* email * facebook * twitter * linkedin قال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إن وصفه للحراك الشعبي الذي عاشته البلاد منذ سنة، بأنه "مبارك" هو "عن جدارة و عن دراية بما كان سيحدث للدولة الجزائرية، التي كاد أن يذهب ريحها وأن تنهار مؤسساتها، وأن تدخل في أجندة من يريد أن يجعل منها سوريا أخرى وليبيا أخرى وعراق آخر لأغراض ربما دنيئة"، مضيفا أن الحراك "أنقذ الدولة الجزائرية من الانهيار في ظل انزلاقات الحكم الفردي، ومحاولة تمديد مأساة سياسية عاشتها الجزائر". وأكد الرئيس تبون، في حوار مع قناة "روسيا اليوم" أن الحراك "سمح بتوقيف العهدة الخامسة ورفض تمديد العهدة الرابعة، وأسقط كل الرؤوس التي أوصلت البلاد إلى ذلك الوضع، ناهيك عن محاسبة كل من استغل الاقتصاد الوطني لأغراض شخصية وهم اليوم يقبعون في السجن. وبعد أن ذكر بدور الشعب الجزائري في كل المحطات التاريخية التي عرفتها البلاد، لاسيما خلال ثورة أول نوفمبر، أكد رئيس الجمهورية، أن الشعب الجزائري "أظهر من خلال هذا الحراك أنه شعب مسالم، مثقف، مسيّس وليس متهورا أو إرهابيا مثلما كان يروج له حتى من قبل بعض الأشقاء"، مبرزا أن الجزائريين بسلوكهم هذا "أعطوا درسا للآخرين ودرسا آخر في تمسك الجيش الوطني الشعبي بالدستور، وبوطنيته التي أظهر من خلالها أنه حقا سليل جيش التحرير الوطني"، مستدلا في هذا السياق بعدم إراقة أية قطرة دم طوال سنة. أما فيما يتعلق بما تبقى من مطالب الحراك أوضح الرئيس تبون، أن الأمر يتعلق ب«إعادة النظر في كيفية تسيير البلاد مع ضمان أكبر مساحة ممكنة من الحريات وحمايتها، إلى جانب التوازن بين المؤسسات حتى لا تطغى مؤسسة على أخرى. وذلك تفاديا للانزلاق إلى الحكم الفردي والتسلطي". وبخصوص الجزائريين الذين يواصلون خروجهم إلى الشارع كل جمعة، علّق رئيس الجمهورية قائلا "شخصيا لا أرى أي مانع في خروجهم فهذا حقهم والديمقراطية تقتضي ذلك. ولا يطرح أي مشكل بالنسبة لنا"، غير أنه أشار بالمقابل إلى أن "الخوف نابع من الانزلاقات التي تنجر عن اختراق صفوف الشعب الذي لديه الوعي بذلك. وبشأن رزنامة الإصلاحات السياسية داخل البلاد، أكد القاضي الأول في البلاد، أن "أقصى حد للانتهاء من ورشة تعديل الدستور سيكون مع بداية الصيف المقبل، وأنه قبل نهاية السنة نكون قد فصلنا كليا في الدستور وقانون الانتخابات، ونكون بذلك قد وصلنا إلى الانتخابات التشريعية والمحلية". وحول رأي البعض بضرورة حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية قبل تعديل الدستور أوضح الرئيس تبون، بأن "المنطق يقتضي بناء البيت من الأساس"، في إشارة منه إلى تعديل الدستور أولا الذي يعد -مثلما قال - "أساس أي دولة"، لافتا إلى أنه "من غير الممكن البداية بالانتخابات في حين لم يفصل الدستور في دور المنتخبين ولا في دور الرقابة". وقال إن "نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج"، وأن "حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات برلمانية آنيا سوف يؤدي إلى نفس النتيجة، لأن المال الفاسد لا زال في الشارع