دافعت نقابات التربية بإلحاح على استئناف الدراسة بمختلف الأطوار التعليمية الأحد القادم، مع توفير الإمكانيات المادية والبشرية لمواجهة وباء كورونا واحترام البرتوكول الصحي بالمؤسسات التربوية، مؤكدة أن تمديد تعليق الدراسة سيؤثر سلبا على إتمام البرنامج الدراسي الذي يعرف تأخرا وسينعكس على مستوى التحصيل والاستيعاب في حال التوقف لمدة طويلة. غير أنهم أرجعوا السلطة التقديرية للفصل في هذا الموضوع للجنة العلمية لمحاربة وباء كورونا المخوّلة باتخاذ القرار المناسب. وعبرت بعض نقابات التربية عن رفضها القاطع للدعوات التي تطلقها بعض الجهات التي تطالب بتمديد فترة غلق المدارس بسبب التفشي الكبير لوباء كورونا، وتدعو في نفس الوقت إلى تقليص عمر السنة الدراسية بإلغاء فصل دراسي كامل والإبقاء على فصلين فقط، حيث تبرر النقابات موقفها بتجربة السنة الماضية التي برمج فيها فصلان فقط بسبب الجائحة، حيث ترى أنها كانت فاشلة من حيث النتائج وتدني المستوى. في هذا الإطار صرح مسعود بوديبة الأمين الوطني المكلف بالإعلام والاتصال بنقابة المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع الثلاثي الأطوار للتربية ل«المساء"، أمس، أن قرار استئناف الدراسة يوم الأحد المقبل بعد غلق المدارس لمدة 10 أيام يعود للجنة العلمية التي تملك المعطيات الحقيقية عن تفشي الوباء ومدى خطورته. وأوضح أن نقابته تدعم قرار استئناف الدراسة لكن بشرط توفير الإمكانيات المادية والبشرية واحترام البرتوكول الصحي لمواجهة الوباء تفاديا لتسجيل المزيد من الإصابات بعد التفشي الكبير للفيروس في أوساط التلاميذ والأساتذة مؤخرا، داعيا إلى استغلال هذه الأيام التي توقفت فيها الدراسة لتوفير الوسائل اللازمة من مستلزمات صحية وتعقيم المؤسسات التربوية. أما فيما يخص الطرح الذي يقترح تقليص السنة الدراسية الى فصلين فقط بسبب الأزمة الصحية، فاعتبر بوديبة أنه "سابق لأوانه.. حيث لا يجب التسرع في اتخاذ قرار كهذا في الوقت الحالي، كون إلغاء الفصل الثالث يبقى خيارا أخيرا يمكن اللجوء إليه في حال خروج الوضع عن السيطرة". وأضاف إلى أنه لحد الآن الوضع متحكم فيه، باعتبار توقف الدراسة لمدة 6 أيام فقط إذا حذفنا 4 أيام تدخل ضمن عطلتي نهاية الأسبوع، ليست مدة طويلة ويمكن استدراكها بسهولة، مقدرا في نفس السياق، بأن اللجوء إلى إلغاء الفصل الثالث، لن يكون إلا اذا فاقت فترة التوقف عن الدراسة شهر أو أكثر، "ما يجعل من عملية إتمام البرنامج والاستدراك أمرا صعبا". وفي تعليقه عن إمكانية استخلاف الأساتذة المصابين بفيروس كورونا حاليا بأساتذة آخرين لإتمام البرنامج الدراسي، قال بوديبة إن الوضع الحالي لا يستدعي الاستخلاف اذا كانت الإصابات خفيفة ولا تستدعي دخول الأساتذة للمستشفى والمكوث مدة طويلة، باعتبار أن معظم الإصابات تشفى في غضون عشرة أيام "وهي مدة يمكن تعويض ساعات تدريسها"، موضحا أن الاستخلاف قد يتم اللجوء إليه اذا كانت العطلة المرضية تستدعي غياب لمدة طويلة. من جهته دعم السيد بوعلام عمورة رئيس النقابة الوطنية المستقلة لعمال التربية والتكوين مطلب استئناف الدراسة، مؤكدا أن الغلق لا يجب أن يشمل كل المؤسسات التربوية المقدر عددها ب30 ألف مؤسسة على المستوى الوطني، باعتبار أن بعض المؤسسات في بعض الولايات لم تسجل إصابات. واقترح محدثنا العودة إلى مقاعد الدراسة مع إمكانية تمديد الغلق في المناطق المصنفة كبؤر لتفشي الفيروس، "حيث يجب أن يكون الغلق حالة بحالة ولا يشمل كل المؤسسات لتفادي حرمان التلاميذ من الدراسة". وذكر محدثنا بأن غلق المدارس للمرة الثانية بعد تمديد عطلة الشتاء مؤخرا إلى 20 يوما تسبب في تسجيل تأخر في البرنامج الدراسي، "وتمديد الغلق سينعكس سلبا على التلاميذ، خاصة مع تسجيل تدني المستوى وصعوبة التحصيل". وانتقد عمورة بشدة طلب إلغاء الفصل الثالث والإبقاء على فصلين دراسيين، موضحا أن هذا الإجراء الذي تم اللجوء إليه السنة الماضية أثبت فشله وأعطى نتائج سلبية، حيث خلق حالة من التعب والإرهاق لدى التلاميذ والأساتذة باعتبار أن البرنامج البيداغوجي مكثف والحجم الساعي للدراسة لم يكن كافيا، "ولا يمكن اللجوء إليه مرة أخرى، خاصة وأن الواقع يثبت وجود ضعف المستوى عند التلاميذ". واتهم محدثنا جهات بالتشويش على السنة الدراسية بالدعوة الى غلق المدارس والتهويل وتضخيم الأمور بتقديم صورة كارثية عن تفشي الوباء وخطورته من أجل توقيف الدراسة، موضحا أن "هذه الجهات عندها أهداف ومصالح شخصية من وراء هذه الدعوة، وتريد توقيف الدراسة حتى تتفرغ لتقديم الدروس الخصوصية خارج المدرسة غير مبالين بمصير التلاميذ بالمدرسة". في السياق ذاته، أكد أحمد خالد رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ بأن جمعيته تؤيد قرار استئناف الدراسة مع التقيد الصارم بالإجراءات الوقائية وتضافر جهود الجميع للسهر على تجسيد البرتوكول الصحي من تباعد جسدي وارتداء الكمامات وغيرهما، محذرا من الاستهتار أو الوقوع في خطأ دمج الأفواج الدراسية وملء الأقسام لاستدراك الدروس وتعويض الساعات الضائعة من أجل ربح الوقت. وشدّد باسم أولياء التلاميذ على أن اللجنة العلمية لمحاربة كورونا هي من تقرر إمكانية العودة للدراسة من عدمها حسب الوضع الصحي، غير أنه طالب وزارة التربية باتخاذ الإجراءات اللازمة في حال تمديد تعليق الدراسة، لإنجاح السنة الدراسية ومراعاة مصلحة التلاميذ.