تنفرد الملاكمة الجزائرية، الاختصاص الأبرز في الحركة الرياضية الوطنية، بشرف إهداء أولى ميدالياتها الأولمبية بفضل الثنائي موسى مصطفى وزاوي محمد، المتوجين بالبرونز في أولمبياد لوس أنجلس (الولاياتالمتحدةالأمريكية) عام 1984، لكن هذا التألق لم يبرز في الآونة الأخيرة نظرا للمشاكل التي يتخبط فيها "القفاز الجزائري"، بداية بسحب عضوية الاتحادية الوطنية من الاتحاد الدولي، مرورا إلى التنافس الشديد حول رئاسة الفيدرالية، وصولا إلى سيناريو تأجيل الجمعية الانتخابية للفرع إلى يوم 12 جانفي 2019. لإخراج "الفن النبيل" الجزائري المتعود على الأمجاد الأولمبية من نفقه المظلم، اقتربت "المساء" من أهل الاختصاص، للحديث عن الوضع المزري الذي آلت إليه الملاكمة التي هي منذ أولمبياد 2000، في رحلة البحث عن تتويج أولمبي تزين به سجلها الذي يبقى مشرفا وواعدا. عقون:هناك قرارات ارتجالية لاتزال تنخر جسد الرياضة الجزائرية البداية، كانت مع المدرب الأسبق للمنتخب الوطني، عز الدين عقون الذي تأسف على حال القفاز الجزائري قائلا في هذا الشأن "أتاسف كثيرا عن وضعية الملاكمة الجزائرية التي لها علاقة وطيدة مع سلسلة النجاحات المحققة في مختلف المنافسات الدولية، لاسيما الأولمبية، حيث افتكت في مختلف دورات هذه الألعاب ست ميداليات، منها ذهبية واحدة وخمس برونزيات، منذ أول مشاركة للجزائر في الألعاب الأولمبية عام 1968 بمكسيكو (المكسيك)". عقون أضاف أن تاريخ الملاكمة الجزائرية حافل بأسماء كتبت إنجازاتها بأحرف من ذهب، على غرار موسى مصطفى (81 كغ) وزاوي محمد (75 كغ) بإهدائهما للجزائر، ميداليتيها الأولمبيتين الأوليين (برونزيتين)، في الوقت الذي يبقى المرحوم حسين سلطاني، الرياضي الجزائري الوحيد المتوج بميداليتين أولمبيتين بعد إحرازه الميدالية البرونزية في أولمبياد برشلونة (إسبانيا 1992)، والميدالية الذهبية في أولمبياد أطلنطا (الولاياتالمتحدةالأمريكية 1996). مبرزا في الوقت نفسه، أن مختلف طبعات الألعاب الأولمبية التي حضرت فيها الملاكمة الجزائرية، عرفت مشاركة 48 ملاكما، 14 منهم شاركوا مرتين، على غرار حسين سلطاني، نور الدين مزيان، شادي عبد القادر وعبد الحفيظ بن شبلة. وعن استقرار الحصيلة الأولمبية للملاكمة الجزائرية عند ست ميداليات، أرجع المدرب الحالي للمنتخب الأردني الأمر إلى نقص حجم المنافسة وعدد منازلات الملاكمين الجزائريين، وعلق في هذا الجانب قائلا "لا يعقل مجابهة خصم له 150 منازلة في جعبته سنويا"، مؤكدا أن الاستراتيجية المرسومة منذ سنة 2012 لتحضير الملاكمين لألعاب ريو، انحرفت عن مسارها الحقيقي، ومثلما كان مخططا لها، موضحا في سياق متصل "بعد تقييمنا للمشاركة الأولمبية في لندن 2012، توصلنا إلى أن نقص المنافسة كان سببا وراء عدم تحقيقنا للميدالية، وعليه قررنا المشاركة في السلسلة العالمية للملاكمة WSB والبطولة الاحترافية للاتحادية الدولية للملاكمة APB، مما نجم عنه تحقيق خمس ميداليات ذهبية، زائد فضية في الألعاب المتوسطية بمرسين التركية كأحسن مشاركة للملاكمة في منافسات الحوض المتوسط، إلى جانب السيطرة على البطولات القارية والإقليمية.. لكن للأسف، كانت هناك سنة 2015، قرارات ارتجالية لا تزال تنخر جسد الرياضة الجزائرية من الاتحادية، فتغير كل شيء وتحطم كل ما بني في ثلاث سنوات، بتوقف المشاركة في المنافستين المذكورتين، هو