عند التقائنا بضيف جريدة «المساء»، بلفروم بولنوار رئيس ومدرب النادي الهاوي «الوحدة» بوهران، تحدث عن أهمية الرياضة والمنشآت التي تساهم في تطوير الأداء الرياضي للممارسين، وحتى جانبهم الذهني والنفسي، والتحدي الذي يخوضه نادي الوحدة في تكوين أجيال رياضية متميزة قادرة على تشريف النادي الذي تنشط فيه، وبعد ذلك الألوان الوطنية في مختلف المواعيد الدولية. تطرق بمرارة إلى المصاعب التي تلاقي نادي «الوحدة»، والتي تنسحب على باقي الأندية الممارسة للعب الفردية على وجه الخصوص، لكن في البداية قدم لنا بولنوار لمحة عن النشاط الرياضي بالنادي الهاوي ل«الوحدة»، حيث أكد أن ناديه يسعى إلى بناء قاعدة أساسية تتمثل في العناية بالشباب، خاصة بالمدارس في الفروع الرياضية التي يحويها، ويساهم في التكوين، ورفع مستوى رياضييه، وحاليا يتوفر نادي «الوحدة» على أربعة فروع رياضية فردية دون الجماعية، بداية بفرع رياضة الكيك بوكسينغ الذي تأسس سنة 2008 والذي يضم 50 رياضيا، يليه فرع التايكواندو الذي برز إلى النور سنة 2009، ويضم 55 رياضيا، ثم فرع الملاكمة الذي أنشئ سنة 2010 ويمارس به 40 قفازا، وأخير فرع الجيدو الذي انضم إليه 60 رياضا في صنفي الأصاغر والأشبال منذ سنة 2014. الملاكمة الوجه الأبيض للوحدة ولكن .. يعد فرع الملاكمة الوجه الأبيض لنادي «الوحدة» رغم تأسيسه المتأخر مقارنة بالفروع الأخرى، خاصة الكيك بوكسينغ والجيدو، حيث أضحى النادي مدرسة لتكوين الأبطال، ومنهم من اقتحم المنافسة العالمية، على غرار سوسي راضية التي دافعت بشرف عن القفاز النسوي الجزائري في بطولة العالم 2015 بتايبي، حيث بلغت الدور ربع النهائي ولأول مرة في تاريخ الملاكمة النسوية الجزائرية، والملاكمة الهاشمي سمرة بطلة الجزائر أربع مرات وسوسن صابرين، ومعوش تاكفاريناس بطل الجزائر أربع مرات، وبن يوب سيد أحمد بطل الجزائر، والذي هاجر إلى إسبانبا عله يطرق آفاقا رياضية أخرى، والملاكم الواعد بلفروم محمد الذي يرى فيه رئيسه ومدربه بولنوار البطل المستقبلي، خاصة بعد الوجه المشرف الذي أظهره في المنازلة التي خاضها مؤخرا ضد ملاكم جزائري متمرس، صاحب صولات وجولات آخرها مشاركته في الألعاب الأولمبية، والبقية ستأتي حتما، ذلك أن المسؤول الأول عن نادي الوحدة لايريد أن يقف عند هذا الحد، بل السير على نفس النهج، وتخريج أبطال آخرين، وقد تكون الانطلاقة لبعضهم بمناسبة نهائيات البطولة الوطنية لهذه السنة 2017 التي ستجري بعد عيد الفطر المبارك، حيث سيكون النادي ممثلا بأربعة ملاكمين؛ بلعبدي ياسين في وزن أقل من 60 كلغ، معوش تاكفريناس في وزن 91 كلغ لدى الأكابر، سعدي سالم في وزن 56 كلغ و بويكن محمد في وزن أقل من 64 كلغ عند الأواسط. لكن دون الإناث، ذلك أن الملاكمات الحاليات لم يصلن بعد إلى مستوى السابقات اللائي غيرن الأجواء، وارتمين بين أحضان أندية