رفع الستار أوّل أمس، على فعاليات المسابقة الرسمية لمسابقة "التاغيت الذهبي" للفيلم القصير في طبعته الثانية وذلك من خلال عرض ستة أفلام من جنسيات مختلفة لمخرجين أغلبهم شباب اجتمعوا بالمنطقة السياحية تاغيت ليتقاسموا خبراتهم مع محترفي الفن السابع. وقد استقطب العرض المغربي "المرأة الشابة والمعلم" للمخرج والممثل محمد نظيف اهتمام الحضور، نظرا للاحترافية التي أنجز بها العمل، الذي تناول قصة معلم يتّجه للتدريس في قرية نائية بجنوب المغرب وأوّل ما تطأ قدماه القرية التي ترحّب به أحسن ترحيب يصطدم بشابة مجنونة تجري على غير هدى باحثة عن "صالح " خطيبها الذي ركب الأمواج مغامرا بطريقة غير شرعية "حرّاق" بحثا عن حياة أفضل بعيدا عن بلاده، ليبتلعه البحر دون أن يعثر له على أثر ولا يضم رفاته قبر، لتفقد الفتاة رشدها وهي تنتظر عودة من ذهب للموت على قدميه وتبحث راكضة بين أزقة القرية عمن يكتب لها رسالة لصالح ترجوه فيها العودة إليها. المعلم يحسّ بشيء خفي يربطه بالفتاة، شيء خفي لا يدركه المشاهد من أوّل وهلة، ليكتشف في وقت لاحق عندما يقرّر المعلم أن يكتب رسائل للفتاة لكّنه في الحقيقة يكتب لحبيبته التي خطفتها الموت أياما فقط قبل أن يجمع بينهما الرباط المقدس، المعلم يعرّي أمام المشاهد شوقه وحزنه لفقدان أعزّ الناس إليه، تلك التي لم يستطع أن ينساها وبقيت روحها تلاحقه في كل الأماكن التي جمعتهما معا. العمل يعالج بطريقة بسيطة لكنها عميقة إشكالية الهجرة غير الشرعية التي تعاني منها دول المغرب العربي بشكل عام، من خلال استعراض نتائج تلك الخطوات غير المحسوبة والمتهوّرة لشباب فقدوا ثقتهم بأنفسهم وفي محيطهم أيضا، كما يرسم تلك الجروح الغائرة والآلام العسيرة التي يخلّفها فقدان الأحبة. وقد دخلت الجزائر اليوم الأوّل للمنافسة بفيلم "الشكّ" لعمار سي فوضيل الذي ظهر دون المستوى بفعل رداءة الصورة سواء من حيث "الكادرات" أو نوعية الصورة في حد ذاتها، وبفعل أداء الممثل الوحيد في العمل والذي كان المخرج نفسه، وبدا مضمون العمل أيضا ضبابيا وغير واضح من خلال تناوله لقصة زوج يدخل إلى منزله وهو ينادي زوجته "مريم" لكنه لا يجدها ليكتشف رسالة تركتها له الزوجة الغائبة على طاولة تقول فيها أنّها تركته لأنّها ملّت الحياة إلى جانبه وتناشده عدم البحث عنها، ليكتشف المشاهد في الأخير أنّ الزوج ربما يكون مجنونا أو مجرما قتل زوجته، وقد برّر المخرج ضعف عمله على مختلف المستويات بنقص الإمكانات التي أنجز بها العمل. من الأفلام التي عرضت في اليوم الأوّل للمنافسة الرسمية أيضا فيلم "نهاية الكوميديا" لجون جوليان كوليت من بلجيكا الذي اشتغل فيه بشكل جيّد من حيث الصورة، رغم اقتصاره على مشهدين أو ثلاثة أهمّها مشهد السيارة الذي جمع أبا وابنه ليكتشف المشاهد عبر تحاورهما حجم الانحطاط النفسي والهزيمة الداخلية التي يعيشها الجيلان، جيل الأب وجيل الشباب وترسّبات الحياة التي جعلت من هذا الوالد رجلا لا يفكر إلاّ في الرحيل أوالانتحار هروبا من الواقع، والابن في تعاطي المخدرات. تونس دخلت هي الأخرى المنافسة في يومها الأوّل ب "السكات" الذي يعدّ أوّل عمل لفاتن حفناوي، تعرّضت من خلاله إلى مراسلي الحروب الذين ينقلون جزء من الحقيقة المغيبة عن الشعوب التي تعاني الدمار والوحشية اللامتناهية، لكن العمل جاء متوسط المستوى يبعث لإيحاءات أخرى غير تلك التي أراد أن يعبر عنها. إلى جانب تونس دخلت مصر أيضا المنافسة بأوّل عمل لها من بين اثنين آخرين شاركت بهما يحمل عنوان "كعكة بالكريم" لأحمد مجدي الذي أعاد طرح موضوع متناول من خلال إبراز حياة الذين يتّخذون من الجسور سقفا والأرض فراشا والقمامة مصدرا للرزق، دون اشتغال كبير لا على الصورة ولا على الرمزية ليأتي العمل أكثر من عاد يفتقر لجماليات الصورة. آخر عمل عرض على جمهور التظاهرة ولجنة التحكيم فيلم "الرجل المحترم" لتامر خوري من لبنان الذي عبّر عن ملله من الحياة الرتيبة والقناع الإجباري الذي يرتديه كلّ منا عندما يتأهّب للخروج من منزله. اليوم الأوّل للمهرجان شهد أيضا عرض فيلم وثائقي استعرض المسار السينمائي للمخرج الايطالي المعروف صاحب رائعة "معركة الجزائر" جوليو بونتي كورفو للمخرج الايطالي ماريو كانال وذلك بحضور زوجة المخرج الراحل، الفيلم جمع شهادات حية عن حياة ومسار الفنان المخرج على لسانه ولسان من عاشروه واشتغلوا معه، بما فيهم ياسف سعدي الذي تحدّث عن مشاركته في فيلم "معركة الجزائر"، كما ضمّ العمل العديد من الصور والأرشيف الخاص بالمخرج لاسيما مشاركاته في مختلف المهرجانات. يذكر أنّ التظاهرة شهدت أمس، عرض ثمانية أعمال أخرى ضمن المنافسة الرسمية على أن يسدل الستار على فعاليات التظاهرة يوم السبت بالإعلان عن أسماء الفائزين بالجوائز الست الخاصة بالمهرجان.