❊ هكذا يتمّ صدّ المجرمين و"الحشّاشين" في جنح الظلام ❊ خبرة واحترافية في كشف المخدرات والمهلوسات والمركبات المشبوهة ❊ اختفاء للمشبوهين.. وعائلات ساهرة تثمن تضحيات الأمن رافقت "المساء" حصريا دورية الشرطة القضائية ليلة الاثنين إلى الثلاثاء الماضيين، ووقفت على سير عملية مداهمة ليلية مست ثلاث نقاط ببلديتي المحمدية وبرج الكيفان، وشهدنا خلالها كيف يتعامل عناصر الأمن مع المواطنين، وكيف ينفذون إجراءات المراقبة والتفتيش، واكتشافهم الممنوعات وحالات الإجرام. كانت ليلة أول أمس، مشهودة بمركز التسوق "أرديس" بالمحمدية ومنتزه برج الكيفان،، عندما نزل أفراد شرطة مدربون "على حين غفلة" ضمن عملية مراقبة، أظهروا خلالها مهارات عالية في المراقبة والتحري للوصول إلى كل مشتبه فيه، مع احتياطات لمنع ترويع العائلات المتسوقة والمتنزهة في الفضاءين المذكورين. هذه توجيهات العميد لإنجاح المداهمة كانت الساعة تشير إلى التاسعة من ليلة أول أمس، عندما عقد عميد الشرطة عبد الحق مشان، رئيس مقاطعة الشرطة القضائية لناحية شرق العاصمة، جلسة عمل مع عناصر وحدته المشكلة من 30 شرطيا وضباط مؤطرين، مسديا تعليماته لإنجاح عملية المداهمة وفق ما يمليه القانون، ليلتقي بعدها المؤطرون مع عناصر وحدتهم بمقر المقاطعة بالدار البيضاء استعدادا للبدء في هذه المهمة الأمنية الرمضانية. وحرص العميد في ساحة مقر المقاطعة حث أفراده الذين شكلوا حلقة من حوله أنكم، ستقومون كما تعودتم بعملية مراقبة وتفتيش لأماكن عمومية تعرف توافدا كبيرا للمواطنين خلال الفترة الليلية، نركز في هذه الليلة على نقطتين هامتين هما مركز التسوق "أرديس" بالمحمدية ومنتزه شاطئ برج الكيفان، وعليكم احترام قانون توقيف أي شخص، وفق القانون والتنظيمات المعمول بها" والالتزام بتوجيهات المشرف على العملية الملازم الأول للشرطة نسيم بلحوت رئيس الفرقة المتنقلة للشرطة القضائية بباب الزوار. وكانت الجلسة المقتضبة التي عقدتها "المساء" التي شاركت في العملية الأمنية " حصريا" دون غيرها من وسائل الإعلام الأخرى بنادي المقاطعة مع عميد الشرطة وقائد المهمة الملازم الأول، نسيم بلحوت، كافية لمعرفة خطة التحرك والتدخل وطبيعة المهمة. وفهمنا من الوهلة الأولى أن عمليات المداهمة بالنسبة لأفراد الشرطة القضائية أصبحت عملا روتينيا، عاديا وخاصة وان تنفيذها يأتي بعد القيام بدراسة ميدانية مبنية على إحصائيات تخص طبيعة الجرائم، الكبرى منها والصغرى تبدأ باستهلاك المخدرات والضرب والجرح العمدي واستعمال الأسلحة البيضاء. وقال الضابط الأمني بلحوت، إنه على أساس تلك المعطيات يتم تحديد الأحياء والأماكن التي تعرف تزايدا في نسبة الإجرام بمختلف أشكاله، يتم بمقتضاها تعيين النقاط التي يتم إخضاعها للمداهمة والأوقات المناسبة لذلك مع مراعاة خصوصية كل نقطة. وأعطى مثالا عن ذلك بالمداهمات التي تنفذ خلال شهر رمضان، والتي تتم عادة ليلا أو قبيل الإفطار وهي أهم فترتين لخروج المجرمين لبيع السموم وكل أنواع الممنوعات. وبخصوص مركز التسوق "أرديس" بالمحمدية ومنتزه برج الكيفان قال بلحوت، إنه انتقى لمهمة الإنزال عناصر مختصة في مكافحة الإجرام البسيط الذي يتطلب تحضيرا خاصا يختلف عن الإجرام الكبير، حيث يتم من خلاله تطبيق قاعدة التناسبية بين طبيعة المهمة ونوعية التحضير اللوجستيكي والبشري حيث خصصنا 35 شرطيا لتنفيذها. 