، في صورة أرادت أن تؤكد من خلالها أهليتها لقيادة بلد بحجم الولاياتالمتحدة وكسر هيمنة العنصر الرجالي على كرسي البيت الأبيض. وأكدت نتائج سبر الآراء بعد انتهاء الحملة الانتخابية على تقدم طفيف لمرشحة الحزب الديمقراطي، ولكنه تقدم غير مطمئن ومضمون بالنظر إلى المفاجآت التي قد تحملها اللحظات الأخيرة في هذا الموعد الحاسم، خاصة وأن نسبة كبيرة من الناخبين الأمريكيين لا يختارون مرشحهم إلا وهم وراء الجدار العازل داخل مكاتب التصويت. ورشحت آخر عمليات السبر تقدم كلينتون بنسبة 44,9 بالمئة من الأصوات بينما سيحصل ترامب على 42,7 بالمئة ولكن ذلك لم يمنعهما من مواصلة حملتهما إلى غاية اللحظة الأخيرة لتفادي تكرار ما وقع في انتخابات سنة 2000، والضجة التي أحدثها المرشح الديمقراطي آل غور، الذي شكك في فوز جورج بوش الابن واستدعى الأمر إعادة فرز أصوات ولاية فلوريدا في نتيجة قبلها على مضض. وركز المرشحان في خرجاتهما الأخيرة على استقطاب الأغلبية الصامتة التي لم تتمكن عمليات السبر من كشف نواياها مما حال دون وضع نسبة دقيقة لحظوظ هذا المرشح أو ذاك. ورغم هذا المعطى الأساسي الذي يعد خاصية من خصوصيات الانتخابات الأمريكية إلا أن مؤشرات عدة رجحت ميزان كاتبة الخارجية السابقة لأن تكون الرئيسة الخامسة والأربعين للولايات المتحدة بداية من شهر جانفي القادم. وسار قرار مكتب التحقيقات الفيدرالي بعدم متابعة كلينتون، قضائيا بسبب مراسلاتها على حساب غير مؤمّن لمعلومات في غاية السرية، ساعات قبل انتهاء الحملة الانتخابية في هذا الاتجاه ونزل بردا وسلاما على معسكر الديمقراطيين الذين رأوا في ذلك بشارة خير ستفتح لها باب البيت الأبيض على مصراعيه. وبقدر ما ابتهجت كلينتون وحزبها بهذا الخبر السار، أصيب ترامب، بخيبة كبيرة وهو الذي ركز طيلة حملته الانتخابية على إثارة هذه القضية واعتبرها خطأ لا يغتفر لوزيرة للخارجية تريد أن تصبح رئيسة لأكبر قوة في العالم. وقال ترامب بلهجة حملت عبارات الانكسار والحسرة إن مثل هذا القرار يؤكد أن كلينتون محمية من طرف نظام مزوّر، وأضاف «أن هيلاري كلينتون متهمة وهي تدرك ذلك جيدا ومكتب التحقيقات الفيدرالي أيضا والجميع يعلمون أنها متهمة وقد حان الوقت أمام الشعب الامريكي لأن يحكم عدالته داخل مكاتب التصويت». ومهما يكن فإن أنظار كل العالم شعوبا وحكومات ستوجه طيلة نهار اليوم إلى الولاياتالمتحدة تترقب النتائج الفورية لهذه الانتخابات ولاية بولاية لمعرفة من سيكون الرئيس الامريكي القادم كلينتون أم ترامب؟ وهو ترقب يفقد معناه إذا علمنا أن السياسة الخارجية الأمريكية ثابتة ولن تتغير إلا من حيث وسائل تنفيذها سواء من طرف الديمقراطيين أو الجمهوريين.