أكد الطبيب المجاهد السيد محمد تومي أمس أن النظام الصحي أثناء ثورة التحرير هو الذي "أسس للطب المجاني" و"أرسى قواعد الصحة العمومية في الجزائر المستقلة". وأوضح الطبيب تومي خلال محاضرة نظمتها جمعية مشعل الشهيد بمناسبة اليوم العالمي للصحة بيومية المجاهد حول "مساهمة القطاع الصحي في الثورة التحريرية" أن النظام الصحي أثناء الثورة اكتسب "قوة كبيرة" بعد التحاق الطلبة والأطباء بصفوف جيش التحرير الوطني بعد الإضراب العام في 1956. وقسم المجاهد تومي الذي كان من الأطباء الذين أمدوا الثورة التحريرية بكفاءاتهم وجهودهم في الولاية التاريخية الثانية النظام الصحي خلال سنوات الكفاح المسلح إلى مرحلتين هامتين بحيث اعتبر المرحلة الأولى التي حددها من 1954 إلى 1956 ب"البدائية" لكونها لم تكن تعتمد على أسس علمية بينما اعتبر المرحلة الممتدة من 1956 إلى غاية الاستقلال بالمرحلة "المنظمة" نظرا لتوافد الأطباء الجزائريين على الجيش. وبعد أن قدم عرضا للوضعية الصعبة التي عرفها الوضع الصحي لأعضاء جيش التحرير الوطني خاصة والشعب عامة وسكان المناطق المحرمة على وجه التحديد تحدث الطبيب تومي عن التضييق الذي كانت تمارسه سلطات الاستعمار على الأطباء الجزائريين والفرنسيين الذين كانوا متعاطفين مع ثورة التحرير وكذا تشديدها للمراقبة على الحدود مع الدول المجاورة لمنع الإمدادات بالأدوية. وفي هذا السياق نوه المحاضر بالدور الذي لعبته قواعد الإسناد بالدول المجاورة في الرعاية الصحية للجنود الجزائريين في صفوف جيش التحرير أثناء سنوات الكفاح المسلح مستعرضا صورا فوتوغرافية تشهد على تلك الحقبة. وعن الخصوصية التي انفردت بها القاعدة الشرقية لجيش التحرير الوطني من حيث النظام الصحي أكد السيد تومي أنها كانت نموذجا للتنظيم بحيث تم بعد 1956 تكوين لجنة للصحة "سمحت بمركزية العناية الطبية وبتكوين الممرضين" كما تكفلت ب"تحويل الأطباء المتطوعين في مختلف المناطق" كما أوضح. وتحدث المحاضر أيضا عن توزيع الأدوية وتقسيمها على مختلف المناطق وفق نظام محكم يشرف عليه المسؤول الطبي في صفوف جيش التحرير الذي كانت له "سلطة كبيرة في الولاية التاريخية الثانية" كما أضاف. وبعد أن سلط الأضواء على بعض الأمراض التي كانت متفشية في صفوف جيش التحرير أكد السيد تومي أن السياسة الطبية آنذاك كانت "وقائية" أكثر منها علاجية بحيث ركز الأطباء على التلقيح ضد عدة أوبئة كما كانوا يشددون على "ضرورة التزام المجاهدين بقواعد النظافة والابتعاد عن عادة التدخين التي كانت عقوبتها شديدة" كما أشار. ومن جهته أكد وزير الصحة الأسبق ونائب رئيس مجلس الأمة السيد عبد الرزاق بوحارة في تعقيب على المحاضرة أن "المنظومة الصحية التي كانت قائمة خلال الثورة هي التي لعبت دورا في إعداد المنظومة الصحية للجزائر المستقلة" وأن "المحتوى الشعبي للمشروع الوطني موجود في كل القطاعات وطبعا موجود في قطاع الصحة". مشيرا إلى أن "مجانية العلاج كانت المحور الأساسي في الصحة العمومية". وبالمناسبة أهدت يومية المجاهد وساما رمزيا للطبيب المجاهد السيد محمد تومي تكريما له على الجهود التي بذلها في سبيل تحرير البلاد. (واج)