تحتضن قاعة المحاضرات بمسجد عبد الحميد بن باديس، ملتقى «الجمال والجلال في التصوف، قراءات عن أثر التصوف في العمل الفني»، من تنظيم الجمعية الدينية للطريقة الطيبية بوهران، بالتنسيق العلمي مع مختبر الأبعاد القيمية بجامعة وهران 2، في 26 جويلية الجاري. اختارت اللجنة العلمية بمناسبة الموسط السنوي لذكرى وفاة الشيخ سيدي الحسني، مؤسس الطريقة الطيبية بالجزائر، موضوع «الجمال والجلال في التصوف، قراءات عن أثر التصوف في العمل الفني»، كإشكالية للملتقى السنوي الذي يقام على هامش فعاليات وعدة سيدي الحسني في الثاني من ذي القعدة 1438 هجري الموافق ل26 جويلية الجاري. جاء في مقدمة الملتقى الذي ينظم تحت رعاية رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، أن التصوف يعتبر خطابا روحيا وجدانيا، مجاله الخير والجمال والحق، باعتبارها قيّما إنسانية كونية، وقد شكلوا متون خطاب «الفكر الجمالي» على مر التاريخ، فالجمال بالنسبة للفلاسفة على العموم معيار حضاري يُقاس به مدى تقدم الشعوب أو انحطاطها، ونقرأ من خلاله تطورها وروحها، كما قال هيغل. جاء في البيان أيضا أن الإسلام تميز بتجربة جمالية خاصة، نلاحظها في بنية اللغة القرآنية التي لم يستطع أحد مجاراتها أو محاكاتها من حيث التصوير والرمز والبلاغة، كما نستشفها من خلال السّماع، فتلاوة القرآن تعبد وفن في الوقت نفسه، كما قال النبي: «زينوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا». كما اعتنى الإسلام بجمال المظهر وجلال الموقف على الموقف على السواء، حيث أصبح الجمال مقياسا وسلوكا، يجب على المسلم تمثله في حياته تمثلا يليق بمقام الواحد المعبود والمشهود له بالجمال والجلال المطلق. وقد عبر التصوف عن هذه الروح الإسلامية في شرحه وتفسيره لآيات الكون وفي رؤيته للإنسان والوجود والإسلام إلا ب"الإحسان»، كما نص عليه الحديث الشريف، فالإحسان هو منتهى الجمال والخير والحق. وشكلّ الجمال ذوقا روحيا وتعبدا دينيا من خلال مقامات «الوجد» وانتقال المؤمن من حالة «الجلال» المعبرة عن صور العظمة والرهبة إلى مقام «الجمال» المعبر عن الرقة والاطمئنان، الرجاء والسعادة، ف»التحلي» بصفات الرحمة والخير والعفو «جمال»، ولا يكتمل الإيمان. كما يغدو «الجمال» من المواضيع الرئيسية في الخطاب والسلوك الصوفيين، فالمديح الديني، السماع الصوفي، الذكر الجماعي، والعمارة والفنون مشاهد صوفية رمزية عن الله الجميل الجليل، ثم هي تعبير عن الشوق والوجدانية والوحدانية، وقد استطاعت بعض الطرق الصوفية تطوير بعض الأشكال الفنية والموسيقية في الأندلس وشمال إفريقيا وفي آسيا، وتعد بعض الفنون الصوفية بامتياز وتصنف ضمن التراث العالمي. يشمل الملتقى على المحاور الآتية: مفهوم الجمال والجلال (الفلسفة والتصوف)، التجربة الجمالية في الإسلام (المنطلقات والغايات)، ثنائية الجميل والجليل في الخطاب الصوفي (ابن عربي، السهروردي، جلال الدين الرومي، الأمير عبد القادر وغيرهم)، أبعاد التجربة الجمالية الصوفية (الذوق، التعايش، العفو والتسامح، البيئة والمدينة، الكون..). أما اللجنة العلمية للملتقى فتتكون من الأستاذ الدكتور بومدين بوزيد، الأستاذ الدكتور بوعرفة عبد القادر، الأستاذ الدكتور الزاوي عمر والدكتور العربي بوعمامة. في حين تتشكل اللجنة التنظيمية من الدكتور بن جبور محمد ومجموعة من طلبة دكتوراة وهم: جيلالي حسين بن فرج، بوناب عبد الكريم، عبلة صغير وشريط إيمان. في المقابل، سيتم خلال الافتتاح الرسمي للملتقى وتقديم كلمات لكل من شيخ الطريقة الطيبية مولاي حسن الشريف الوزاني، مدير مختبر الأبعاد القيمية لجامعة «وهران 2، محمد بن أحمد»، الأستاذ الدكتور بوعرفة عبد القادر، والي ولاية وهران. كما سيتم تكريم المجاهد والسيناتور السابق الحاج الزاوي جيلالي المشرفي، ليتم افتتاح الملتقى من طرف رئيس المجلس الإسلامي الأعلى. وسيتم خلال الجلسة الأولى التي يرأسها الدكتور حمدادو بن عمر، تقديم ثلاث مداخلات؛ الأولى للأستاذ بوعرفة عبد القادر تحت عنوان: «لتجربة الجمالية في الخطاب الصوفي (الأسس والمنطلقات)»، الثانية للدكتور روقي بن عومر والموسومة ب»السماع الصوفي وتجلياته الوجودية» والثالثة للدكتور حمو فرعون بعنوان: «تجليات الجلال والجمال في عرفات الأمير عبد القادر». أما الجلسة الثانية فيترأسها الدكتور العربي بوعمامة ويقدم فيها أربع مداخلات وهي: «جمالية التصوف والممارسات الفنية» للدكتورة درقام نادية، «الجسد والجمال في التصوف» لجير زهيرة، «الفن والجمال، مقاربة مسرحية» للدكتور شرقي محمد و»جماليات حلقات الذكر والأوراد» للأستاذ سويدي ناجم.