العائق الذي تعاني منه جل الرياضات". كما عبر عن سخطه من الأخطاء التحكيمية عن قصد، والتي حرمت العديد من الأبطال من تحقيق ميداليات كانت في المتناول، حيث قال "قبل نشوب أي مشكل تحكيمي، راسلت رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة، بإعادة النظر في النظام الجديد لاحتساب النقاط، والذي يصعّب من عمل المدربين، فلا يمكن أن تعرف نتيجة الجولات إلا في نهاية المنازلات". أضاف "صراحة، طرحت عدة تساؤلات حول التحكيم في الأولمبياد، كما تمت مناقشة طريقة جديدة لاحتساب النقاط في اجتماع المكتب التنفيذي للاتحادية الدولية الذي نظم في الأشهر الماضية". لعزيزي: ترشيحي لرئاسة الاتحادية مطلب أسرة الفرع من جهته، أكد أحد المرشحين لمنصب رئيس الاتحادية الوطنية للملاكمة، عثمان لعزيزي، رئيس رابطة بومرداس والعضو الفديرالي والحكم الدولي، أن الوضع الحالي للقفاز الجزائري حتم عليه الترشح لرئاسة فديرالية هذا الفرع الذي دخل تاريخ الملاكمة العالمية من بابه الواسع، مضيفا أنه مستعد لوضع نقطة النهاية مع مشوار التحكيم الذي مارسه لأكثر من 20 سنة، بغية إرجاع قاطرة الملاكمة الجزائرية إلى سكتها. تذكر لعزيزي محطات المشاركة الجزائرية في الألعاب الأولمبية، حيث قال، إن سجل "القفاز" الجزائري غني بالإثارة والألقاب، حيث بقي منذ موعد المكسيك (1968) الذي عرف مشاركة ملاكمين جزائريين وإلى غاية طبعة موسكو (الاتحاد السوفياتي سابقا) عام 1980، خاليا من التتويجات. مضيفا أن الملاكمة الجزائرية بدأت تحصد ثمار مجهوداتها وتطورها في دورة لوس أنجلس 1984. فمن بين الملاكمين السبعة المشاركين في المنافسة؛ اثنان منهم موسى وزاوي، نجحا في الصعود على منصة التتويج وإهداء الجزائر أولى ميداليتيها الأولمبيتين. في عام 1988 بسيول (كوريا الجنوبية)، أخفق الملاكمون الستة الذين مثلوا "الفن النبيل" الجزائري في تكرار إنجاز لوس أنجلس.. أربع سنوات من بعد، جددت الجزائر العهد مع التتويجات الأولمبية بمناسبة أولمبياد برشلونة (لإسبانيا 1992)، بفضل حسين سلطاني (75 كغ) الذي افتك الميدالية البرونزية في هذه المنافسة التي شارك فيها ثمانية ملاكمين جزائريين. كما أشار الحكم الدولي إلى أن بلاد "العم سام"، كانت فأل خير على الملاكمة الوطنية، حيث شهدت انطلاقتها الكبرى، بتتويجها بميدالية ذهبية وأخرى برونزية في أولمبياد أطلنطا عام 1996، وقال في هذا الخصوص "ذهبية أطلنطا كانت من صنيع المرحوم حسين سلطاني في وزن 60 كغ، الذي أكد بالمناسبة، على تحسن مستواه اللافت، بعد أن توج أربع سنوات من قبل بميدالية برونزية في برشلونة، فيما توج محمد بحاري بالميدالية البرونزية في وزن (75 كغ)" . تابع أن النتائج التي سجلت في أولمبياد أطلنطا، تبقى الأحسن في تاريخ مشاركات الملاكمة الجزائرية في الألعاب الأولمبية، وفي سيدني عام 2000، كانت الحصيلة الجزائرية نسبيا أقل مما كان ينتظر منها، حيث كان محمد علالو (63.5 كغ) الملاكم الوحيد المتوج بإحرازه الميدالية البرونزية. عن ترشحه لرئاسة الفديرالية، قال الحكم الدولي إن عائلة الفرع أجبرته على إيداع ملف ترشحه لرئاسة الاتحادية، قصد الاستفادة من المعارف التي أقامها مع خبراء البلدان الرائدة في هذا التخصص، على غرار كوبا، روسيا والرئيس الحالي للاتحادية الدولية للملاكمة "أيبا" الأوزبكي جافور راخيموف، إلى جانب استثمار الخبرة