توقفت الحركة في كل باكستان وشلت مظاهر الحياة فيها أربعة أيام بعد اغتيال زعمية حزب الشعب ورمز النضال من أجل الديمقراطية في بلد التناقضات القبلية والحسابات العشائرية·
وتؤكد كل المؤشرات أن هذا الوضع سيستمر لأيام وربما أسابيع بالنظر إلى الوزن السياسي الذي كانت تمثله بنظير بوتو في باكستان والتي كان معظم المتتبعين وأنصارها يتوقعون لها عودة قوية إلى سدة الحكم في إسلام أباد· وفي انتظار أيام أحسن وعودة الهدوء ما زال الشارع الباكستاني يعيش على وقع الفوضى العارمة والمظاهرت والمواجهات مع قوات الشرطة التي عززت قدراتها وأصبحت الميزة الغالبة في شوارع كبريات المدن الباكستانية· وحتى وإن كان نهار أمس يوم حداد أعلنه الرئيس برويز مشرف لإحياء ذكرى السيدة بوتو فإن ذلك لم يمنع من تجدد المواجهات وعمليات الحرق والتخريب لكل ما يرمز للدولة الباكستانية·وعاشت مدن إسلام أباد ولاهور وكراتشي وروالبندي لليوم الرابع على التوالي أعنف المواجهات مما دفع بأصحاب المحلات ومختلف وسائل النقل ومحطات البنزين إلى إبقاء محلاتهم مغلقة خشية أن تطالهم عمليات الحرق· وشهدت مدينة لاهور إحدى أكبر المدن الباكستانية أمس، أكبر مسيرة احتجاجية شارك فيها أكثر من 100 ألف متظاهر رفعوا خلالها شعارات مناهضة للحكومة الحالية وحمّلوها مسؤولية اغتيال بنظير بوتو وطالبوا برحيل الرئيس مشرف· واضطرت تعزيزات قوات الأمن الباكستانية في مدينة روابندى إلى استعمال القنابل المسيلة للدموع لتفريق مظاهرة حاشدة ضد النظام الباكستاني، وكانوا يحاولون إضرام النار في منزل أحد الوزراء السابقين·وهي المظاهر ذاتها التي عاشتها مدينتا كراتشي وبيشاور حيث رفع المتظاهرون فيها شعارات ضد الحكومة وأخرى مطالبة برحيل الرئيس الباكستاني الحالي· وحسب حصيلة مؤقتة لعدد قتلى مواجهات اليومين الأخيرين، فإن عدد الضحايا بلغ 38 شخصا معظمهم من المتظاهرين وخسائر مادية قدرت بعشرات ملايين الدولارات·ودفع هذا الوضع المتدهور بالرئيس مشرف إلى إعطاء أوامر لقوات الأمن للتعامل بكل صرامة مع المتظاهرين وهو ما قد يؤجج المواجهات ويزيد من درجة عنفها وبالتالي قوائم ضحاياها· لم يتضح بعد ما إذا كانت الانتخابات التشريعية في باكستان المقررة في الثامن جانفي القادم ستجرى في موعدها المحدد أو سيتم تأجيلها في ظل التوتر الذي تشهده البلاد على خلفية اغتيال زعيمة حزب الشعب بنظير بوتو· ولم تتخذ الحكومة الباكستانية أي قرار بهذا الشأن في الوقت الذي قررت فيه لجنة الانتخابات وهي الجهة الوحيدة المخولة لها اتخاذ قرار إلغاء الانتخابات عقد اجتماع طارىء غدا الإثنين لدراسة المسألة· بالمقابل سيعلن حزب الشعب اليوم ما إذا كان سيشارك في هذه الانتخابات أو سيتخذ نفس موقف رئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي أعلن عن مقاطعة الانتخابات· وقالت شيري رحمان المتحدثة السابقة باسم بنظير بوتو أن الحزب سيتخذ قراره بشأن الانتخابات التشريعية خلال إجتماع لجنته اليوم·وكان مسؤول كبير في الحزب الحاكم أكد أن الإنتخابات لن يكون لها أي معنى إذا لم يشارك حزب الشعب لما له من أهمية ووزن في أوساط المجتمع الباكستاني· وكان من جهته نواز شريف رئيس حزب الرابطة الاسلامية اعتبر أن الابقاء على تاريخ إجراء الإنتخابات التشريعية في الثامن جانفي القادم في الوقت الذي تمر فيه البلاد بأزمة خطيرة من شأنه أن يقود باكستان إلى الدمار· وقال إذا بقيت الحكومة مصرة على إجرائها في موعدها المحدد فإن ذلك سيقودنا إلى طريق الهلاك الذي لا يؤدي فقط إلى دمار الحكومة بل كل البلاد·وجدد بالمناسبة دعوته الرئيس الباكستاني برويز مشرف إلى الإستقالة ووجه له إتهاما ضمنيا بضلوعه في اغتيال بوتو حيث قال:"أنه يظن أن الرئيس مشرف ليست في نيته إجراء انتخابات حرة وعادلة وما حدث في إشارة الى عملية اغتيال بوتو خير دليل على ذلك"·