8 فرق متنقلة لحماية المواطنين في حدود التاسعة والنصف ليلا، استقل عناصر الشرطة 35 تسع سيارات رباعية الدفع، وكانت الوجهة الأولى مركز "أرديس" التجاري، حيث كثافة توافد المواطنين في سهرة رمضانية تحت إشراف الملازم الأول للشرطة أمير شرقي، رئيس خلية الإصغاء والنشاط الوقائي بأمن القاطعة الإدارية للدار البيضاء. وقال هذا الأخير إن المهمة تدخل في إطار مكافحة الجريمة بشتى أنواعها، حماية للمواطنين وممتلكاتهم في كل بلديات شرق العاصمة وجزء من وسطها والتي تضم جميعها 8 فرق متنقلة للشرطة القضائية، في قطاع اختصاصها، من باب الزوار، مرورا بعين طاية ودرقانة والرغاية ووصولا إلى براقي والكاليتوس وسيدي موسى. بعد مدة مسير لم تتعد عشر دقائق وصلنا وجهتنا بمركز التسوق "أرديس" بالمحمدية، كانت حينها العائلات تتوافد على المكان بكشافة، توجه على إثرها بعض أفراد الشرطة باتجاه مدخل مركز التسوق بينما توزع آخرون على جنبات حظيرة السيارات حيث شرعوا في تفتيش بعض الجالسين داخل مركباتهم. وتم تعامل عناصر الأمن مع المواطنين باحترام كبير، وابتسامات وتأدية تحية وإلقاء سلام مرفقا بعبارة "صح فطوركم" على اعتبار أن الأمر يتعلق بفترة ما بعد الإفطار. وكان تجاوب المواطنين مع عناصر الشرطة كبيرا على اعتبار أنهم في صالحهم بدليل إننا لم نلحظ أي مقاومة من طرف الأشخاص المستجوبين أو الذين أخضعوا لعمليات تفتيش جسمانية. عائلات تستحسن الخرجة الأمنية بعدها انتشر عناصر الفرقة الأمنية وفق تنظيم محكم بين الطاولات التي تم نصبها في ساحة المركز التجاري وأعينهم موجهة يمنة ويسرى، تراقب وتلاحظ كل شاردة وواردة وكل تحرك أو تصرف مشبوه لأي شخص أو محاولات إفلات لمجرمين محتملين اندسوا وسط المواطنين، الذين عادة ما إن يلاحظوا مثل هذه المداهمات المفاجئة حتى ينسحبوا ويختفوا عن الأنظار ولو إلى حين. الطاولات كانت محجوزة من طرف عشرات العائلات التي أحضرت ما لذّ وطاب من شتى أنواع المأكولات الرمضانية وما يتماشى معها من مشروبات، بينما استغل شباب طاولات أخرى لقضاء جلسات سمر يرتشفون كؤوس القهوة والشاي، في وقت كان أفراد الشرطة يحيون وهم يردون. وقال الملازم الأول شرقي، إن العائلات عندما تشاهد حضور أفراد الأمن، تطمئن لها لعائلات ويروق لها المكان ويستمتع أفرادها بالنزهة وتصبح عمليات المداهمة ذات دورين هامين، ويكون الأول ردعيا من خلال توقيفات وعمليات مراقبة، بينما يكون الثاني وقائيا، إذ بمجرد أن يلحظ المجرمون التواجد الأمني يعدلون عن أية عملية كان في نيتهم تنفيذها. فتِّشونا.. لكن رجاءً لا تصورونا.. ولأن المهمة الشرطية كانت مرفوقة بالصحافة، كانت تتطلب التقاط صور حية لأفراد الأمن وهم يقومون بمهامهم النبيلة، وهو الشيء الذي كان يتحاشاه بعض المواطنين ويطلبون عدم التقاط صور لهم ، ليرد عليهم مؤطرو المداهمة ومصور "المساء" بأن الصور تكون من الخلف ودون إظهار أوجه الأشخاص خاصة الخاضعين للتفتيش والمراقبة. "فتشونا لكن رجاء لا تصورونا"، قال أحد الشبان الذي كان يجلس رفقة مرافقه في سيارة بحظيرة "أرديس" ليرد عليه ضابط الشرطة: "اطمئن يا أخي، لا تقلق نحن نعرف مهامنا وحدودنا" ليفصل له آخر "المصور يلتقط صورا من الخلف، لن تظهر تفاصيل وجهك". كما توجست بعض الفتيات خيفة من وصول أفراد الأمن، حيث كن يحتفلن بعيد ميلاد إحداهنّ إذ قام أفراد الشرطة بتفتيش المرافقين لهم من الشباب الذين كان بعضهم داخل المركبات، "لمَ هذا التفتيش، نحن لم نفعل شيئا، إننا نحتفل مع صديقتنا بعد ميلادها، لا نريد أن نفسد عليها هذه الفرحة" قالت إحداهن، وازدادت مخاوفهن عندما سطع ضوء آلة التصوير، ظنا منهن أن صورهن ستظهر على صفحات الجرائد أو في شبكات التواصل الاجتماعي"، لكن ضابط الشرطة طمأنها بأن التصوير يخص أفراد الأمن وهم يقومون بعملهم النبيل. ضبط مهلوسات وسجائر محشوة بالمخدرات عندما سار عناصر الفرقة باتجاه شاطىء "أرديس" الذي كان يعج بالأزواج ومجموعات الشباب كانت مفاجأة، أفراد الشرطة الذين وبفضل خبرتهم تمكنوا من اكتشاف حالتي تعاطي للمخدرات، الأولى تخص شابين كانا يتعاطيان سجائر محشوة بالقنب الهندي، اقترب منهم فوج من الشرطة وراحوا يفتشون جيوبهم والرمال التي يجلسون عليها ليجدوا آثار هذه السموم. وكان الأمر كذلك بالنسبة لشابين آخرين كان داخل سيارتهما المركونة قبالة الشاطئ، اللذين تفاجآ بمداهمة الشرطة لهما، وبعد إخضاعهما لعملية تفتيش جسماني عثر لدى أحدهما على قطعة من القنب الهندي، ليتم اتخاذ الإجراءات القانونية في حقهما. وعلى بعد أمتار قليلة تمكن أفراد الشرطة من تفتيش مركبة أخرى كانت لوحة ترقيمها غير واضحة، وعلى متنها شخصان وبعد الاطلاع على الوثائق تفطن الشرطي أنها غير مطابقة، ولدى تفتيش سائق المركبة عثر بحوزته على قرص مهلوس ونسخة مصورة من وصفة طبية، جعل منها صاحبها ذريعة لتبرير وجود القرص لديه والتأكيد أن اقتناؤه تم بطريقة قانونية، دون أن يمنع ذلك من اقتياده إلى مركز الشرطة بالمحمدية لاستكمال التحقيق. منتزه الليدو ببرج الكيفان.. كل شيء على ما يرام غادرنا مركز ارديس في حدود الحادية عشر ونصف ليلا باتجاه منتزه برج الكيفان، الذي كان هو الآخر يعج بحركية عادية للمواطنين ، شباب ينتقلون راجلين من هنا إلى هناك، وآخرون على متن دراجاتهم الهوائية، بينما فضلت العائلات الجلوس إلى طاولات المثلجات والمرطبات وأحضرت أخرى زادها معها، وهي تراقب أطفالها وهم يلعبون ويمرحون بعض ألعابهم أو على متن دراجاتهم. وفي ظل هذه الأجواء العائلية لم يلمس أفراد الأمن ما يدعو إلى الريبة دون أن يمنعهم ذلك من القيام بعمليات تفتيش عادية، مع منع بعض التصرفات التي تشكل خطرا على المواطنين، وخاصة من كلاب يصطحبها أصحابها بدون كمامات. وأوقف أحد الضباط شابا يهرول وبيده عقال كلبه وأمره بإخراج كلبه أو إلباسه كمامته لكن الشاب سارع إلى الخروج من وسط حشود المواطنين. وبالملعب الجواري الموجود داخل المنتزه، الذي تعلوه أضواء كاشفة كانت هتافات المتفرجين تتعالى، قال لنا أحد المتفرجين الشباب إنها دورة "رمضانية" بين الأحياء في كرة القدم كانت حامية الوطيس، بدليل أن جنبات الملعب الصغير كانت مكتظة بحشود "الأنصار" الذين كانت صيحاتهم تقطع سكون تلك الليلة الربيعية، بين الفينة والأخرى تفاعلا مع هذه اللقطة أو ذلك الهدف.