المكتسبة من مشواره الذي يفوق 25 سنة من الممارسة كملاكم، مربي الرياضة، حكم بمختلف درجاته (جهوي، وطني ودولي) وخبير دولي. واصل كلامه "آمل أن تكون الجمعية الانتخابية المقررة يوم 12 جانفي الجاري، مرحلة انتقالية نحو الإيجاب لرياضة تسعى بشوق وحرارة إلى الاستجابة لتطلعات الرياضي الجزائري". عن الوضع الحالي للملاكمة الجزائرية، وصفه لعزيزي بالكارثي، حيث قال "أقل ما يقال عن هذا الوضع أنه كارثي... وحسب اعتقادي، فإن المصالح الشخصية لبعض المسؤولين السابقين حالت دون تطوير الفرع... وهذا الأمر لم أتمكن من هضمه إلى حد الآن، بحكم مشوار الملاكمة الجزائرية التي لم تخلف مرة تقاليدها في اعتلاء منصة التتويج، لهذا أتمنى أن تكون الجمعية الانتخابية رقم 3 خلال العهدة الأولمبية 2017 /2020، نقطة نهاية المهازل وبداية التألقات باستغلال خبرة أبنائها لتطوير الفرع أو تعزيز رصيد الملاكمة الجزائرية، بإنجازات تضاف إلى تلك المحققة في الدورات الأولمبية أو على الصعيد العالمي، على غرار ذهبية حسين سلطاني في أولمبياد 1996، وبرونزيات مصطفى موسى ومحمد زاوي 1984، وحسين سلطاني 1992، ومحمد بحاري 1996 ومحمد علالو 2000. عليان: الجمعية الانتخابية.. نقطة تحول إلى مسار الملاكمة الجزائرية أما سفيان عليان، منظم المنازلات الاحترافية بالجزائر، فقال إن الجمعية الانتخابية المقررة يوم 12 جانفي الجاري، ستكون نقطة تحول من السلب إلى الإيجاب، في ظل الأسماء الثقيلة المرشحة لمنصب رئيس الاتحادية، ويتعلق الأمر بكل من عثمان لعزيزي، رئيس رابطة بومرداس والعضو الفديرالي والحكم الدولي، عبد الله بسالم، رئيس سابق للاتحادية، ناصر الروان، عضو فديرالي ورئيس رابطة تيزي وزو، إضافة إلى عبد السلام ذراع رئيس سابق للهيئة الفديرالية. أضاف أن الرئيس الجديد مجبر على توظيف كافة معارفه وتجاربه لإخراج الملاكمة الجزائرية من نفقها المظلم، وعليه فالمرشح الكفيل بهذا المنصب على -حد قوله- هو عثمان لعزيزي نظير شعبيته الكبيرة على الساحة الدولية، بحكم تقلده منصب حكم دولي وتواجده ضمن قائمة "توب 5". في سياق متصل، ذكر عليان أن الرئيس الحالي لرابطة بومرداس، يملك كل مواصفات الرئيس الفديرالي الناجح، بحكم طموحه اللامحدود في ترقية الملاكمة الجزائرية، لذلك يتوجب على أسرة الفرع الوقوف بجانبه وتقديم يد المساعدة باستثمار تجاربهم المكتسبة من مختلف الحلبات العالمية. مضيفا أن الشيء المهم الذي يجب اتخاذه كإجراء أولي بعد انتخاب الرئيس الجديد، استرجاع العضوية في اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي الذي فقدته الجزائر في شهر أكتوبر الفارط، بمناسبة الانتخابات التي جرت في شهر نوفمبر الماضي. تابع موضحا أنه بعد انتهاء عهدة الرئيس السابق للاتحادية الوطنية للملاكمة، والعضو الحالي باللجنة التنفيذية نبيل سعدي، لم يتمكن رئيس الهيئة الوطنية في تلك الفترة (شهر أكتوبر)، عبد السلام دراع، من تسجيل ملف ترشحه ضمن الآجال التي حددها الاتحاد الدولي. ختم عليان كلامه بالقول، إن المعيار الحقيقي لمعرفة مدى نجاح مشروع الرئيس الجديد، هو تحقيق ميدالية أولمبية في دورة طوكيو 2020، حيث لم تخلف الملاكمة الجزائرية نفسها في السجل الأولمبي منذ عام 2000، بعد برونزية علالو في دورة سيدني، رغم أن منتخب الملاكمة هو التعداد الأكثر تمثيلا للجزائر في مختلف الألعاب الأولمبية.