تحضر وزارة البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية والتكنولوجيات والرقمنة لرفع مسودة مشروع قانون التصديق الإلكتروني للحكومة للمصادقة عليه قبل نهاية السنة، وذلك لاستدراك التأخر الحاصل بسوق التجارة الإلكترونية منذ أكثر من 17 سنة، مع العلم أن أكثر من 30 متعاملا اقتصاديا دخل مجال التجارة الإلكترونية قبل صدور القانون، وهناك حتى مؤسسات أجنبية متخصصة في البيع عبر الأنترنت ولجت السوق الجزائرية منذ ثلاث سنوات، وتقوم حاليا بجني أرباح طائلة بعد ارتفاع حجم مبيعاتها بنسبة11 بالمائة. تعرف شبكة التواصل الاجتماعي تفاعلا من المواطنين مع عدة صفحات خاصة بعملية البيع والشراء عبر الأنترنت، فكل ما هو مسوق عبر المحلات يجده متصفح الشبكة العنكبوتية أمامه، وذلك من خلال عرض مجموعة من الصور وشرح كل مواصفات المنتوج في فقرة أو فقرتين، وفي حالة ما أبدى زائر هذه الصفحات اهتمامه بالعرض، يطلب منه الدخول في دردشة مع البائع لأخذ تفاصيل أكثر عن البضاعة، وتحديد طريقة إيصالها على أن يكون الدفع فور تسلم المنتوج، وفي حالة بُعد مقر سكن الشاري، يطلب منه دفع قيمة المنتوج عبر رصيد خاص عبر حساب بريدي ليتحصل على بضاعته بعد فترة عبر الطرود البريدية. وحسب تصريح خبير تكنولوجيات الإعلام والاتصال السيد قرار يونس في اتصال مع «المساء»، فإن المواطن الجزائري لا يريد البقاء بعيدا عن التطور الحاصل في مجال البيع والشراء عبر الشبكة الافتراضية، وهو ما دفع بعدد من الشباب إلى اقتراح أرضيات معلوماتية على تجار رسميين للترويج لبضاعتهم عبر الانترنت، في حين هناك من بادر إلى إنشاء محلات افتراضية تروج لمجموعة من المنتجات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وهي التجارة التي تعرف رواجا كبيرا في الفترة الأخيرة رغم أن القانون في هذه الحالة لا يمكنه ضمان حق الشاري ولا البائع. وعن عدد هؤلاء الشباب الناشطين في مجال التجارة الإلكرتونية، أكد قرار أنه لا يمكن في الوقت الراهن تحديد عددهم من منطلق أن عملهم يصنف في خانة «التجارة الموازية»، من منطلق أن نشاطهم غير مراقب ولا يدفعون ضرائب كباقي التجار، لكن هذا لا يعني أن العمل الذي يقومون به لا يخدم الاقتصاد الوطني، من منطلق أنهم سهلوا قنوات الاتصال ما بين المصنعين والمستهلك. كما لا يجب أن ننكر أن نشاط التجارة الإلكترونية عرف رواجا كبيرا وسط المواطنين الذين وجدوا فيها وسيلة سهلة لاقتناء مستلزماتهم عن بُعد من دون عناء التنقل إلى الأسواق. من جهتهم أوجد تجار المحلات الافتراضية عدة حلول لإنعاش نشاطهم قبل صدور قانون التصديق الإلكتروني، على غرار اقتراح الدفع «كاش» عند تسلم المنتوج، مع اقتراح فترة ضمان لكل نوع من المنتجات تتراوح ما بين ستة أشهر و12 شهرا، وهي الضمانات التي تركت المستهلك يطمئن لمثل هذه المعاملات. شركات أجنبية رائدة تستثمر بالجزائر تصفحنا لعدد من الصفحات الخاصة بعمليات البيع، جعلنا نقف عند الاهتمام الذي توليه شركات فرنسية رائدة في عمليات البيع عبر الانترنت، على غرار «جوميا» التي دخلت السوق الوطنية سنة 2016، لتتطور تدريجيا وتتحول في وقت قياسي لأول سوق افتراضية بالجزائر بعد تعاقدها مع عدة تجار ومصنعين، ما سمح لها بفتح نقاط تجميع وبيع المنتجات عبر 41 ولاية، واستغل مسيروها التجربة الرائدة للشركة في فرنسا وأكثر من 40 دولة لبلوغ كل أجهزة الهواتف النقالة واللوحات الرقمية للجزائريين من كل الفئات، الأمر الذي سمح لها السنة الفارطة من تحقيق نسبة نمو قاربت 11 بالمائة. وحسب بعض المختصين، فإن مثل هذه الشركات مصنفة في خانة السجل التجاري كمؤسسات تنشط في مجال خدمات تكنولوجيات الإعلام والاتصال ولا يتم تطبيق قانون التجارة عليها، وهو ما جعل إرباحها ترتفع من سنة إلى أرقام خيالية بعيدا عن رقابة مصالح الضرائب. غياب ثقافة الدفع الإلكتروني يعيق تطور التجارة الإلكترونية سارعت مختلف المؤسسات المالية منذ سنتين على أكثر تقدير، على توزيع بطاقات السحب والدفع الإلكتروني على زبائنهم لتعميم ثقافة الدفع عن بُعد، غير أن العملية لم تعرف إقبلا كبيرا من طرف المواطنين الذين مازالوا يتخوفون من النظام المعلوماتي، زيادة إلى كون غالبية الموزعات الآلية متوقفة، في حين تأخذ عملية دفع بالبطاقة المغناطيسية أكثر من نصف ساعة في المساحات التجارية المزودة بالقارئات، وذلك بسبب ضعف التغطية بشبكة الأنترنت، وهو ما جعل المواطنين يفضلون التعامل بالسيولة في اقتناء كل مشترياتهم، وهي النقطة التي ركز عليها تجار الشبكة العنكبوتية لاستدراج المستهلك الجزائري. التجارة الإلكترونية ترفع رقم أعمال شركات بريطانية وفرنسية تشير آخر الأرقام الصادرة عن منظمات مصرفية عالمية إلى ارتفاع قيمة المعاملات المالية لشركات تنشط في مجال التجارة الإلكترونية ببريطانيا إلى 157 مليار دولار السنة الفارطة، في حين احتلت فرنسا المرتبة الثانية بعد تحقيق رقم أعمال بلغ 64,9 مليار دولار، وهو ما أعطى دفعا جديدا للنشاط الصناعي والتجاري الذي يتماشى وتطور الحلول التكنولوجية المقترحة عبر الانترنت. وأرجع مختصون في المجال المصرفي سبب انتعاش التجارة الإلكترونية إلى مرافقة الحكومات الأوروبية لهذا النشاط للخروج من الأزمة المالية، علما أن النظام الضريبي المعتمد على التجار وأصحاب الأرضيات المعلوماتية المقترحة لخدمة البيع عبر الأنترنت مرتفع عن الضريبة المقترحة على التجار عبر المساحات التجارية، لكن سهولة الوصول إلى المستهلك وترويج المنتجات بطريقة سهلة وطوال ساعات اليوم وأيام الأسبوع، ساهم في رفع قيمة المعاملات التجارية عبر الأنترنت.