تفصلنا أيام قليلة عن موعد عيد الأضحى المبارك الذي يعتبر فرصة للتقرب إلى الله العلي القدير· وبقدوم العيد تزداد حيرة المواطن الضعيف الدخل الذي يسعى إلى تأدية هذه السنة عملا بسنة النبي ابراهيم عليه السلام، وكذا لإدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال الذين لا يعون الحرج الذي يسببونه للأباء عندما يقتادونهم إلى سوق المواشي لاختيار الكبش الأقرن القوي البنية الذي يجعلهم مفخرة في الحي· تجبر الظروف المادية الصعبة الكثير من العائلات على الإشتراك في ثمن الأضحية خصوصا أن سعرها غدا يرعب الأذن قبل الجيب بحيث تراوح بين 20.000دج و 40.000دج وهذا الأخير يدفع في الكبش· السرندي· والجلفاوي· ويفضل العديد من الأباء الذهاب الى سوق الماشية قبل العيد بأيام للوقوف على أسعار الأضاحي فيما يختار آخرون الساعات الأخيرة قبيل العيد لاقتناء الأضحية كون أسعارها تعرف استقرارا نسبيا فقد يصل إلى 18.000دج· وهو السعر الذي يناسب العائلات ذات الدخل المتوسط· وعن أسعار الأضاحي الملتهبة يقول عمي محمد المتقاعد حرصت طوال حياتي على تقديم الأضاحي إلا أن الإرتفاع المحسوس لأسعارها في السنوات الأخيرة جعلني أفكر جيدا قبل أن أقرر "الذبح" بحيث أصبحت من الأشخاص الذين يجمعون ثمن الأضحية على مدار سنة كاملة، إذ أسحب شهريا مبلغ 1200دج من رصيدي بالبنك وأدفعه إلى حسابي بدفترة التوفير و عندما يحين موعد شراء الأضحية أضيف ما تبقى وهكذا أحقق التوازن"· وتلجأ عائلات إلى شراء الأضحية بأن يدفع الثمن الإخوة المتزوجون الذين يجتمعون ليلة العيد بدار الأب وفي هذا الصدد يقول فيصل 30 سنة تعودت منذ صغري على صورة أبي وهو يستضيف أشقائي الكبار وزوجاتهم فأولادهم في الدار الكبيرة ليلة العيد، وهذا بعد أن يمد كل واحد منهم نصيبا من المال لوالدي الذي يشتري به الأضحية ولازالت عائلتنا على هذا التقليد الذي يخفف الضغط على كل واحد منا، خصوصا أن والدي متقاعد الآن ولدي شقيقان عاطلان عن العمل"· ويأسف الكثيرون لعدم قدرتهم على أداء هذه السنة كون "العين بصيرة واليد قصيرة" تقول سهام "أشعر بالأسف لأني عاجزة هذا العام عن ذبح الأضحية بسبب الكم الهائل من الإلتزامات الملقاة على كاهل زوجي، فإلى جانب دفعه ثمن السيارة بالتقسيط ندفع ثمن الكراء والكهرباء والماء، رغم أننا نعمل نحن الإثنان إلا أن الميزانية لا تسمح باقتناء الكبش، وقد لاحظت الحزن في عيون أبنائي·· لكن الأكيد أنهم سيفهمون الوضع عندما يكبرون"· وباقتراب عيد الأضاحي عرفت أحشاء الكبش ارتفاعا مذهلا فبعدما كان سعر "البوزلوف" لا يتعدى 400دج قفز في الفترة الأخيرة إلى 600دج أما الكبد والقلب والكلى و "الدوارة" فالتهبت أسعارها لتصل إلى2800 دج وهو السعر الذي يرفضه جيب المواطن الضعيف الذي رغم ذلك سيضطره إلى شراء قطع من الأحشاء لإضفاء أجواء العيد علي الأسرة·.