* email * facebook * twitter * linkedin يلتقي قادة دول الساحل بعد غد الثلاثاء بالعاصمة الموريتانية، نواقشوط في قمة سداسية يحضرها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تخصص لتقييم قرابة نصف عام من الجهد العسكري المشترك في مواجهة الخطر الإرهابي المتنامي في دول هذه المنطقة الساخنة. ويأتي عقد هذه القمة ستة أشهر بعد قمة مدينة "بو" الفرنسية شهر جانفي الماضي دون تسجيل تغييرات جوهرية في الحد من درجة الخطر الإرهابي الذي ما انفك على العكس من ذلك، يزداد من شهر لآخر كنتيجة حتمية لعجز جيوش دول الساحل الخمسة في القضاء على خطر تنظيمات مسلحة صعدت من عملياتها ووسعت من رقعة تحركاتها لتشمل كل دول المنطقة باستثناء موريتانيا التي تمكنت إلى حد الآن من درء الخطر الإرهابي في داخل أراضيها. ورغم العملية النوعية التي سمحت لوحدة عسكرية فرنسية خاصة من القضاء بداية هذا الشهر على أمير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، عبد المالك دروكدال المكنى باسم أبو مصعب عبد الودود إلا أن ذلك لم يكن سوى شجرة لم تتمكن من التغطية على غابة الخطر الإرهابي المستفحل في كل منطقة الساحل. كما أنها عملية لم تغط على فشل قوة "بارخان" الفرنسية في احتواء المد الإرهابي، رغم تعزيز تعدادها إلى أكثر من 5000 رجل ، ضد عناصر إرهابية مدججة بمختلف الأسلحة وتمرست لقرابة ثلاثة عقود على حرب الأراضي الصحراوية المفتوحة وخطط نصب الكمائن وتكتيك شن الهجمات الفجائية والتنقل السريع في تضاريس تعرف كنهها، في صحراء واسعة من شمال مالي إلى وسطه وصولا إلى دولة بوركينا فاسو مرورا بالأراضي النيجرية وإلى غاية بحيرة التشاد. ويأتي عقد قمة العاصمة الموريتانية في سياق هذه الحقائق الميدانية وفي وقت لم يعرف فيه المشهد أي تغير إذا أخذنا بسلسلة الكمائن الدامية التي نصبها عناصر تنظيمات مسلحة لقوات مالية ونيجرية وبوركينابية وشن هجمات مباغتة على مواقع عسكرية خلفت مئات القتلى. والفارق هذه المرة أن قمة نواقشوط تأتي في ظل الطوارئ التي فرضها تفشي وباء "كورونا" الذي أخلط كل الحسابات وحد من هامش تحرك قوات "بارخان" الفرنسية وقوات دول الساحل المعروفة اختصارا باسم قوة "5 ساحل". ولأن متاعب الدول لا تأتي منفردة فغن هذه القمة تعقد في ظل أزمة سياسية حادة تمر بها مالي التي تعد دولة محورية في المعادلة الأمنية "الساحلية" بعد اندلاع مظاهرات احتجاجية مطالبة برحيل الرئيس إبراهيم أبو بكر كايتا وهو الذي راهنت عليه مختلف القوى الدولية من أجل استعادة الاستقرار السياسي في بلاده كخطوة أولى قبل خوض معركة القضاء على الخطر الذي أصبحت تشكله تنظيمات إرهابية على الاستقرار الجهوي. وتجعل هذه الحقائق جديد التنسيق الأمني الفرنسي ودول الساحل يكمن فقط في مشاركة شارل ميشال رئيس المجلس الأوروبي بالإضافة إلى رؤوساء حكومات ألمانياوإيطاليا وإسبانيا في ندوة عبر الفيديو لبحث الموقف العسكري ضمن مسعى فرنسي لإقحام دول أوروبية في مهمة محاربة الإرهاب وتخفيف الضغط الممارس عليها منذ سنة 2012 تاريخ تدخلها العسكري المباشر في مالي. وتريد السلطات الفرنسية ضمن هذه القناعة القول لحلفائها الأوروبيين أن ضمان أمن القارة العجوز يمر حتما عبر جهد مشترك وليس فقط من خلال قوة "بارخان". وتكرست مثل هذه القناعة لدى السلطات الفرنسية بعد أن رفض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب تخصيص ميزانية أممية لقوة " 5 ساحل" رافضا بذلك الانخراط في المسعى الفرنسي وقرر بدلا عن ذلك نقل قواته في إفريقيا إلى مناطق أخرى اكثر أهمية بالنسبة لمصالح بلاده الاستراتيجية وخاصة إلى أقصى الشرق الآسيوي لمواجهة الصعود اللافت للقوة الصينية وإلى دول شرق أوروبا للحد من تنامي الخطر الروسي هناك. وهو موقف مخيب جعل باريس تقتنع بحتمية المراهنة، أكثر فاكثر على عملية "تاكوبا" العسكرية وإقناع دول أوروبية أخرى بالانضمام إليها في سياق جهد عسكري موحد للقضاء على الإرهاب ضمن مهمة شائكة ومعقدة تبقى حظوظ نجاحها غير مؤكدة هي الأخرى وخاصة وأن دولا أوروبية لم تبد أي تحمس للفكرة باستثناء إستونيا التي أرسلت حوالي مائة عسكري بينما اكتفت جمهورية التشيك بإرسال 60 عسكريا شهر أكتوبر القادم في انتظار وصول 150 عسكريا سويديا إلى مالي مع حلول العام القادم بينما فضلت إيطاليا واليونان التريث ودراسة الموقف قبل اتخاذ قرارها النهائي.