* email * facebook * twitter * linkedin دخل الرئيس العراقي برهام صالح سباقا ضد الساعة من أجل نزع فتيل القنبلة التي خلفها انسحاب رئيس الحكومة المكلف محمد علاوي من إتمام مهمته، مؤكدا عجز أعلى السلطات العراقية في التعاطي مع تداعيات أزمة اجتماعية تحولت إلى معضلة سياسية وأبقت المشهد العراقي في حالة ركود تام في وقت يزداد فيه "القدر الاجتماعي" غليانا ويوشك على الانفجار. وأكد قرار محمد علاوي على تقديم استقالته في الظروف التي يمر بها العراق على عمق الأزمة السياسية فيه واستحالة تسويتها في ظل حالة الاحتقان التي يعرفها الوضع في هذا البلد منذ اندلاع مظاهرات الغضب الشعبي شهر أكتوبر الماضي. ولم يبق أمام الرئيس العراقي سوى أسبوعين لتعيين شخصية ثالثه علها تتمكن من تشكيل حكومة عراقية جديدة يقبل بها النواب والمتظاهرون. وأكدت مصادر سياسية عراقية أمس، أن الرئيس برهام صالح يكون قد اختار مدير جهاز المخابرات العراقي مصطفى الكاظمي للاضطلاع بهذه المهمة من دون أن يكون مقتنعا بحظوظ نجاحه وسط إصرار آلاف العراقيين على تعيين شخصية لم يسبق لها أن مارست أي مسؤولية في الهيئات الرسمية العراقية. وهي معضلة حقيقية احتارت السلطات العليا في بغداد في كيفية الخروج من متاهتها، خاصة وأن الحراك الشعبي مازال متواصلا رغم مقتل أكثر من 550 عراقيا في عمليات إطلاق نار نفذتها قوات الشرطة وعناصر مليشيات مسلحة، حيث صب الزيت على النار. وجاء إعلان الوزير الأول المكلف محمد علاوي تخليه عن مهمة تشكيل حكومة جديدة في وقت هدد فيه عادل عبد المهدي المكلف هو الآخر بتسيير الشؤون العامة إلى غاية تعيين حكومة جديدة بأنه لن يواصل مهمته، وهو الذي فشل نهاية شهر ديسمبر الأخير في تشكيل حكومة عراقية. وشكل علاوي، الذي عين بداية شهر فيفري، حكومة من تكنوقراط وشخصيات مستقلة، محاولا تلبية مطالب المحتجين إلا أن نواب البرلمان رفضوها في المرة الأولى والثانية بسبب انعدام النصاب القانوني للنواب الحاضرين. وهو ما جعل علاوي يؤكد أن التغيب كان مقصودا، متهما بعض الأحزاب المنضوية تحت قبة البرلمان بالعمل على استدامة الأزمة خدمة لمصالحها الآنية غير مكترثة بالمصالح العليا للعراق. وهو التصريح الذي أثار انتقادات الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، متهما رئيس الحكومة المكلف بجعل العراق رهين مواقفه. ووضعت استقالة محمد علاوي السلطات السياسية العراقية في مأزق حقيقي كون استقالة الوزير الأول غير مدرجة في دستور البلاد، وكانت استقالة عبد المهدي نهاية العام الماضي والوزير الأول المعين أمس، بمثابة قنبلة، احتار الرئيس العراقي في كيفية نزع فتيلها في ظل حالة الفراغ التنفيذي الذي تعيشه البلاد وسط تصعيد شعبي منذ الخريف الماضي. وفشلت السلطات العراقية في إيجاد مخرج لهذه الأزمة في وقت لم يغير المحتجون في كبريات مدن البلاد من موقفهم الرافض لطبقة سياسية اتهموها بالتسبب في تعميق مشاكل العراقيين ونهب أموالهم وسط مظاهر تفسخ سياسية شكلت الرشوة والمحسوبية أقصى درجات تعفنه. وأرجعت مصادر عراقية عدم التئام البرلمان إلى صراعات حزبية قوية بين الأكراد والسنة والشيعة حيث يصر الأكراد على ميزانية مستقلة لمنطقة كردستان ذات الحكم الذاتي، بينما يصر السنة على بقاء القوات الأمريكية في العراق، فيما تمسكت الأحزاب الشيعية وخاصة تلك المحسوبة على إيران بموقفها الداعي إلى رحيل القوات الأمريكية تنفيذا للقرار الذي صوت عليه البرلمان مؤخرا.