دفعت غيرة الشاف ليلى عنان على الطبخ الجزائري، بعدما افتكت سبع ميداليات في منافسات ومهرجانات دولية بمصر حول الطبخ العالمي، إلى التفكير في طريقة لإخراج الطبخ التقليدي الجزائري إلى العالمية، بالنظر إلى تنوعه وثرائه، وحسبها، فإن هذا لا يتحقق إلا بجمع مختلف الوصفات التقليدية في كتاب، والترويج لها عبر مختلف الوسائط التكنولوجية المتاحة، وهو العمل الذي قررت الشروع فيه باستهداف سكان المناطق الجبلية للبليدة، التقتها "المساء"، على هامش مشاركتها في الطبعة الثانية للمهرجان الدولي للكسكسي، فكان هذا اللقاء. تقول الشاف ليلى في بداية حديثها مع "المساء"، إن اهتمامها بالطبخ التقليدي ليس حديثا، إنما كان شغفها به كبيرا منذ الصغر، فكانت ترافق والدتها وتطلب منها تعليمها. وبعد أن لاحظت انجذابها الكبير إلى الطبخ، قررت أن تتعلم فنونه، لتجد نفسها تخوض تكوينات في الطبخ العالمي، ومن ثمة راحت تشارك في المهرجانات الدولية، على غرار مهرجان الطبخ العالمي في مصر، الذي كان حسبها الانطلاقة للتفكير في ضرورة إدراج الأطباق الجزائرية التقليدية في المسابقات الدولية، بهدف التعريف بها عوض المشاركة بأطباق أجنبية، ك«البيتزا"، خاصة أن الطبخ الجزائري في اعتقادها غير معروف، وتؤكد "حتى لا نقول إنه مظلوم أو مهمش، مقارنة بنظيره المغربي أو التونسي". أرجعت الشاف ليلي، حالة الإقصاء أو التهميش التي يعرفها المطبخ الجزائري إلى الشيفان الجزائريين المحترفين، الذين لا يبادرون حسبها إلى تقديم الأطباق الجزائرية في مختلف المنافسات التي يشاركون فيها أو البلدان التي يتواجدون بها، بل يعملون على الأطباق العالمية التي نجحوا حقيقة فيها، "غير أنه ليس المطلوب في رأيي، لأن المطبخ الجزائري، بالنظر إلى ثرائه وتنوعه، يستحق أن يخرج إلى العالمية ولا يقتصر الأمر فقط على طبق الكسكسي، الذي تمكن من إيجاد مكانة له في لوائح الطعام بالمطاعم العربية وحتى الغربية، إنما يشمل باقي الأطباق التقليدية التي لا تعد ولا تحصى، ولعل هذه الميزة التي لا نجدها في باقي الدول الأخرى". الشاف ليلى أرادت أن تكون انطلاقة مشروعها من مسقط رأسها، واختارت أن يكون فحوى كتابها الذي تعمل هذه الأيام على وضع خطوطه الأولية حول "مائدة جبال الشريعة"، التي تعرف بخضرتها وحوامضها، مشيرة إلى أن بحثها سينصب حول نقل الوصفات التقليدية التي تحضر بدون لحم، والتي يشتهر بها سكان جبال الشريعة، ومنها مثلا "التبيخة بالقرنون والفول والجلبانة"، و«تبيخة الخضر الخضراء والبقوليات"، وطبق القرع الأحمر بالفول، وطبق "بطاطا فليو"، وتضيف "اخترت عنوانا لكتابي ‘أطبخ بدون لحم.. وصفاتي من أعالي جبال الشريعة". ما حفّز محدثتنا على البحث في المطبخ التقليدي لمنطقة جبال الشريعة، أنه مطبخ صحي ولا يحوي على اللحوم، والتوجه اليوم في الغذاء الصحي يسير نحو البحث في الأكل قليل اللحوم والغني بالخضر، وتقول "بما أن البليدة منطقة معروفة بحشائشها وخضرها وحوامضها، فليس هناك أفضل من هذه الفرصة لاغتنامها والتعريف بأطباقها، ولم لا إخراجها نحو العالمية، لأنها حقيقة تستحق أن تعرض في أرقى المطاعم". عن الطريقة التي ينتظر أن تعتمدها محدثتنا لجمع الوصفات التقليدية بجبال الشريعة، أشارت إلى أن المهمة ليست سهلة، في ظل ضعف إمكانياتها، غير أنها تفكر في البحث عن مرافق يعرف جيدا جبال البليدة والقاطنين فيها، ليتسنى لها الدخول إلى منازلهم ونقل الوصفة التقليدية من مصدرها وتصويرها بعد المشاركة في تحضيرها، مشيرة إلى أن هذا العمل يحتاج إلى وقت طويل وجهد، غير أنه ليس مستحيلا، وهو الرهان الذي "أحاول كسبه، وأدعو من خلاله كل الشيفان المهتمين بالطبخ الجزائري، إلى ضرورة البحث كل من جهته، للنهوض بالمطبخ الجزائري الغني والمتنوع". الطبخ الجزائري، حسب محدثتنا، من أغنى المطابخ، غير أنه لا يحظى بالاهتمام المطلوب، رغم الجهود المبذولة من طرف بعض الطباخين الكبار الغيورين على تراثهم، وبالمناسبة، تقول "أتمنى أن يتم توحيد جهود الشيفان من مختلف ربوع الوطن، من أجل الترويج للطبخ الجزائري خارج حدود موطنه".