أضحى اللجوء إلى تسمين الدواجن والأغنام ظاهرة تميّز نشاط تربية هذه الحيوانات، والتي ازدادت وتيرتها خلال السنوات الأخيرة، وهذا في سبيل التوصّل إلى نمو كامل للدجاج أو الغنم في وقت قياسي، وهو ما يطرح عدة تساؤلات عن هذا النشاط خاصة مع شيوع فكرة لجوء بعض المربين إلى استخدام المضادات الحيوية والهرمونات لزيادة الوزن في أقل من ثمانية أسابيع بالنسبة للحوم البيضاء. وأمام هذا الوضع، يدق البياطرة المختصون ناقوس الخطر إزاء ذلك، مطالبين بإخضاع هذه العملية للرقابة المشدّدة حماية لصحة المستهلك. تزداد التحذيرات من قبل الأطباء والبياطرة والمتتبعين لنشاط تربية الدواجن والأغنام، في وقت يسجل فيه أكثر من 80 بالمائة من المستثمرين في مجال تربية اللحوم البيضاء يزاولون نشاطهم في منأى عن أعين مصالح الرقابة والبياطرة إلى جانب اتساع رقعة السوق الموازية أو غير النظامية لهذا النشاط لتصل إلى حدود 60 بالمائة. وأكدت مصادر من المفتشية البيطرية لولاية الجزائر، ضرورة إخضاع نشاط تسمين الدواجن الذي يبقى عشوائيا في أغلب الأحيان، لمتابعة الهيئات البيطرية مع استشارة الأطباء عند تقديم هذه الدواجن، مواد كيماوية وأدوية يتم مزجها مع الأعلاف. وهذا تفاديا لتسجيل مضاعفات خطيرة لدى المستهلكين جرّاء ذلك. وأضافت بالمناسبة، أن تجاهل المربين غير الشرعيين للدواجن لضرورة الاستشارة الطبية والبيطرية عند استخدام بعض الأدوية والمضادات الحيوية المستخدمة في عمليات التسمين، من شأنها تعريض الصحة العمومية للخطر، ناهيك عن الإصابة بأمراض ومضاعفات خطيرة قد تتسبّب في وفاة المستهلكين. وأوضحت المصادر في هذا السياق، أن ضعف نظام المراقبة على مثل هذه الأنشطة التجارية الحسّاسة، شجّع بعض المربين على الذهاب بعيدا في تسمين دواجنهم في أوقات قياسية باستعمال حبوب منع الحمل الخاصة بالنساء وأدوية أخرى خاصة بتسمين الأنعام ك«بروجيسترون» و«استراديول».. وذلك قصد الإسراع في زيادة وزن اللحوم البيضاء أكثر، في أقل من 8 أسابيع حسب المدة المتعارف عليها في هذا المجال. حيث يصنّف المهتمون والمتتبعون لهذا الموضوع، هذه الممارسات بأنها غير قانونية لاسيما منذ فتح الحكومة لمجال الاستثمار في تربية الدواجن أمام الخواص عام 1996، كما أنه عمل غير أخلاقي يهدّد صحة المستهلك بالدرجة الأولى والصحة العمومية بصفة عامة. ويتفاقم هذا الخطر وتتعقّد مضاعفاته - حسب الأطباء - عند انتقال تأثير الهرمونات والمضادات الحيوية التي تحقن بها الدواجن إلى الإنسان أو المستهلك، وهو ما يسبب له مشاكل صحية خطيرة تهدّد نظامه الهرموني وتجعله مضطربا وغير عادي. ويرى المختصون في هذا المجال، أنّه لا بد من مراعاة - بعد حقن الدواجن بالمضادات الحيوية في مراحل نموها الأولى - مدة الانتظار المحددة ب12 يوما قبل عملية ذبحها، لتفادي التأثير السلبي لهذه المواد على صحة المستهلك الذي لابد أن يكون حذرا وعلى دراية بهذه الأمور. كما يرى هؤلاء، بأن إنشاء مراكز مخبرية تراقب وتقوم بتحليل اللحوم لاسيما الدواجن على مستوى الأسواق، من شأنه التحكّم في هذا الانشغال الكبير المتمثل في مخاطر التسمين العشوائي وغير المدروس، وإخضاعه للجانب العلمي والصحي.