لا يزال البحث عن الطرق الكفيلة بالتقليل من ظاهرة العنف الممارس ضد المرأة بشتى أنواعه يطرح نفسه بشدة من المهتمين بهذا الملف ومن أجل ذلك سعى المعهد الثقافي الإسباني بالجزائر إلى تسليط الضوء على جزء من هذه الظاهرة من خلال محاولة تحليل أسبابها في إطار تبادل الخبرات والأفكار بين مختصين جزائريين وإسبان من خلال استعراض التجربة الاسبانية في مجال حماية المرأة. وفي هذا الإطار كشفت السيدة لورا بيزا رئيسة وفد اللجنة الأوروبية بالجزائر أن الاتحاد الأوربي اهتم بموضوع المساواة بين المرأة والرجل، حيث لعب دورا كبيرا في تناول هذه القضية لا سيما ما يتعلق بالعنف الجسدي والمعنوي الممارس ضد المرأة في محيطها العائلي، من خلال التأكيد على ضرورة توفير الاحترام واستحداث فرص عمل للمرأة حتى تتساوى مع الرجل، "كما أشارت المتحدثة إلى جملة من الاتفاقيات التي وضعت لمكافحة العنف الممارس ضد المرأة وللبحث عن الحلول العلاجية والوقائية لهذه الظاهرة، وذكرت بقمة اسطنبول وقمة باريس اللتين انعقدتا السنة الماضية، حيث عالجتا قضية العنف ضد المرأة. وعلى العموم فقد بلغ عدد الاتفاقيات منذ 2005 التي أبرمها الاتحاد الأوروبي والهادفة إلى ترقية حقوق المرأة من خلال وضع أسس وتطبيقها لمحاربة العنف ضدها، ما معدله 131 اتفاقية. ومن جهتها سلطت السيدة ناديا ايتيزي وهي محامية اسبانية ومديرة مركز الإعلام والتوثيق الخاص بحقوق المرأة والطفل الضوء على ظاهرة العنف الجنسي الممارس على المرأة عامة وطالبات الجامعة خاصة حيث قالت: "نحن نسعى جاهدين لمحاربة العنف الجسدي ضد المرأة من خلال وضع جملة من الأسس والقواعد التي ترمي لحمايتها". وأشارت من جهة أخرى إلى الوضع الذي تعانيه بعض النساء الجزائريات اللواتي تتعرضن للعنف بشتى أنواعه في ظل غياب السبل الكفيلة بالتقليل أو الحد من ظاهرة العنف على أرض الواقع، وأرجعت المتحدثة السبب الرئيسي لاستفحال ظاهرة العنف بالدرجة الأولى إلى غياب الحب أو إلى عدم الفهم الصحيح لهذا المصطلح، والذي غالبا ما يفسر على أساس أنه "الجنس" . من جهة أخرى ذهبت بعض المشاركات الاسبانيات بالملتقى إلى استعراض التجربة الاسبانية في مجال مكافحة العنف الممارس ضد المرأة، خاصة بعد أن تم دمقرطة النظام السياسي الاسباني، حيث بلغت مثلا نسبة مشاركة المرأة بالبرلمان ما معدله 42 بالمئة، وبالتالي بات للمرأة الحق في الانتخاب، إلى جانب جملة من الحقوق الأخرى على الساحة السياسية. أما بالنسبة لمحاربة ظاهرة العنف ضد المرأة فقد بذلت اسبانيا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي مجهودات كبيرة منذ 1970 من خلال إرساء قواعد الديمقراطية واحترام الحرية الفردية للمرأة في المجتمع الإسباني الذي تجسد عن طريق صياغة بعض القوانين "كقانون الطلاق " والذي يعد واحدا من أهم مكاسب المرأة الاسبانية. وعلى العموم أكدت المتدخلات أن المرأة في اسبانيا تجاوزت العديد من المشاكل التي كانت تؤثر بشكل عام على حريتها وحياتها من خلال صياغة جملة من القوانين الموجهة لمحاربة العنف الجسدي والمعنوي ضد المرأة، وأحسن دليل على ذلك قانون الأسرة الاسباني الذي يشهد كل 10 سنوات تعديلات جوهرية لصالح المرأة للتأكيد على احترامها ومراعاة كافة حقوقها.