أجمع المشاركون في أشغال ورشة عمل نظمها المركز الإفريقي للدراسات والأبحاث حول الإرهاب أمس بالجزائر العاصمة، على ضرورة وضع مقاربة مشتركة لمكافحة ظاهرتي الإرهاب والتطرف العنيف عبر الحدود الليبية. وأكدوا في سياق البحث عن تسوية للأزمة الليبية المستمرة منذ 2011، أن لا حل لها إلا من داخل البيت الليبي في إطار حوار شامل. وقال حميد بوكريف ممثل وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية في افتتاح أشغال الورشة التي عقدت تحت شعار «أثر الوضع الأمني في ليبيا على مكافحة الإرهاب والوقاية ضد التطرف العنيف على الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي وجوار ليبيا»، أنه «لا يمكن مكافحة الظاهرتين إلا بتنسيق الجهود والشراكة لتأمين حدودنا». وقال إن الجزائر استوعبت أن الأمن عبر الحدود «لا يقتصر على الجوانب المادية ولا يمكن حصره في مقاربة أمنية وطنية فحسب»، وإنما على تضافر الجهود الدولية للتصدي الفعال لهذه الظاهرة التي تهدد مخططات الأمن الوطنية لكل دول جوار ليبيا. وقال لاري قبيفلو لارتي، مدير المركز الإفريقي للدراسات والأبحاث حول الإرهاب، إنه يتعين على دول الاتحاد الإفريقي وفي مقدمتها دول جوار ليبيا، «جمع أكبر قدر من المعلومات الأمنية وتبادل الخبرات الضرورية لتحديد الوضع الأمني الراهن عبر حدود هذا البلد؛ بسبب الانفلات الأمني الخطير الذي يهدد استقراره واستقرار دول الجوار». وأضاف أن الهدف من تنظيم ورشة العمل هو التمكن من فهم أكثر للوضعية الأمنية عبر الحدود لبلوغ الأهداف المسطرة؛ بحصر العنف والتطرف والحد من التهديد الأمني في المنطقة ضمن نتائج سيتم رفعها أمام القمة الإفريقية المقبلة المقررة الأسبوع القادم بالعاصمة الإثيوبية. وأثنى لارتي في هذا الشأن على «الدور الفعال» الذي تقوم به الجزائر لدعم نشاطات المركز وجهودها المبذولة لإيجاد حل سلمي للأزمة الليبية، التي تراوح مكانها منذ 2011. وأجمع المشاركون في أشغال هذه الورشة على أن التحدي الذي يواجه الأشقاء الليبيين وكل الشركاء، هو «إعادة إحياء المقاربة المشتركة لوحدة البلد والشعب الليبي». وكشف ممثل وزارة الخارجية أن الجزائر ركزت على ضرورة تعزيز سلطة الدولة الليبية ومؤسساتها، وكذا السياسة المعتمدة لتحقيق الوحدة الليبية مع تجنيد مواردها البشرية والمادية لضمان الأمن العام ومكافحة التطرف، وصولا إلى بعث اقتصاد ديناميكي يخدم مصالح الشعب الليبي. وهي نفس النقاط التي ركز عليها السفير النرويجي بالجزائر آرن فجير موندس، الذي شدد على أن حل الأزمة الليبية لا يتم إلا من خلال الليبيين أنفسهم في إطار حوار ليبي ليبي. وقال الدبلوماسي النرويجي إن التحدي الكبير الذي تعكف الورشة على دراسته يكتسي اليوم وأكثر من أي وقت مضى، «اهتماما كبيرا» ليس في ليبيا أو دول الجوار والاتحاد الإفريقي فحسب، ولكن أيضا في الدول الأوروبية التي أصبحت تعاني كغيرها من خطر ظاهرة الإرهاب. أما عصام عوض متولي، سفير جمهورية السودان في الجزائر، فقد أكد على أن الأزمة الليبية تُعد اليوم من «أكثر الانشغالات التي تؤرق دول المنطقة في الوقت الراهن»؛ بالنظر إلى التهديدات الأمنية التي تمثلها على حدودها بسبب تسريب الأسلحة وتنقّل عناصر الجماعات الإرهابية». وقال إن دول الجوار الليبي تسهر مجتمعة لإيجاد حل سلمي لها؛ قناعة منها أن «لا حل للقضية إلا من داخل البيت الليبي» بدون استثناء أي طرف من الأطراف حتى لا تستغل مستقبلا الأوضاع لإعادة تجربة عدم الاستقرار في البلاد. وأشار السفير السوداني إلى محاولة بعض الدول التي لديها كما قال «أجندات خاصة» عبر محاولاتها لتسوية الأزمة الليبية، ب «تغييب بعض الأطراف وتهميشها، وهو ما قد يؤجج الأوضاع ويعقّد الأزمة في هذا البلد. وتناول المشاركون في أشغال اللقاء الذي جرى في جلسات مغلقة، بحث آليات شراكة عبر الحدود مع ليبيا؛ من خلال تبادل المعلومات وبحث التحديات والإجراءات الأمنية الفعالة داخل وعبر الحدود مع هذا البلد الجار.