تتجه حركة البناء الوطني نحو تجسيد تحالفها السياسي مع كل من جبهة العدالة والتنمية وحركة النهضة، لتنضم بذلك إلى الاندماج الاستراتيجي الذي وقع عليه الحزبان منتصف ديسمبر المنصرم، فيما يرتقب أن تعلن حركتا مجتمع السلم والتغيير من جهتهما تحالفهما السياسي، الذي ستخوضان به الانتخابات التشريعية القادمة خلال الأيام القليلة المقبلة. أكد الأمين العام لحركة البناء الوطني، أحمد الدان، أمس، في تصريح ل«المساء» أن مشروع التحالف السياسي مع حركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية، بلغ مرحلة التجسيد مع تحقيق تقدم كبير في مسار الحوار الذي تم فتحه منذ نحو 4 أشهر بين الأحزاب الثلاثة، في إطار اللجان المكلفة ببلورة هذا المشروع، مشيرا في المقابل إلى فشل المفاوضات التي قادتها لجنة ثانية من حركة البناء الوطني مع حركة التغيير، «والتي كانت قد بلغت من جهتها مرحلة متقدمة، قبل أن تختار حركة التغيير في الفترة الأخيرة، التحالف مع حركة مجتمع السلم». وأوضح المتحدث بأن تجسيد التحالف السياسي الاستراتيجي بين «البناء» و»النهضة» و»العدالة والتنمية»، والذي بلغ مراحله الأخيرة، يرتكز على جملة من الأهداف الرامية إلى خدمة الرؤية السياسية والفكرية التي تحتاجها الجزائر في هذه المرحلة ووضع دعائم بناء، يعمل على تعبئة الشارع باتجاه الانتخابات «لأننا نعتقد أن المشاركة الواسعة هي دواء التزوير»، فضلا عن تثبيت فكرة الاستقرار والاعتدال في الساحة الجزائرية، «وذلك من منطلق اعتقادنا بأن الخمس سنوات القادمة تحتاج لاستقرار الدولة والمجتمع». وحسب السيد الدان فإن انضمام حركة البناء الوطني إلى التحالف الاندماجي الذي وقعته حركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية منتصف ديسمبر الفارط، «لا يعتبر اندماجا وإنما تحالفا سياسيا استراتيجيا، سيتم بعد الانتخابات التشريعية القادمة دراسة امكانيات توسيعه بشكل أكبر». وردا عن سؤالنا حول تبرير رئيس حركة التغيير، تفضيل التحالف مع حركة مجتمع السلم، بالحرص على التئام أبناء مدرسة الشيخ محفوظ نحناح، اعتبر الأمين العام لحركة البناء الوطني بأن الشيخ نحناح رحمه الله، هو ملك للجزائريين كلهم وليس للتنظيم الحزبي فقط، وأضاف في هذا الصدد بأن «كل ما يحقق مصلحة الوطن واستقرار البلاد، كان يريح الشيخ نحناح، الذي كان رجلا وطنيا وخطابه كان يعمل على أساس التنازل من أجل الاستقرار»، مؤكدا أن ما يدفع أبناء حركة البناء الوطني اليوم نحو العمل الوحدوي، هو نشر وترسيخ فكر الشيخ محفوظ نحناح في أوساط الشعب الجزائري كافة وليس داخل الحزب فحسب». وتجسيدا لمشروع التحالف بينها، يرتقب أن تعقد مجالس الشورى لكل من حركة البناء الوطني وحركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية، نهاية الأسبوع الجاري دورات استثنائية لتأكيد تحالفها السياسي الاستراتيجي، حيث سبق لجبهة العدالة والتنمية أن أعلنت أن دورة مجلس الشورى الوطني التي ستعقد الجمعة القادم، تخصص أحد محاورها لدراسة الموقف من «مستجدات طارئة»، في إشارة إلى موضوع التحالفات التي سبق وأن باشرت الجبهة مفاوضات حولها، مع حركتي التغيير والبناء الوطني. وإذ يرتقب خلال هذه الدورة الإعلان عن انضمام حركة البناء الوطني، للتحالف الاندماجي لأبناء «النهضة التاريخية»، سيتم أيضا تحديد الموقف حول خيار حركة التغيير التحالف مع حركة مجتمع السلم، والذي كان القيادي في جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف قد برره برغبة حركة التغيير في العودة إلى أحضان الحركة الأم (حمس). ورغم تأكيد مصادر من قيادة حركتي التغيير ومجتمع السلم، قرب تجسيدهما لمشروع الوحدة، المقرر أن يتم الفصل فيه في اجتماعي مجلسي شورى الحركتين نهاية الأسبوع الجاري، فإن الاتصالات بين أبناء التيار الإسلامي من أجل تجسيد مشروع تحالف استراتيجي أكبر لن تتوقف عند هذا الحد، على اعتبار أن أهداف هذا المشروع لا تنتهي عند حدود الانتخابات التشريعية القادمة. وبالتالي فإن الموقف الفاصل لجبهة العدالة والتنمية حول التحالف مع أحزاب إسلامية أخرى خلال اجتماع مجلس الشورى القادم، قد لا يعني بالضرورة طي ملف وحدة القطب الإسلامي، وحصر المشهد في تحالفين اثنين، بل سيتم حسب العديد من أبناء هذا التيار، الإبقاء على هذا المشروع قائما، والعمل بعد الانتخابات التشريعية على إعادة إحيائه وبعثه بشكل أقوى وأوسع.