أخرى، لكن دون أن يحققن نتائج إيجابية، مثلا، لو فضلن الاستقرار بناديهم «الوحدة»، حسب تأكيد رئيسهن. نظام داخلي مطلوب ومنحة التكوين لازمة غير أن بلفروم يطرح نقطة أساسية يعتبرها سبب تدهور مستوى الملاكمة النسوية بنادي «الوحدة»، والملاكمة الجزائرية بشكل عام، وتتعلق بعدم قدرة الأندية الاحتفاظ بأبطالها الملاكمين، إذ غالبا ما يذهبوا ضحية إغراءات ظرفية لأندية أخرى، لكن ما يفتئ أن ينخفض مستواهم بعد مرور فترة زمنية قصيرة، مما حذا ببلفروم الذهاب بعيدا في قوله بأن هذه الأندية تحطم مشوار هؤلاء الرياضيين ومدربيهم، والرياضة بصفة عامة في الجزائر، ويرفع تحديا لكل ناد يستقطب أبطاله على منافسته ميدانيا، إذا كان هذا النادي أحسن منه. ومن أجل لفت انتباه المسؤولين عن الملاكمة في الجزائر لهذا الأمر الهام، بحسبه، كشف بولنوار عن أنه تقرب من الرابطة الوهرانية للملاكمة وطلب منها إعداد ما يشبه نظاما داخليا من أجل حماية الأندية وملاكميها، على أن توصل الرابطة هذه الصرخة كما سماها إلى الاتحادية الجزائرية للملاكمة والهيئات الرياضية العليا في الجزائر، أو على الأقل حصول الأندية المكونة على منحة التكوين، كما هو جار في رياضات أخرى ككرة القدم، مادام أن هذه الأندية صرفت أموالا كبيرة على رياضييها دون مقابل أو تعويض، وللرياضيين الحق في تغيير الأجواء، بعدما يكملوا الموسم الرياضي بفرقهم الحالية. المطلوب قاعة متخصصة يبقى نقص المنشآت الرياضية، العائق الكبير الذي يثبط عزائم المدربين بولاية وهران، ويحول دون استقطاب المزيد من الممارسين، وكسائر الأندية الأخرى، فإن نادي الوحدة يشكو ضيق القاعة التي يمارس بها رياضيوه، وهي تقع في وسط المدينة. قال الرئيس بولنوار عنها بأنها غير ملائمة، رغم أنها منطلق لبروز أبطال ونجوم منذ عشر سنوات، مدة دخولها الخدمة، غير أن العدد الكبير للممارسين، وضيق القاعة سبب اكتضاضا، مما دفع بممارسي الجيدو إلى اللجوء إلى قاعة الشيخ بحري الواقعة بمنطقة عين البيضاء للتدريب بها، وهو للعلم مدرب في هذا الفرع بنادي الوحدة، لكن تبقى الأمنية الكبيرة لمحدث «المساء»، ومعه رياضيون وهرانيون كثر، استفادتهم من قاعة متخصصة، تكون فضاء رحبا لمزاولة رياضاتهم المفضلة، وبحيز زمني كاف. الحاجة للمال.. ثم المال بالتطرق إلى المشاكل التي يعاني منها نادي الوحدة، وضع بلفروم أصبعه على عصب حياة الرياضة، وهو المال الذي أكد بأن الممنوح منه، لا يواتي الطموح الذي يحذو النادي ومسيريه، وفي هذا الشأن قال المتحدث: «أنا أسأل: هل بمبلغ 35 مليون سنتيم يمكن أن تذهب بعيدا؟ فريق الوحدة يشارك بجميع الفروع التي يحويها في كل المنافسات الوطنية منها والجهوية والولائية، ولا يستطيع الإنفاق عليها كلها، حتى أننا نضطر أحيانا لمساعدة رياضيينا من مالنا الخاص، فمنافسة وطنية للملاكمة مثلا تدوم ستة أيام كاملة، ونحن لا طاقة لنا بتسديد مصاريف طول هذه المدة لميزانيتنا الضئيلة، وهذا العائق هو الذي ينقص الحافز لدى رياضيينا عندما يصلون إلى صنف الأكابر، فإما يرحلون عن النادي أو يضعوا حدا لنشاطهم الرياضي الذي لا يجلب لهم قوت يومهم، فلاهم دخلوا عالم الاحتراف المفقود عندنا حتى يوفر لهم ما يرغبون من مال وعتاد وإلى غير ذلك، ولا الملاكمة بوضعها الحالي منحتهم عيشا حسنا.. طموحنا كبير لكن الله غالب». رغم المعاناة، الهدف هو الألعاب المتوسطية لعام 2021 يلفت بلفروم الانتباه إلى نقص العمل لدى الأندية، لأسباب يراها متباينة، تختلف من نادي لآخر، لكن في المحصلة النهائية لا تتيح مرافقة الرياضيين في مشوارهم والاعتناء أكثر بالمدربين الذين يعمل أغلبهم كمتطوعين في هذه الأندية، باستثناء ثلاثة أو أربعة مدمجين من قبل مديرية الشباب حسب بلفروم، لكنه يبدي إصرارا كبيرا على مواصلة العمل بجدية وتقديم التضحيات في سبيل الملاكمة التي يعشقها حتى النخاع، وبلوغ أهداف سطرها، وهي تخريج أبطال تحسب لألعاب البحر الأبيض المتوسط التي ستجري في وهران عام 2021، مادام أنه سبق له تكوين أبطال في الجنسين للجزائر، على حد تعبيره. كفاءات تدريبية مقابل تحفيزات مالية زهيدة أما في مجال التدريب، فيؤكد بلفروم أن الاختصاصات التي يحوز عليها نادي الوحدة يقودها مدربون ذوو خبرة وكفاءة، مؤهلون لتكوين رياضيين، لهم القدرة على المنافسة في أعلى مستوى، بداية بالملاكمة والكيك بوكسينغ تحت إمرة المدربين بلفروم بولنوار وزحاف محمد، والجيدو الذي يؤطره الثنائي الشيخ بحري ولمالي الهواري، والتايكواندو الذي يعنى به برحال نور الدين وبلفروم بولنوار، هؤلاء المدريين يؤكد رئيسهم؛ يحصلون على تعويضات مالية زهيدة، وغالبا ما تأتي من اشتراكات الرياضيين والممارسين بنادي الوحدة. من هو بلفروم بولنوار؟ يقول بلفروم عن نفسه ومشواره: «أنا بطل عالمي في الكيك بوكسينغ مرتين، في اليونان عام 2003، وسويسرا عام 2004، وفي هذه البطولة الأخيرة تحصلت على ميداليتين ذهبيتين في اختصاصي الكيك بوكسينغ والفول كونتاكت، كما أحوز على لقبين عربيين مرتين؛ أحدهما سنة 2003 بتونس بعد فوزي على مصارع تونسي في النهائي، وبطل كذلك في الألعاب العربية 2004 في وهران. وفي هذا المشوار الحافل وجدت نفسي لا شيء كرياضيين كثيرين آخرين أهملوا خاصة لما بلغوا القمة، قيل لي بأن الكيك بوكسينغ ليس رياضة أولمبية، وسأصادف مشكل الإدماج من قبل «الديجياس» كإطار، لكن في الحقيقة لي الحق في ذلك، لأنني رياضي نخبة، لذلك توجهت للملاكمة حتى لا يعاني أشبالي الحاليين، مثل الذي عانيته سابقا، زاولت تكوينا بمعهدي تكوين إطارات الشباب والرياضة بعين الترك، وكذا بعين البنيان للحصول على الشهادات التدريبية اللازمة، ومؤخرا حزت على شهادة درجة ثالثة، وطموحي تألق أشبالي في الألعاب المتوسطية بوهران عام 2021».