إذا كان الكاتب الإسباني قوستافو مارتان قارزو، يرى أنّ الكتابة للأطفال يجب أن تكون مليئة بالخيال والأحداث الوهمية، التي تأخذنا إلى عالم الجمال وبعيدا عن عالم الخراب الذي نعيشه، فإنّ مواطنه فرناندو ماريا، يؤكّد أهمية أن تحمل الكتب الموجّهة إلى الطفل والناشئة، الوعي اللازم تّجاه ما يحدث في المجتمع والعالم سيان. تحدّث الكاتب الإسباني فرناندو ماريا، في الندوة التي احتضنها نهاية الأسبوع الماضي الصالون الدولي للكتاب، عن تنقّله من الكتابة للكبار، إلى الكتابة للطفل والناشئة، فقال أنّ هذه الخطوة تطلّبت منه العودة إلى طفولته، ليكون في نفس إحساس الأطفال في الواقع، واستنتج بهذه العودة إلى زمن بعيد، أنّه لم يتغيّر في أذواقه واختياراته وإنّما نقص الصفاء الذي في أعماقه أمام وطأة السنين. وقال فرناندو أنّ الكتابة للناشئة لم تمنعه من المواصلة في الكتابة للكبار. وعن الفرق في الكتابة للفئتين، يقول أنّه لا يوجد فرق كبير إلاّ في نقطة واحدة، تتمثّل في الغموض الذي يستعمله في الكتابة للكبار، بينما نقاط التشابه بينهما كبيرة، ومن بينها التحدي العظيم أمام ورقة بيضاء تنتظر أن يخطّ عليها القلم. وأكّد المتحدّث على ضرورة أن يكون هدف الكتابة وفاء للوقائع، فحسبه، يعيش الطفل والشاب الإسباني بعيدا عن الفوضى التي تحدث في العالم من جهة، والمشاكل التي تقع في البلد، حتى أنّ المراهق الإسباني يجهل كثيرا إن لم نقل تماما، تاريخ بلده. وفي هذا السياق قال فرناندو، أنّه يعتمد على التحسيس وتوعية الفئة الناشئة بتاريخ الوطن والتزاماته نحوه. وأعاب الكاتب الذي كتب خمس قصص قصيرة، وضع الكتب الموّجهة للناشئة في الدرجة الثانية وقلّة الاهتمام بها، وحصرها في المواضيع الخيالية الوهمية البعيدة عن الواقع الصعب الذي يجتازه العالم بأسره، وبالأخص في بعض المناطق منه. من جهته، قال الكاتب الإسباني قوستافو مارتان قارزو، أنّ كتاب "ألف ليلة وليلة" كان من بين أهمّ مصادر إلهامه وفي توجّهه للكتابة للناشئة، وأدخله في حلم كبير، حيث توجد الأميرات الجميلات ويطفو الحب بكل أجنحته نحو كلّ من يستقبله بفرح وشجاعة، وينير الضوء أعماق كلّ الصغار والكبار فرحين بنعمة الخالق في الحياة. وأشار قوستافو إلى أنّ القصة هي منبع الحقيقة فينا، ولهذا يكتب ولن يتوقّف عن الكتابة للطفل حتى ولو استمر في الكتابة للكبار أيضا. وأضاف أنّ الطريقة الأمثل لفهم الطفل بعيدا عن زيارات الطبيب النفسي أو استشارات المربيين، هي بكلّ بساطة قراءة قصة معه، لأنّه بهذه الطريقة يمكن فهم شخصية الطفل وأهوائه. وأكّد المتحدّث أنّ كتابة أدب الأطفال، تتطلّب أن يكون أدبا جديا وأن يعجب الأطفال. وأضاف أنّ قصص الأطفال تتكلّم عن الواقع وإن ارتدت الرمزية، فالتنّين الذي يوجد في قصص الأطفال يوجد أيضا في الواقع. معتبرا أنّ الكتابات الخيالية مفيدة جدّا للأطفال، وذلك في تنمية خيالهم ودفعهم إلى عامل جميل، عالم الأحلام.