يحدد القانون التوجيهي لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الصادر في العدد الأخير للجريدة الرسمية، جملة التدابير والآليات المستحدثة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتحسين تنافسيتها وقدرتها على التصدير وترقية دورها في المناولة، بما يعمل على تطوير أدائها وإسهامها في دفع التنمية الوطنية. ويهدف نص القانون رقم 17 / 02 الذي يعدل القانون الصادر في 2001 إلى تشجيع خلق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ووضع آليات لمرافقتها خلال مختلف المراحل التي تمر بها هذه المؤسسات، بداية من تسهيل حصولها على العقار الذي تساهم فيه الجماعات المحلية طبقا للمادة الرابعة من النص، التي تنص على أنه «تبادر الجماعات المحلية باتخاذ التدابير اللازمة من أجل مساعدة ودعم ترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا سيما من خلال تسهيل الحصول على العقار الملائم لنشاطاتها، وتخصيص جزء من مناطق النشاطات والمناطق الصناعية». ويتضمن النص الذي يضع تعريفا قانونيا لمختلف أصناف المؤسسات المعنية، عدة إجراءات لدعم هذه المؤسسات بداية من مرحلة إنشائها ومرافقتها في مجال البحث والتطوير والابتكار وتطوير المناولة، فضلا عن تدابير الدعم المالي لعمليات إنقاذ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي توجد في وضعية صعبة، ويتضح بأنها قادرة على مواصلة النشاط. في هذا الإطار يخضع نص القانون حصة من الصفقات العمومية للتنافس بين المؤسسات الصغيرة المتوسطة حسب شروط وطرق محددة بصفة قانونية، ويحدد دور الوكالة الوطنية لتطوير وعصرنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بصفتها جهازا للدولة مكلفا بتنفيذ إستراتيجية تطوير هذه المؤسسات، حيث تضمن الوكالة تنفيذ سياسة تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فيما يخص الإنشاء والتطوير وضمان ديمومتها، فضلا عن مساعدتها في تحسين النوعية وترقية الابتكار وتعزيز المؤهلات والقدرات الإدارية، وتنشأ لهذا الغرض هياكل محلية تابعة للوكالة من بينها مراكز دعم واستشارة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تتولى مهام دعم إنشاء هذه المؤسسات الصغيرة ومرافقتها على المستوى المحلي، فضلا عن مشاتل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المكلفة بدورها بدعم المؤسسات الناشئة واحتضانها. كما يعيد القانون الجديد تنظيم المجلس الوطني الاستشاري لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، باعتباره هيئة للتشاور تضم منظمات وجمعيات مختصة ممثلة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكذا ممثلين عن القطاعات والهيئات المعنية بإنشاء وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومن بين الآليات الجديدة التي ينص القانون على استحداثها أيضا فضلا عن صناديق ضمان القروض، صندوق الإطلاق من أجل تشجيع المؤسسات المصغرة المختصة في الابتكار، حيث يوجه هذا الصندوق لتمويل مصاريف تصميم المنتوج الأولي، من خلال تغطية مصاريف البحث والتطوير والتصميم ومخطط الأعمال وغيرها بهدف تجاوز العقبات الخاصة بنقص التمويل خلال المراحل الأولى من إطلاق المشاريع وإنشاء المؤسسة والتي لا يغطيها رأس مال الاستثمار. وفي حين يعتبر القانون المناولة الأداة المفضّلة لتكثيف نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويخصها بسياسة ترقية وتطوير بهدف تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، فهو يبرز في نفس السياق دور الدولة في تقوية تكامل القدرات الوطنية للمناولة، من خلال استبدال الواردات من السلع والخدمات بالإنتاج الوطني، وإدراج المصالح العمومية المتعاقدة لبند يلزم الشركاء الأجانب باللجوء إلى المناولة الوطنية، ضمن عقود توفير الخدمات والدراسات ومتابعة وإنشاء التجهيزات لعمومية، مع إدراج بند تفضيلي ضمن دفاتر شروط يخص المناقصات والاستشارات المتعلقة بالصفقات العمومية الوطنية لفائدة المتعهدين الذين يلجؤون للمناولة المقدمة من طرف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كما ينص القانون في نفس الصدد على دور الوكالة الوطنية لتطوير وعصرنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تقديم الدعم التقني والمادي لفائدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المناولة لمطابقة منتوجاتها، وذلك في إطار سياسة تطوير المناولة الوطنية. ويستثني القانون من المؤسسات المعنية بآليات وتدابير الدعم المذكورة، البنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين والوكالات العقارية وشركات الاستيراد. للإشارة فإن القانون التوجيهي لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، الذي تمت المصادقة عليها في البرلمان مؤخرا، يعد واحدا من جملة النصوص الجديدة التي بادرت بها وزارة الصناعة والمناجم في إطار تطبيق إستراتيجية الحكومة في تجسيد التحول الاقتصادي، وذلك بعد قانون الاستثمار الجديد وقانون القياسة القانونية الذي سيتعزز قريبا بقانون التقييس. ويتماشي هذا القانون الجديد مع الأهداف التي سطرتها الحكومة ضمن استراتيجيتها المذكورة، في جانبها المتعلق بتطوير النسيج الوطني للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، الذي يضم حاليا ما يقارب 900 ألف مؤسسة، بينما تتوخى الأهداف المسطرة الوصول إلى مليوني مؤسسة لتعزيز القدرات الوطنية للإنتاج والتصدير وبناء اقتصاد تنافسي قائم على تنوع الموارد المدرة للثروة ولمناصب الشغل.