أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، كمال بلجود، أمس، أن جهود السلطات العمومية لتحسين أداء المرفق العام وتبسيط الإجراءات الإدارية للمواطنين لن تأتي بثمارها "دون عنصر بشري متحل بالكفاءة والقيم وروح المسؤولية" ما يستوجب، حسبه، وضع مواثيق تحدد مسؤوليات وواجبات الإدارة والموظف إزاء المنتفعين من خدماتها. وأشار الوزير، خلال يوم دراسي نظمه المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول" أخلاقيات المرفق العام"، إلى أن نجاح الإصلاحات التي شرعت فيها السلطات العمومية من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير الظروف المادية اللازمة التي تتكيف مع حاجيات المرافق العامة "يستوجب الاستثمار أكثر في العنصر البشري، من خلال انتقاء كفاءات تتحلى بهذه القيم والمبادي لضمان تحسين الخدمة والقضاء على العراقيل البيروقراطية والعقبات التي ترهق كاهل المواطن وتعطل مصالحه". كما يتطلب الأمر، حسب السيد بلجود، "تقييم تأطير مساهمة الأخلاقيات الوظيفية في تحسين أداء الموظف باعتباره في واجهة المنتفعين في خدمات المرفق العام، "حيث يكون بأخلاقه المهنية قادرا على تقديم خدمات تنال رضا المواطن حتى وإن كانت نسبية، وذلك من خلال الاهتمام بالشكاوي المقدمة والاستماع إلى متطلباته وتطوير وسائل إعلامه، لا سيما عبر الدعامات التكنولوجية الحديثة"، مشددا في سياق متصل، على ضرورة التحسيس بأهمية العمل بهذا المنهج ونشره على أوسع نطاق. ولتجسيد ذلك على أرض الواقع، اعتبر وزير الداخلية أنه "بات من الضروري إعداد مواثيق تحدد القيم الأخلاقية والقواعد السلوكية التي توضح مسؤوليات وواجبات الإدارة والموظف إزاء المنتفعين" مع ترسيخ مبدا المساءلة وتقييم الأداء على جميع أعمال المرافق العامة وتفعيل دور الرقابة واعتماد نظام التحفيز، مبرزا في نفس الصدد أهمية التكوين الدائم للمورد البشري لتنمية وتطوير إمكانياته. وبالنسبة لقطاعه الوزاري، ذكر السيد بلجود بأنه في ظل التحول الجديد الذي تشهده البلاد، وبالإضافة إلى تعميم الرقمنة وتطوير الإدارة الإلكترونية، فقد تم الشروع في "مراجعة النصوص القانونية المسيرة للمرصد الوطني للمرفق العام المستحدث في 2016 قصد تعزيز المهام المنوط به وتمكينه من إرساء مبادئ الحوكمة ومساهمته بفعالية في الارتقاء بالمرفق العام، وذلك عبر تقييم هيكلة المرفق العام ومتابعة مدى مواكبة استغلال الموارد البشرية والمادية لتحقيق الأهداف المسطرة وجودة الخدمات المقدمة. كما يتم العمل على التقييم الدوري لعمل المرفق العام بإجراء دراسات وتحقيقات ميدانية وإعداد مرجعيات عملية من أجل قياس أدائه، بالتنسيق مع الإدارات والمؤسسات العمومية المعنية. وذكر الوزير بأن السلطات العمومية قامت بإنجاز العديد من المرافق وإعداد ترسانة من القوانين قصد تحسين وتطوير الخدمات المقدمة للمواطن وإرساء قواعد وتدابير ترمي إلى تنظيم هذه المرافق بغية تكييفها مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية وخاصة التكنولوجية منها والتي تظل في صلب اهتمامات وأولويات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون. كما سعت الوزارة، إلى تبني مقاربة جديدة قادرة على تكريس الأخلاقيات المهنية في المؤسسات العمومية وفق آليات تهدف إلى تقييد الموظف بواجباته عند تأدية المهام المنوطة به باعتبار هذا المنهج، كما قال، آلية ناجعة لتحسين أداء هذه المرافق من خلال تفعيل أدوات مكافحة الفساد ومحاربة البيروقراطية والمحسوبية والرشوة وضمان الشفافية في تسيير المرفق العام. المطالبة بتفعيل المجلس الأعلى للوظيفة العمومي من جهته، طالب المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بإعادة تفعيل المجلس الأعلى للوظيف العمومي بالنظر إلى الدور الذي يمكن أن يؤديه عبر مساهمته في إعداد مختلف السياسات الوطنية لتحسين أداء الإدارة والمرفق العمومي. وأوضح رئيس المجلس، رضا تير، في تصريح على هامش يوم دراسي نظمه المجلس بالمدرسة الوطنية للإدارة حول موضوع "أخلاقيات المرفق العام" أنه تم "رسميا المطالبة بإعادة تفعيل المجلس الأعلى للوظيفة العمومي الذي لم يشتغل منذ استحداثه" بالنظر الى المساهمة "الكبيرة" التي يمكن أن يقدمها في اطار جهود الدولة الرامية إلى عصرنة الإدارة وتحسين أداء المرفق العام. وأضاف ذات المسؤول أنه من المهام التي يجب أن توكل لهذا المجلس، هي إعداد مختلف السياسات والاستراتيجيات قصيرة وبعيدة المدى المتعلقة بالوظيف العمومي وكذا الحفاظ وتثمين الإطارات الوطنية الكفؤة، مشددا على إعادة النظر في معظم النصوص المنظمة للإدارة وللمرافق العمومية لتحسين أدائها من جهة ولتجسيد السياسة الاقتصادية من جهة ثانية. اعتبر رئيس "الكناس" أن حجم النفقات والأعباء التي تخصصها الدولة سنويا من أجل تحديث وعصرنة المرفق العام حتى يواكب التطورات الحاصلة على مختلف الأصعدة، "لا تكفي وحدها إلا اذا انسجمت مع الجوانب النفسية للفرد التي يجب أن ترتقي الى مستوى السلوكيات الإيجابية لبناء الثقة بين الإدارة والمواطن". وأشار ذات المسؤول الى أن أخلقة المرفق العام وعقلنة استعماله "لا ينبغي أن تكون قضية الدولة وحدها بل تستوجب إشراك المجتمع في إيجاد حلول ناجعة وفعالة لمعالجة بعض السلوكيات المتفشية في المجتمع والتي ساهمت في تدني نوعية الخدمات وتفشي البيروقراطية في الإدارات". كما شدد على ضرورة إعادة النظر في سياسة التوظيف المنتهجة حاليا لمواكبة التطورات الحاصلة عبر سيما فتح المجال للكفاءات الجامعية الشابة التي أضحت اليوم "تتحكم وبشكل كبير في استخدام التكنولوجيات الحديثة". في سياق متصل، كشف رئيس المجلس عن إعداد التقرير الظرفي الذي سيقدم الى رئيس الجمهورية عقب المصادقة عليه من قبل أعضاء المجلس خلال الدورة الأولى له والتي من المنتظر أن تنعقد قبل شهر أفريل المقبل. للإشارة، تم على هامش اليوم الدراسي، التوقيع على اتفاقية تعاون بين المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والمدرسة الوطنية للإدارة لتبادل الخبرات بين الهيئتين والمساهمة في تكوين الخبرات من قبل المدرسة بالنظر الى مساهمتها في المرفق العام وبالهياكل والمورد البشري الذي تزخر به.