رفع المشاركون في الملتقى الوطني «أحمد رضا حوحو» في طبعته التاسعة التي حملت شعار «الجزائر ... غادة الأوطان، شعلة الأحرار» واحتضن أشغاله قصر الثقافة «محمد العيد آل خليفة» بقسنطينة، جملة من التوصيات بعد يومين من المحاضرات التي ألقاها أساتذة وباحثون من المدرسة العليا للأساتذة «آسيا جبار». جاء في التوصيات التي قرأها على الحضور في اختتام الملتقى عشية الخميس الفارط، رئيس الجلسة الدكتور محمد كعوان من الجامعة العليا للأساتذة «آسيا جبار»، الإجماع على دعوة الباحثين والمهتمين بشؤون الأدب الجزائري، إلى الالتفات إلى جمع ما تناثر وما خفي من نصوص رضا حوحو ودراستها، خاصة تلك الموجودة ببعض المجلات العربية، زيادة على ضرورة دعم استمرارية الملتقى؛ خدمة للثقافة الجزائرية وذاكرتها، مع استحداث جائزة خاصة توزَّع خلال الملتقى، على أن تخصَّص كل سنة لفائدة فن من الفنون الإبداعية على حدة، كالقصة والرواية والمسرح. كما اقترح أعضاء لجنة التوصيات ضرورة توسيع المشاركة في الملتقى؛ من خلال إشراك الجامعات وفرق البحث وبعض المخابر المهتمة بتاريخ الحركة الوطنية والأدب الجزائري، مع تشكيل لجنة علمية للتحضير الجيد لأشغال الملتقى وفرز الأعمال المشارَك بها، قصد نشرها في كتاب يحفظ للملتقى ذاكرته. ودعا المشاركون في اختتام الملتقى إلى ضرورة تخصيص الطبعة المقبلة للملتقى، لدراسة مساهمات أحمد رضا حوحو في مجال المسرح. وعرف الملتقى العديد من المداخلات والمحاضرات لأساتذة وباحثين، أمثال الدكتورة هند سعدوني، التي أكّدت في محاضرتها التي حملت عنوان «أحمد رضا حوحو طموح المشروع الثقافي المجدّد»، أن رضا حوحو واحد من أعلام النهضة ومن رواد التجديد الفكري والثقافي والأدبي في الجزائر، التي كانت تغالب ظروفها الظالمة بسبب الاحتلال الفرنسي، حيث عرضت المتدخلة في محاضرتها التي شملت 3 محاور، إضاءات ثقافية عامة متفرقة، رصدت فيها أفكار رضا حوحو في الفن والأدب والحياة عموما، لتخصّ حديثها في المحور الثاني عن ارتباط اسم رضا حوحو بفن السخرية في أدبه، حيث قالت المحاضرة إن السخرية في فكر العوام ترتبط بالسذاجة والبساطة، لكن العكس تماما مع رضا حوحو؛ فالسخرية عنده كانت دعابة، لكن في صميم النص عمق حضاري وفكري، أراد من خلاله معالجة أمراض المجتمع الذي يتناقض مع نفسه من العديد من النواحي، سواء السياسية أو الثقافية، والتي كانت تعيش في فترته وضعية صعبة، ما جعل رضا حوحو يدعو إلى استنهاض الهمم؛ لتقوم للجزائر نهضة فكرية وأدبية حقيقية، ليتناول آخر محور لها تسمية آخر مقال كتبه رضا حوحو قبل استشهاده وحمل عنوان «حاضر الثقافة والأدب في الجزائر»، حيث دعا حوحو كل أدباء الجزائر المغمورين إلى الاتصال به شخصيا، وتقديم بورتريهات عنهم رفقة صورهم الشخصية، وهي الدعوى التي كانت ستصنع بيبليوغرافيا الأدب الجزائري الذي يضمّ أعلاما غير معروفين، غير أن المشروع لم ير النور، حيث اعتُقل وسُجن واستُشهد قبل إتمامه المشروع. من جهته، أكد الدكتور محمد العيد تاوته في محاضرته حول «بيئات وإبداعات في حياة رضا حوحو»، أن أعمال الكاتب في الأدب كانت كلها تدعو إلى التحرر والفكر، ومحاربة أشكال الزيف التي كانت سائدة بالجزائر آنذاك، سواء ما تعلّق بجرائم فرنسا وسلبها حرية الجزائريين وادعائها التحضر، أو الخرافات والبدع التي كانت تحكم العقول البالية، مضيفا، في سياق حديثه، أن رضا حوحو عمد من خلال كتاباته التي تبدو بسيطة وسهلة، إلى إصلاح ما أفسده المستعمر ثقافيا وفكريا في المجتمع الجزائري، فهو - حسب الباحث والمحاضر - لم يحارب بالسلاح إنما بنشر الوعي وسط الجزائريين وتحريك الوجدان الجزائري من أجل الثورة. للإشارة، عرف الملتقى العديد من المداخلات الهامة لأستاذة ومحاضرين، على غرار محاضرة «شعرية الفضاء الروائي عند واسيني الأعرج، قراءة في البدايات الأصول والآفاق»، للدكتورة إلهام علول، ومحاضرة «بنية الشخصية في مسرح رضا حوحو» للأستاذة أحلام شمري من جامعة «الأمير عبد القادر». كما عرف اختتام الملتقى عرض فيلم للسيرة الذاتية للأديب.