واستغلال النفوذ لازال موجودا الأمر الذي سينتج برلمانا بنفس المعايير"، ليستطرد في هذا الصدد "بعد تحديد هذه الأمور قانونيا وتجريم بعض التصرفات، يمكن الذهاب إلى برلمان آخر أغلبيته شباب ومثقفون تكون لهم السلطة المعنوية الكافية". لابد من نسيان الاعتماد على الريع البترولي وفي الشق الاقتصادي أكد رئيس الجمهورية، أن الجزائر تطمح في عهده إلى "نموذج اقتصادي نظيف ونزيه" تكون مهمته الأساسية "خلق الثروة وتوفير مناصب الشغل، وكذا معالجة المأساة الاجتماعية التي عاشها المواطن"، مؤكدا أنه "بات من الضروري الشروع في نسيان الاعتماد على الريع البترولي والذهاب صوب ثروات أخرى. وذلك لتحقيق اقتصاد لا يرتكز على الاستيراد ويكون مبنيا على أسس منطقية ووطنية، حيث يعود بالخير على الوطن والمواطن وليس على مجموعة من الاوليغارشيا". وفيما يتعلق بموضوع الغاز الصخري أوضح الرئيس تبون، أن هذا الموضوع تم توظيفه "لإثارة الغضب"، مشددا بالقول "أنا لم أقل بأننا سنستغل الغاز الصخري. قلت فقط أنه بالنظر إلى الأرقام فإن تطور الجزائر ونموها جعلنا نستهلك نصف إنتاجنا من الغاز"، في حين أوضح أن القرار في مسألة الغاز الصخري مرهون بتقرير الخبراء، الذي سيدلون برأيهم بهذا الخصوص، وفيما إذا كان غير مجد أو قد يتسبب في التلوث، وأن القرار يعود إليهم لأنهم أهل الاختصاص. وفي سياق متصل، أشار رئيس الجمهورية، إلى أن الجزائر "تحوز كنزا من الثروات أكثرها غير معروف، ناهيك عن الفلاحة بشقيها الشمالي والصحراوي"، لافتا إلى عدم استغلال هذه الأخيرة ب«الشكل الكافي" في ظل توفرها على "مياه جوفية تقدر ب15 ألف مليار متر مكعب على عمق 50 مترا، وكذا مساحات شاسعة من الأراضي". وفي هذا الصدد أوضح الرئيس تبون، أن الفلاحة في الجزائر و رغم عدم ضخامة الإمكانيات التقنية تمكنت من إنتاج ما قيمته 18 مليار دولار في نهاية 2018، ناهيك عن توفر البلاد على طاقة بشرية هائلة"، مستدلا في هذا السياق بتخرج "نحو 200 ألف طالب سنويا من الجامعات الجزائرية". وبالنسبة لموضوع العملة الصعبة أكد الرئيس تبون، عزمه رفع قيمة المنحة السياسية صونا لكرامة الجزائريين وذلك بعد إصلاح الأوضاع الاقتصادية، مشيرا إلى أن السوق الموازية للعملة الصعبة كانت "من أجل التهريب"، في حين جدد تأكيده على ضرورة بناء "اقتصاد نظيف وشفاف بصناعة حقيقية وليست مزيّفة يأتي بالحلول للبلاد"، كما أبرز أهمية السياحة وتحرير المبادرة وتسهيل حصول الشباب على القروض. وعن رأيه في الفيلم الوثائقي حول "مناطق الظل" الذي عرض أمام الولاة في اجتماعهم بالحكومة مؤخرا، أكد رئيس الجمهورية، أن ما عرض هي "مشاهد حقيقية أعرفها شخصيا انطلاقا من تجربتي كمسؤول محلي لسنوات"، مشيرا إلى أن "المحزن في الأمر أن لا أحد التفت إلى معاناة هؤلاء المواطنين والكل كان منهمكا في تزيين المدن".وفي هذا الصدد، أكد رئيس الجمهورية أن إيمانه بالريف "قوي" لعدة أسباب منها "تاريخية"، مذكرا ب«معاناة الريف خلال فترة الاستعمار أكثر من أي مناطق أخرى ونفس الوضع خلال فترة الإرهاب التي شكل فيها سكان الريف 70 بالمائة من الضحايا".