حدد الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، أمس، الثلاثي الأول من العام القادم، موعدا لإنهاء عملية "بارخان" لمكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي، ثماني سنوات بعد نشر باريس قواتها في مستنقع منطقة الساحل، الذي أنهكها دون أن تتمكن من الاضطلاع بمهمتها في القضاء على عناصر التنظيمات المسلّحة في هذه المنطقة. وكشف الرئيس ماكرون، عن قراره بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي أمس، وقال إن عملية بارخان انتهت، ولكننا سنواصل التحرك في المنطقة لأننا لم نتخل عن التزاماتنا". وأكد الرئيس الفرنسي، على غلق القواعد العسكرية الفرنسية المتواجد في مناطق كيدال وتيساليت وتومبوكتو في شمال دولة مالي، وتقليص تعداد الجنود الفرنسيين المنتشرين في الساحل من 5100 رجل إلى حوالي 2500 عسكري فقط. وستتخلى فرنسا وفق خطة الانسحاب الموضوعة عن تأمين مناطق واسعة في دول المنطقة، التي تستطيع قواتها النظامية بسط سلطاتها في هذه المناطق التي تحولت الى معقل للجماعات المسلحة التي صعدت في الفترة الأخيرة، من أنشطتها المسلحة ضد جيوش دول المنطقة، وأيضا ضد القوات الفرنسية والقبعات الزرق المنتشرة في مالي. وتكون فرنسا بذلك قد أعلنت بطريقة ضمنية عن فشل خططها العسكرية التي وضعتها منذ الإطاحة بنظام الرئيس المالي الأسبق، امادو توماني توري، بداية سنة 2012 من خلال إعلانها عن نشر قوة "سيرفال" التي فشلت في مهمتها واستبدلتها بقوة "بارخان"، ثلاثة سنوات بعد ذلك وكان مآلها هي الأخرى الفشل الذريع. وتأكدت السلطات الفرنسية، متأخرة وبعد كل هذه السنوات أن مقاربة الكل العسكري التي اعتمدتها للتعامل مع التنظيمات الإرهابية لن تجدي نفعا مع تنامي خطر التنظيمات الإرهابية، التي وسعت نطاق عملياتها من مالي إلى كل دول الساحل الأخرى وبوتيرة متزايدة وبأعداد كبيرة من الضحايا. وهو ما جعل باريس تفكر في إقحام دول أوروبية في مستنقع الساحل الإفريقي لتخفيف العبء المالي والبشري عنها، مما جعلها تنشئ قوة "تاكوبا" التي تضم قوات دول أوروبية التي ستعمل من الآن والى غاية نهاية الثلاثي الأول من العام القادم على الحلول محل قوة "بارخان". وليس ذلك فقط، فالقوات الفرنسية وتصرفات جنودها ألّبت عليها الرأي العام في البلدان التي تواجدت فيها بسبب ارتكابها لأخطاء فادحة راح ضحيتها العشرات من المدنيين العزّل خاصة عند شنها لعمليات عسكرية بدعوى القضاء على المسلحين في مالي، بما أثار غضب الشارع المالي الذي طالب برحيلها. وتسعى فرنسا من خلال هذا القرار إلى إلقاء عبء مكافحة الإرهاب على دول منطقة الساحل، وأيضا عبر إشراك الأوروبيين في إطار قوة "تاكوبا" ضمن مهمة استأثرت بها لعدة سنوات دون أن تتمكن من تحقيق الهدف المرجو منها، بل وكلّفتها الكثير سواء من حيث الأموال التي كانت تنفقها أو من حيث الخسائر في صفوف قواتها.