نظّمت مديرية المجاهدين لولاية بومرداس، بالتنسيق مع مؤسسة إعادة التربية بتجلابين والمصلحة الخارجية لإعادة الإدماج بالولاية، أمس، ندوة تاريخية وذلك في إطار الاحتفالات المخلّدة للذكرى 61 لاستشهاد البطل أحمد «زهانة» المدعو أحمد زبانا، حضرها نزلاء مؤسّسة إعادة التربية بتجلابين الذين طالبوا بتكثيف هذه الندوات. افتتحت الندوة بكلمة ألقاها مدير مؤسسة إعادة التربية الذي رحّب بالحضور، وثمّن مبادرة مديرية المجاهدين التي تستحق التقدير، كما أنّها فرصة لإحياء هذه الذكرى المجيدة في أوساط نزلاء المؤسسات العقابية. بعدها تدخّلت السيدة حبيبة بوطرفة مديرة المجاهدين بالولاية، التي أكّدت في كلمتها الترحيبية أنّ هذا الاحتفال هو تنفيذ لتعليمات وزير المجاهدين قصد التعريف بكلّ المحطات التاريخية في مسار المقاومة الشعبية والحركة الوطنية والثورة التحريرية المظفّرة من رموز وأحداث. ويدخل أيضا في إطار برنامج الوزارة بتكثيف نشاطاتها المرتبطة بأعمال المحافظة على الذاكرة الوطنية وتثمينها لبلوغ الأهداف المنشودة. بعدها تدخّل المجاهد رابح رحمون، عضو المكتب الولائي لمنظمة المجاهدين بالولاية، وأعطى لمحة تاريخية عن مساره عندما كان مناضلا وسجينا أثناء الثورة، حيث تعرّض كما تعرّض كثيرون لشتى أنواع التعذيب الوحشي، ليعرّج الأستاذ المحاضر صالح عبد الرزاق على هذا التاريخ، ويركّز في البداية على أهمية هذا الحدث التاريخي المتمثّل في ذكرى استشهاد أوّل محكوم عليه بالإعدام بالمقصلة في 19 جوان 1956 حيث ضحى هذا البطل من أجل أن تعيش الجزائر حرة مستقلة، وتوقّف في سياق مداخلته على الرسالة الشهيرة التي كتبها الشهيد لوالدته والتي كان لها صداها الواسع على المستويين الداخلي والخارجي، مبرزا أهميتها وتأثيرها، وقد طلب فيها من أعضاء عائلته أن لا ييأسوا من رحمة الله الواسعة، واصفا هذه النهاية بأنّها كانت من أجل وطنه. في الختام، ثمّن نزلاء مركز إعادة التربية بتجلابين هذه المبادرة التي استفادوا منها كثيرا خاصة وأنّها تدخل في إطار التعريف بتاريخ الحركة الوطنية وثورة 1 نوفمبر، علما أنّ المداخلات شدّت الانتباه، وهو الأمر الذي وصفه المنظّمون بالإيجابي وطالب النزلاء بتكثيف هذه النشاطات أكثر. للتذكير، ولد أحمد زبانا سنة 1926 بزهانة بولاية معسكر، نشأ وسط عائلة متكونة من ثمانية أطفال وهو تاسعهم. وكان لانضمام أحمد زبانة للكشافة الإسلامية دور في نمو الروح الوطنية في نفسه، زيادة على شعوره بما كان يعانيه أبناء وطنه من قهر وظلم واحتقار، كان ذلك عام 1941. وتطوّع زبانة لنشر مبادئ الحركة وفضح جرائم الاستعمار الفرنسي، وبعد أن أثبت أهليته في الميدان العملي، اختارته المنظمة السرية ليكون عضوا من أعضائها، وتمكّن من تكوين خلايا للمنظمة بالنواحي التي كان يشرف عليها. وقد شارك زبانة في عملية البريد بوهران عام 1950، وازداد نشاطه السياسي وتحركاته مما أثار انتباه السلطات الاستعمارية التي ألقت القبض عليه وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبالنفي من المدينة لمدة ثلاث سنوات أخرى قضاها ما بين معسكر ومستغانم والقصر. ومما جاء في رسالته الشهيرة ما يلي «أقاربي الأعزاء، أمي العزيزة: أكتب إليكم ولست أدري أتكون هذه الرسالة هي الأخيرة، والله وحده أعلم. فإن أصابتني مصيبة كيفما كانت فلا تيئسوا من رحمة الله. إنما الموت في سبيل الله حياة لا نهاية لها، والموت في سبيل الوطن ليس علينا إلا واجب، وقد أديتم واجبكم حيث ضحيتم بأعز مخلوق لكم، فلا تبكوني بل افتخروا بي. وفي الختام تقبلوا تحية ابن وأخ كان دائما يحبكم وكنتم دائما تحبونه، ولعلها آخر تحية مني إليكم، وأني أقدمها إليك يا أمي وإليك يا أبي وإلى نورة والهواري وحليمة والحبيب وفاطمة وخيرة وصالح ودينية وإليك يا أخي العزيز عبد القادر وجميع من يشارككم في أحزانكم. الله أكبر وهو القائم بالقسط وحده هو العادل ابنكم وأخوكم الذي يعانقكم بكل فؤاده».