شهدت الجزائر خلال السنوات الأخيرة، محاولات لنشر الفكر المتطرف الذي بدأ يتوغل إلى عقول الشباب خاصة، من خلال ظهور الفرق الطائفية الضالة والخارجة عن المرجعية الدينية بأبعادها الوطنية المستمدة من روح السنة الشريفة المطهرة، كالشيعية والأحمدية التي تشكل جميعها خطرا حقيقيا على وحدة وتماسك المجتمع الجزائري برمته، ومنه على الوحدة الوطنية التي تعد خطا أحمر لا يمكن تجاوزه من أي كان وبأية صفة كانت وتحت أي غطاء كان. وعن دور المرجعية الدينية بأبعادها الوطنية في محاربة الفكر المتطرف ومنه تأمين عقول وأفكار الشباب الجزائري وتحصين الهوية الوطنية من الثقافات الدخيلة. «المساء» التقت بعدد من المشايخ والأساتذة على هامش الملتقى الولائي الأول حول المرجعية الوطنية الذي احتضنته سكيكدة مؤخرا، وتحدثت معهم في الموضوع. الأستاذ جلول حجيمي، رئيس التنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية والأوقاف: تفكيك اللحمة الوطنية حلم يراود الأعداء يعتبر الشيخ جلول حجيمي أن المرجعية الدينية الوطنية أصبحت مسألة ضرورية، لما تتطلبه مصلحة المجتمع والأمة، بالنظر إلى ما هو حاصل في الوطن العربي والإقليمي والعالمي نتيجة الثورات التي اندلعت باسم طفيليات كانت سببا في خراب الأمم بأكملها باسم الدين، مضيفا بأن الالتفاف حول المرجعية الدينية الوطنية، تجعلنا نعيش في أمن ووئام وتآزر وتناصر حتّى وإن وُجد اختلاف فإنّه لا يؤدي إلى الاقتتال والتفكك، مشيرا إلى أن سنوات الجمر التي مرّت بها الجزائر خلال العشرية الأخيرة وما تركته من آثار سلبية على المجتمع، تركت لنا واجب حماية اللحمة الوطنية والدينية في إطار المرجعية الوطنية التي اعتبرها خطا أحمر، لذا أضحى من الضروري بمكان، كما قال، حماية مرجعيتنا السنية المالكية والعمل على تثمينها مع احترامنا لجميع المرجعيات الدينية في صفها الإسلامي وفي جوفها الفكري والعلمي والتربوي، بعيدا عن التناطح والصدام. وعن أسباب ظهور الطائفية في الجزائر، قال الشيخ جلول حجيمي بأنّ لظهورها أبعادا تتمثل في أجندات أجنبية، القصد منها تفكيك اللحمة الوطنية، ومنه إيجاد قلاقل تدعي حماية الأقلية، مما سيؤدي دون شك إلى عدم استقرار الجزائر. مع الإشارة كما أضاف إلى أنّه ليست لدينا في الجزائر طوائف كما هو موجود في بعض الدول العربية والإسلامية، بل مجرد متعاطفين نتعامل معهم بكل ما تتطلبه المصلحة الوطنية في إطار الحوار الهادئ والتبصير والإرشاد والتوجيه والمجابهة لإظهار الحجة عن المخالف. الدكتور بلقاسم زقرير، أستاذ المعهد الإسلامي تلاغمة مختص في الفقه وأصول الدين: هناك إهمال للفكر الجزائري ذي المرجعية الوطنية من جهته، يرى الدكتور بلقاسم زقرير أن هناك جملة من الأسباب التي تجعل الشباب اليوم يميل إلى غير المرجعية المذهبية في الجزائر، من بينها حسبه الاحتكاك الثقافي من خلال سفر الطلبة إلى الدول الأجنبية كاليمن والسعودية وغيرها، بسبب الغفلة عن دراسة الموروث الوطني، من خلال جهلنا لعلماء الجزائر الذين أسسوا للمعرفة الدينية بداية من القرن الرابع والخامس الهجريين، إضافة إلى مساهمة الإعلام في إبراز وجوه دينية مشرقية عربية على حساب وجوه جزائرية، من أمثال أحمد حماني وعلجات وحتى أبو القاسم سعد الله في التاريخ، زيادة إلى إهمالنا للفكر الجزائري ذات مرجعية وطنية. الدكتور ماحي قندوز، أستاذ بجامعة تلمسان: محاولة الاستعمار تفكيك منظومة الأفكار الأخلاقية للأمة الجزائرية يرى الدكتور ماحي قندوز أن هناك عوامل أثرت على المرجعية الدينية في الجزائر، في مقدمتها الاستعمار الفرنسي الذي عمل على تهديم الهوية الوطنية المتمثلة في الدين الإسلامي واللغة العربية والانتماء إلى الأمازيغ وفي العادات والتقاليد، ومنه تفكيك منظومة الأفكار الأخلاقية للأمة الجزائرية، زيادة إلى دخول الأفكار الواردة بعد الاستقلال، منها الفكر الإخواني والفكر التكفيري والفكر السلفي الذي كان له تأثير على مرجعيتنا الإيديولوجية المنافية للإسلام كالماركسية والعلمانية المتطرفة، وكلها كما قال عوامل خلقت بلبلة في المجتمع، دون إغفال عامل الانفتاح على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام وكلها وسائل ساهمت في عولمة الأفكار، دون إغفال ضعف المؤسسة المسجدية في الجزائر التي لم تساهم في خلق نوع من التوازن في مجتمعنا، وظهور الفرق المتطرفة الخارجة عن المرجعية كالأحمدية والشيعة، دون نسيان الدول الأجنبية التي تدعم تلك التوجهات والأفكار من أجل تفريق كلمة المسلمين وزرع البلبلة بينهم مشيا مع مبدأ فرّق تسد. وعن الحل المناسب الذي يراه كفيلا بتحصين الشباب من تلك التيارات والأفكار الدخيلة، يؤكد الدكتور على وجوب تقوية المناعة الدينية، من خلال الاهتمام بالشأن الديني وخلق بيئة حاضنة ومحصّنة للشباب حتّى لا ينساق وراء كل الأفكار الهدامة مهما كانت. الشيخ عبد الحفيظ عليدرة الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية والأوقاف: لابد من الحفاظ على المرجعية الوطنية من ناحيته، يؤكد الشيخ عليدرة على أهمية الحفاظ على المرجعية الوطنية في الجزائر باعتبارها الحصن المنيع الذي يمنع التيارات الهدامة من التوغل إلى داخل الأفكار، مشددا على ضرورة ترشيد الفتاوى الفقهية لمنع الاختلال الفكري والسلوكي في المجتمع، ونشر العلم الشّرعي المستند إلى الضوابط والأصول العلمية المعتمدة، دون إغفال كما قال جانب التعرّف والتعريف بجهود علماء الجزائر في الحفاظ على المرجعية الوطنية الدينية.