تُعرض بالسوق الشعبي لبودواو بولاية بومرداس، مختلف السلع والبضائع بأسعار معقولة؛ ما جعله محجا حقيقيا للأسر محدودة الدخل لشراء حاجياتها قبل الدخول المدرسي لاقتناء مختلف اللوازم المدرسية؛ فالداخل إلى هذا الفضاء الواسع يدرك تحول نشاط البضاعة الأساس؛ استجابة لاحتياجات رواده من ذوي الدخل الضعيف؛ إذ عرضوا المحافظ والمآزر والكراريس والألوان، وحتى الكتب المدرسية المستعملة، التي وجدت لها زبائن، أتوا خصيصا من أجلها. زارت "المساء" بداية الأسبوع الجاري، سوق بودواو الشعبي، الذي تحوّل مع الوقت، إلى ملتقى للتجار الثابتين والمتنقلين وللباعة الموسميين بالنظر إلى كونه "سوق الزوالي بامتياز" بفضل أسعار السلع المعقولة المطبقة به. كما إن تنوع المعروضات يجعل المتسوق في فسحة للاختيار بين الطاولات والسلع المعروضة، بما يتماشى مع ميزانيته. عرض السلع وفق تنوع المناسبات جعله مقصدا على مدار السنة واختلاف الفصول، وهو ما يُعرف في عالم التجارة عموما، بالأسواق الموسمية. الدخول المدرسي... مناسبة لتغيير النشاط وتحقيق الربح بما أننا نستقبل موسم الدخول المدرسي الجديد 2021 - 2022 كأهم حدث اجتماعي سنوي على الإطلاق، فإن جل معروضات الباعة الموسمين بالسوق، طغت عليها الأدوات المدرسية المختلفة؛ ما بين كراريس بمختلف الأحجام والأسعار، وأقلام تعددت أصنافها وألوانها، إلى جانب لوازم الدراسة الأخرى. ولم يغفل التجار عن عرض المحافظ والمآزر التي تنوعت أسعارها؛ حتى يجد "القليل" ما يوافق جيبه بالفعل... وقد لاحظت "المساء" أن كل طاولة بالجهة المخصصة لبيع الملابس بذات السوق، خصصت حيزا لعرض المآزر بألوانها؛ الأزرق والوردي للطور الابتدائي، والأبيض للطورين المتوسط والثانوي وللجنسين.. ذلك لأن الدخول المدرسي يتطلب من الباعة الموسميين، تغيير النشاط لتحقيق ربح ظرفي، قد لا يتكرر في الأيام والأسابيع القادمة، بينما اضطر باقي التجار لتكييف سلعهم مع الموسم الجديد أيضا، لتحقيق بعض الأرباح، مثلما يشير إليه بائع ملابس أطفال أقل من 14 سنة، موضحا أن إضافة المآزر تتيح له فرصة تحقيق هامش ربح جيد؛ إذ إن المناسبة الاجتماعية تفرض عليه كتاجر، التأقلم معها. أما بالنسبة للمآزر فأكد تنوع المعروض منها، خاصة بالنسبة للطور الابتدائي، وبأسعار معقولة تتراوح ما بين 400 و500 دينار، مشيرا إلى أن بيع مئزر بسعر 300 دج لربة أسرة لديها 3 أبناء متمدرسين، من شأنه أن يريح العائلات محدودة الدخل، وموضحا أن ذلك من صميم عمله كبائع بسوق بودواو الشعبية؛ أي أنه يضطر أحيانا، لبيع الشيء بثمن الجملة بدون أدنى هامش ربح، وهو في ذلك يطبق مقولة "عينك هي ميزانك". كذلك أكد بائع آخر أنه يضطر للبيع بدون هامش ربح فقط؛ من أجل تصريف بضاعة موسمية؛ فالمآزر لا تباع إلا بمناسبة الدخول المدرسي. وإذا لم يبع كل الكمية التي اشتراها من سوق الجملة، فإنه يضطر لتخفيض سعرها إلى ما يسمى "رأس المال"؛ أي سعرها في سوق الجملة، وهو ما بين 250 و300 دينار حسب النوعية والطور الدراسي.. وكذلك حال المحافظ، ففي الوقت الذي ارتفعت أسعارها بنسبة 40% مثلما أكد أصحاب مكتبات في روبورتاج سابق ل "المساء"، فإن الأسعار المطبقة بسوق بودواو عكس ذلك تماما؛ لكون أقصى ثمن محفظة هو 1800 دينار من الحجم الكبير، حيث وقفنا على أسعار أدنى من ذلك بكثير، بلغت حدود 1000 دينار، ومحافظ للتحضيري ب 800 و900 دج، ويضيف عليها البائع الجملةَ السحرية المعروفة "نساعدوك شوية"؛ ما يعني تخفيض آخر في السعر؛ مما يجعل في إمكان كل زبون اقتناء الشيء بسعر أقل.. نفس الشيء لاحظناه بالنسبة للكراريس التي خُصصت لها طاولات بمدخل السوق؛ إذ عمد البائع إلى وضع ورقة مكتوب عليها حجم الكراس والسعر المخصص له. وكل يشتري حسب ميزانيته؛ إذ إن العرض متوفر، يكفي لتغطية الطلب على الكراريس والأقلام، حسبما يؤكد البائع، الذي لفت إلى أن شهر سبتمبر مخصص كله لعرض الأدوات المدرسية... فيما تنقلب الأمور بعدها بما يتناسب مع الموسم؛ كبيع الخضر والفواكه؛ كالحمضيات وكذا التمور وزيت الزيتون.. وغيرها. كتب مدرسية بمائة دينار... في مغارة عمي السعيد بذات السوق... ونحن نجول ونصول بين طاولاته وتجاره، لفت انتباهنا دكان متواضع عُرضت به كمية معتبرة من الكتب المستعملة. اقتربنا منه للتأكد إن كان الكتاب المدرسي للأطوار الثلاث متوفرا، فجاءنا تأكيد صاحب المحل عمي السعيد، الذي كشف أن كل الكتب المدرسية متوفرة لديه وبأسعار معقولة جدا تتراوح ما بين 60 دج و100 دج، حسب حالة كل كتاب.. الدكان يشبه مغارة علي بابا؛ إذ تشير الأسطورة إلى أنها تتوفر على كنوز هائلة... وكذلك الشأن بالنسبة لمحل عمي السعيد؛ إذ يمكن أولياء تلاميذ متمدرسين بمختلف الأطوار، إيجاد ضالتهم من الكتب المدرسية لأبنائهم بأسعار معقولة جدا... حتى إننا وقفنا على كتب مدرسية لسنوات الطور الأساسي خلال ثمانينيات القرن الماضي... كما سجلنا وجود كتب متخصصة في الطب، وأخرى لم تعد بالمقرر الدراسي، قال عنها محدثنا إنها ستذهب إلى الأرشيف إذا لم يطلبها أحدهم. وقال عمي السعيد إنه اختص في بيع الكتب المدرسية المستعملة منذ عقد من الزمن بنفس السوق؛ ما جعله يكتسب زبائن أوفياء، يترددون على دكانه مع كل موسم دراسي، إما لشراء كتب مدرسية أو تبديلها. كما إن بعضهم بمجرد خروج التلاميذ في عطلة صيفية، يترددون على دكانه؛ من أجل بيع كتب أبنائهم، على أن يعودوا مع الدخول الجديد لاقتناء كتب السنة الجديدة، وهكذا.... أما عن هامش الربح فهو في أحسن حالاته 30 دينارا.. وأحيانا 10 دنانير باستبدال كتب بأخرى، وهكذا. كما يعرض عمي سعيد محافظ في حال جيدة بسعر 400 إلى 600 دينار... تشتريها الأسر ضعيفة الدخل لأبنائها المتمدرسين... سألنا بعض الزبائن كانوا بصدد البحث عن كتب مدرسية، فقال أب لأربعة تلاميذ في الأطوار التعليمية الثلاثة، إن الأسعار تؤلم للغاية؛ سواء بالنسبة للخضر والبقوليات أو بالنسبة للملابس، ليضاف لها عبء المستلزمات المدرسية، مضيفا أنه يجد ضالته في الكتب المدرسية عند عمي السعيد بأثمان معقولة جدا، تخفف من ميزانيته، بينما قالت أم لبنتين متمدرستين في الطورين المتوسط والثانوي، إن دخل أسرتها محدود جدا؛ فزوجها بنّاء، ودخله بسيط حسب توفر الشغل. وقالت إن الغلاء مس كل مناحي الحياة بدون استثناء بما في ذلك اللوازم المدرسية. وقد اعتادت منذ سنوات شراء اللوازم من دكان عمي السعيد؛ فالأقلام الجافة يعرضها ب10 دج فقط. كما إن توفر الكتاب المدرسي يهوّن عليها الفاتورة. كذلك لفتت سيدة أخرى إلى أنها قصدت الدكان لشراء بقية الكتب المدرسية لابنتها في الطور الثانوي؛ حيث اعتادت أن تستلف الكتب لإنقاص فاتورة الدخول المدرسي، غير أن بعض العناوين كانت ناقصة، فقصدت دكان عمي السعيد الذي ضجت به الكتب المدرسية، فتمكنت من شراء كل الكتب، وفي حال جيدة بسعر لا يتعدى 600 دينار.. بينما سعرها بالمكتبة يتراوح ما بين 2000 و3000 دينار، حسب كل طور دراسي. قمامة متراكمة... وبروتوكول صحي في مهب الريح! الملاحظ بسوق بودواو أن بتنوع السلع المعروضة به وكثرة زبائنه، البرتوكول الصحي لكسر سلسلة العدوى لفيروس كورونا، أصبح من الماضي؛ فالقلة القليلة جدا من وراء السوق أو التجار ممن يرتدي الكمامة الواقية... إذ إن الأكثرية من الباعة والزبائن تراهم وكأنهم في كوكب آخر؛ وكأن الفيروس لم يمر من هنا يوما...لا كمامة ولا تباعد ولا سائل معقم، بل أخطر ما في الأمر تراكم القمامة بمدخل السوق بصورة تشمئز لها الأنفس والأنظار رغم أن السوق عرف في السنوات الأخيرة، عملية تهيئة؛ بهدف جعله سوقا يوميا بعدما كان لسنوات، سوقا أسبوعيا كل جمعة. كما إن التهيئة سمحت بتنوع العرض به بين مختلف المواد الغذائية، والتوابل، وأنواع الزيتون إلى الخضر والفواكه، إلى جانب اللحوم الحمراء البيضاء...والملابس والأواني والأثاث، وغير ذلك من نباتات الزينة والخردوات، وغيرها كثير، موزعة عبر 500 مربع، إضافة إلى ما يُعرض ببعض المساحات على الأرض مباشرة...