اشتدت القبضة بين السلطات السعودية والإماراتية والبحرينية من جهة ،والقطرية من جهة ثانية، وباعدت سبل إيجاد مخرج للازمة الدبلوماسية المستفحلة بينها بعد أن عرفت مواقف الطرفين تشنجا اكبر خلال اليومين الأخيرين. وتواترت تصريحات مسؤولي الجانبين في سياق تكريس مثل هذا التشنج مما أشر على أن مآل مساعي الوساطة التي تبذلها عدة أطراف خليجية ودولية سيكون الفشل المحتوم. فقد استبعد وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمان آل الثاني أمس كل فكرة للجلوس إلى طاولة مفاوضات مباشرة مع خصوم بلاده ما لم يقم هؤلاء برفع الحصار الذي فرضوه عليها بعد أن اتهموها بدعم الإرهاب واشترطوا عليها وقفه. ووصف رئيس الدبلوماسية القطري العقوبات الاقتصادية والحصار الجوي والبري والبحري الذي فرضته البلدان الثلاثة على بلاده بمثابة عمل عدواني وقال إن رفعه يبقى شرطا مسبقا للدخول في أية مفاوضات معها. وجاء الموقف القطري بعد أن عبرت عدة عواصم عن استعدادها لعب دور الوسيط لنزع فتيل الأزمة المتأججة بين الدول الخليجية التي كانت تشكل فيما بينها أحد أغنى تكتل إقليمي في العالم قبل أن ينفرط عقد الود بينها فجأة بداية الشهر الجاري وصل حد القطيعة النهائية. وإذا كانت السلطات البريطانية والأمريكية والفرنسية أبدت استعدادها للقيام بهذا الدور فإن الكويت باشرت تحركات عملية من خلال زيارات قام بها أميرها الشيخ صباح الأحمد آل الصباح بزيارات إلى العربية السعودية وقطر في محاولة لتلطيف الأجواء ورغبة منه لاحتواء هذه الأزمة ومنع تطورها باتجاه الأسوأ مع كل التبعات التي ستنجر عنها على كل المنطقة العربية. وفي موقف أكثر تشددا، قال أنور غرغش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية إن قرار عزل قطر وفرض عقوبات اقتصادية عليها سيتواصل وقد يمتد على مدى سنوات ما لم تمتثل لمطالب جيرانها بوقف «دعمها وتمويلها لمختلف التنظيمات الإرهابية». وقال المسؤول الاماراتي في ختام زيارة قام بها إلى العاصمة الفرنسية باريس إن بلاده والعربية السعودية والبحرين تراهن على عامل الوقت لجعل دولة قطر تمتثل لمثل هذه المطالب ومنها إدخال تغييرات جذرية على سياستها الخارجية. وهو الشرط الذي سبق لمسؤولين قطريين أن استبعدوه وأكدوا أن لا احد من حقه إملاء مواقفه عليهم بخصوص السياسات التي يتعين عليهم انتهاجها. ولكن هذا الموقف لم يمنع المسؤول الإماراتي في التعبير عن أمله في تحرك شخصيات قطرية فاعلة حتى من داخل الأسرة الحاكمة للضغط على أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل الثاني وإقناعه بتغيير مواقفه. وعرفت الأزمة بين بلدان الخليج خطوة تصعيد جديدة عندما منحت الدول الثلاثة للرعايا القطريين المقيمين فوق أراضيها مهلة لمغادرتها فورا في قرار ردت عليه السلطات القطرية بالمثل، في نفس الوقت الذي باشرت فيه قوات قطرية وأخرى تركية مناورات عسكرية اعتبرتها الرياض وأبو ظبي والمنامة بأنها موجهة ضدها وهو تطور قد يحمل معه تطورات جديدة خلال الأيام القادمة.