* email * facebook * twitter * linkedin أكدت السلطات الألمانية عقد ندوة برلين حول الأزمة الليبية بشكل رسمي يوم الأحد القادم، لإيجاد الظروف المواتية لإنهاء الاقتتال في ليبيا في نفس الوقت الذي أكدت فيه نظيرتها الروسية على سريان اتفاق وقف إطلاق النار رغم عدم توقيعه من طرف خليفة حفتر. غادر اللواء المتقاعد خليفة حفتر فجر أمس، العاصمة الروسية، موسكو دون التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعه غريمه فايز السراج ضمن تصرف فتح الباب أمام الكثير من التساؤلات بخصوص مستقبل العملية السياسية الرامية إلى إنهاء الحرب الأهلية في بلاده. ولكن هل يصمد حفتر على مواقفه الرافضة لكل تسوية تفاوضية للأزمة المستفحلة في بلاده عبر لقاءات سياسية مباشرة مع حكومة الوفاق الوطني برعاية أممية؟ وهو سؤال يطرح، خاصة وأن حليفه الروسي لعب دورا محوريا في تسريع وتيرة مسار التسوية السياسية عندما أرغمه بداية الأسبوع الجاري، الالتزام بوقف لإطلاق النار والحضور يوما بعد ذلك إلى العاصمة موسكو للتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار. ووجد اللواء حفتر نفسه في موقع حرج وهش في ظل موقف دولي رافض لتصرفه إذا سلمنا بحسن نوايا مختلف العواصم الإقليمية والدولية التي تحركت هذه المرة باتجاه تغليب لغة الحوار وإسكات لغة السلاح التي طغت على المشهد الليبي منذ شهر أفريل الأخير. ومهما كانت الأوراق الرابحة التي مازالت بيد قائد الجيش الوطني الليبي، والتي جعلته لا يوقع على اتفاق العاصمة الروسية محاولا بذلك رمي الكرة في معسكر الدول التي ضغطت عليه الأسبوع الماضي وعلى فايز السراج من أجل إرغامهم على وقف الاقتتال والعودة إلى طاولة المفاوضات المباشرة، إلا أنه فشل في خطته بعد أن اقتنع حلفاؤه من الدول الداعمة له باستحالة حسم أمر ليبيا عبر الآلة العسكرية. كما أن تصرف خليفة حفتر وضع السلطات الروسية في حرج من أمرها، وهو ما جعل وزير الخارجية، سيرغي لافروف يؤكد أن بلاده لا تنوي رمي المنشفة لمجرد أن أحد طرفي معادلة الأزمة قفل عائدا إلى بلاده وقال إنه سيواصل جهوده رفقة الجانب التركي من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار. وأضاف لافروف أن حفتر عاد إلى معقله في مدينة بنغازي لاستشارة القبائل التي أيدته في حربه ضد حكومة الوفاق الوطني وسيعود بعد يومين من أجل التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار. وإذا كان لافروف استعمل لغة دبلوماسية تجاه حليفه الليبي، فإن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان استعمل لهجة حادة حملت لغة تهديد صريحة باتجاه قائد الجيش الوطني الليبي وقال إنه لن يتردد في "تلقين الانقلابي حفتر درسا لن ينساه في حال عاود شن هجماته العسكرية ضد العاصمة الليبية. وهو تصريح حاد يؤكد أن حفتر لم يعد في موقع قوة حتى يفرض منطقه على مجموعة دولية لم يسبق أن اتحدت مواقفها من أجل حسم الوضع في ليبيا عبر إجلاس فرقاء أزمتها إلى طاولة مفاوضات مباشرة بهدف منع وقوع الانفجار الكبير لدولة ستكون تبعاته على كل دول المنطقة الإفريقية والمتوسطية والعربية. والمؤكد أن الرئيس التركي يدرك وقع التهديد الذي وجهه لخليفة حفتر بعد أن حصل على ضوء أخضر أمريكي لمنع استئثار روسيا بالغنيمة الليبية، وهو إيحاء أيضا أن قائد الجيش الوطني الليبي لم يعد يمتلك سلطة قراراته ولولا ذلك لما استعمل الرئيس أردوغان تلك التهديدات عشية مفاوضات جعلت أنقرة نجاحها من بين أولوياتها. وقال خالد المشري، رئيس مجلس الدولة الليبي الذي رافق فايز السراج إلى موسكو، محذرا إنه في حال رفض خليفة حفتر التوقيع على الاتفاق، فإننا على أهبة الاستعداد لضرب مواقعه التي يسيطر عليها. وبدا خليفة حفتر في سياق تطورات الساعات الأخيرة وهذا التهديد وحيدا في موقفه ضمن مشهد صوره وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالقول إن كل المجموعة الدولية من روس وأتراك وأوروبيين وجزائريين وإماراتيين ومصريين وقطريين يشجعون الأطراف الليبية على تحقيق التفاهم بدلا من تسوية خلافاتهم بقوة السلاح. ويجهل إلى حد الآن الدوافع التي جعلت خليفة حفتر يضع نفسه في هذا الموقف الحرج، وهل كانت عودته إلى بنغازي فعلا بنية استشارة مساعديه ومناقشة النقاط التي تضمنها اتفاق وقف إطلاق النار تمهيدا للعودة إلى طاولة المفاوضات بالعاصمة الألمانية أم لاستشارة دول إقليمية ممن وقفت إلى جانبه ودعمته بالمال والعتاد حتى تمكن من فرض منطقه العسكري على قوات حكومة الوفاق الوطني. يذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعه رئيس حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج تضمن بشكل خاص وقف كل العمليات العسكرية وضمان عودة مظاهر الحياة العادية إلى العاصمة طرابلس وكل المدن الليبية الأخرى والسماح بدخول وتوزيع المساعدات على سكانها من دون التعرض للقائمين عليها.