يتم اليوم بمدينة جوبا، عاصمة دولة جنوب السودان التوقيع على معاهدة سلام بين الحكومة السودانية وأربع حركات تمرد في جنوب البلاد منضوية تحت ما يعرف باسم الجبهة الثورية السودانية تضع حدا لحرب أهلية مدمرة استمرت على مدار 17 سنة. وتضم الجبهة المتمردة حركات مسلحة في إقليم دارفور في غرب السودان وأخرى في ولاية جنوب كردوفان والنيل الأزرق في أقصى جنوب هذا البلد. ولم توقع على معاهدة السلام الجديدة مجموعتان مسلحتان وهما حركة تحرير السودان التي يقودها عبد الواحد نور والحركة الشعبية لتحرير شمال السودان التي يقودها عبد العزيز الحلو. وتضمنت المعاهدة ثمانية فصول تشكل في مجملها ما اصطلح على تسميته ب"معاهدة السلام" التي تضمن الأمن وتمليك الأراضي والعدالة وتعويض المتضررين من ويلات هذه الحرب، إلى جانب برتوكول اتفاق يخص تطوير حياة السكان الرحل واقتسام الخيرات وتقاسم السلطة وإيجاد الظروف المواتية لعودة اللاجئين والمرحلين. وقال توتكاو غاتلواك، رئيس فريق الوساطة ومستشار رئيس دولة جنوب السودان لشؤون الأمن بعد التوقيع بالأحرف الاولى على هذه البروتكولات أن بلاده وفرت كل الظروف المواتية لتحقيق السلام في دولة السودان. ويحضر مراسم التوقيع على هذه المعاهدة "التاريخية" بالإضافة إلى رئيس دولة جنوب السودان، سيلفا كير والوزير الأول السوداني عبد الله حمدوك، ممثلو وفود أجنبية من دول الجوار ودول راعية لعملية السلام وكل المنظمات الدولية والإنسانية المهتمة بعودة الاستقرار إلى دولة السودان. واعتبر رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك الذي وصل إلى العاصمة، جوبا على رأس وفد حكومي ضم خمسة وزراء، أن اتفاق السلام يمثل "لبنة أولى على طريق تحقيق السلام الشامل". كونه يمنح طاقة جديدة لمواصلة طريق البناء وجعل السلام كواقع وحقيقة تشعر بها كل مكونات الشعب السوداني التواق إلى تحقيق العدالة والاستقرار والتنمية الشاملة. ووضعت السلطات السودانية الجديدة منذ الإطاحة بنظام الرئيس عمر حسن البشير ربيع العام الماضي من بين أولوياتها تحقيق السلام مع مختلف حركات التمرد التي رفعت السلاح في وجه النظام العسكري الذي حكم البلاد بيد من حديد تخللته حروب دامية خلفت آلاف القتلى والنازحين واللاجئين في ظروف عيش مأساوية. يذكر أن التوقيع على هذه المعاهدة جاء بعد مفاوضات مضنية انطلقت بعاصمة دولة جنوب السودان، شهر نوفمبر الماضي بين ممثلي الحكومة السودانية والمجموعات المسلحة في إقليم "دارفور" ومنطقتي "جنوب كردفان" و"النيل الأزرق" والتي انتهت بقبول حلها وانضمام عناصرها إلى صفوف الجيش النظامي السوداني وبالتالي طي صفحة أطول حرب أهلية في إفريقيا.