يُعد سيد علي بودينة من أفضل ما أنجبت الجزائر في رياضة التجديف، يجابه المصاعب بإرادة وصبر، ويحلم بالعالمية، وهو طموح مشروع لرياضيٍّ يداوم على التحضير منذ عام تقريبا بفرنسا، مدفوع بثأر رياضي من خيبة أولمبياد طوكيو 2021، التي وصفها بالصفعة. وبداية الثأر لديه بالتتويج بميدالية في بطولة العالم بجمهورية التشيك، قبل التعويض الإيجابي في أولمبياد باريس سنة 2024. ❊ بداية، ما هو تقييمك لمستوى البطولة الوطنية للتجديف داخل القاعة بوهران؟ ❊❊ أولا، بطولة التجديف داخل القاعة تجرى قبل بداية موسم التجديف، فعموما، كل الأودية والأنهار تكون مجمدة في أوروبا وأمريكا في هذه الفترة. أما بالنسبة للمستوى الفني، فقد شدّني تطور مستوى الفئات الدنيا مقارنة بالأكابر الذين انخفض مستواهم. ❊ هل نفهم من كلامك أن خلفا نوعيا أطلّ برأسه في عالم التجديف الجزائري؟ ❊❊ نعم. وكما قلت سابقا، مستوى الجدافين الشباب في تطور، وهذا يعطي انطباعا بأن خلفا جيدا قادم، إذ لاحظنا تنافسا شديدا في السباقات الخاصة بالأصناف الدنيا لدى الأشبال والأواسط، وهذا مفرح جدا لنا، ولرياضة التجديف في الجزائر. ❊ الخلف موجود كما قلت، لكن في غياب المجسمات المائية، فهل توافق هذا القول؟ ❊❊ نعم، للأسف الجميع يشتكي من غياب المجسمات المائية ، فالسدود التي تُستعمل في رياضة التجديف، توجد في مناطق معزولة وبعيدة. وفي المدن الساحلية لا توجد مجسمات مائية. وإجراء التدريبات والمنافسات الرسمية بالموانئ صعب جدا، لأن أغلبها مغلق في وجوه الجدافين، وفي غياب إمكانيات العمل، عكس ما هو موجود في أوروبا، حيث تقع السدود في وسط المدينة بما يمكّن الجدافين من التدريب يوميا وفي أي وقت يشاءون، وبالتالي يستطيعون التوفيق بين دراستهم وممارسة رياضتهم المفضلة، لذلك فالمستوى بيننا وبينهم بعيد. وعلى حسب علمي، كان هناك مشروع لإنجاز مركز مائي في ولاية وهران، وتحديدا في بحيرة أم غلاز بوادي تليلات، كانت ستستفيد منه الأندية الوهرانية، مما يعطي دفعا قويا لرياضة التجديف في وهران عموما، ويجعلها الأفضل في الجزائر، لكن، للأسف، لم يجسَّد هذا المشروع على أرض الواقع. ❊ نعود إليك، ماذا عن تواجدك في هذه المنافسة الوطنية؟ وما تعليقك على النتائج التي حققتها فيها؟ ❊❊ كانت هذه المنافسة مهمة بالنسبة لي، حتى أحافظ على استعدادي، ولياقتي البدنية. وكان واجبا عليّ أن أؤكد على رتبتي ومستواي، وحتى إن كان الرياضي هو الأفضل، فيجب عليه أن يقدم القدوة للشباب. أما من حيث النتائج التي حققتها ففزت في سباق 2000 متر، وحققت، تقريبا، نفس التوقيت الذي حققته في بطولة العالم للتجديف داخل القاعة، وأرفقت ذلك بفوز آخر في سباق 500 متر. ❊ وما هو تعليقك على نتيجة نائب بطل العالم التي حققتها في بطولة العالم للتجديف داخل القاعة، والتي جرت مؤخرا؟ ❊❊ كان لزاما عليَّ المشاركة في هذه المنافسة العالمية، لأن هدفي هذا العام هو التتويج بميدالية في بطولة العالم للتجديف، التي ستقام شهر سبتمبر القادم بجمهورية التشيك. ومن أجل التأكيد، كان يجب المرور على هذه المرحلة بالمشاركة في بطولة العالم للتجديف داخل القاعة، حتى أقيس إمكانياتي قبل ولوج مسابقة كأس العالم، وبعدها البطولة العالمية. ❊ وعليه جاء تتويجك نائبا لبطل العالم في التجديف داخل القاعة، كحافز قوي وهام لأهدافك المستقبلية، أليس كذلك؟ ❊❊ بالفعل، وحتى أعرف مستواي، وأتشجع لأعمل أكثر من أجل بلوغ أهدافي العالمية. ❊ ما رأيك في شطب برنامج التجديف من ألعاب البحر الأبيض المتوسط، التي ستجري الصائفة القادمة بوهران؟ ❊❊ حقيقةً، كانت خيبة كبيرة بالنسبة لي، وليس الاتحاد الدولي للعبة هو الذي لجأ إلى حذف التجديف من الألعاب المتوسطية، بل راجع إلى سوء تفاهم داخلي هنا بالجزائر، فالبعض رأى أن الاحتفاظ بالتجديف في الألعاب المتوسطية، كان سيكلف أموالا باهظة من أجل بناء وتهيئة موقع مناسب لإجراء منافسات التجديف، وحتى بحيرة أم غلاز بوادي تليلات، كانت بحاجة إلى إعادة تهيئة كبيرة مقارنة بإعادة تهيئة قاعة رياضية، لذلك اختاروا الحل السهل بإلغاء التجديف من الموعد المتوسطي. كان بودنا تشريف الجزائر، وإحراز ميدالية في بلادنا، وهو دائما شرف لنا، ولكنا نأمل التعويض في منافسات قادمة كالألعاب الأولمبية سنة 2024 بباريس. ❊ كيف يقيّم بودينة موسمه المنقضي عموما؟ ❊❊ حقيقية، كانت خيبة أمل لي في أولمبياد طوكيو 2021، فالنتائج كانت كارثية، لكنها صفعة بالنسبة لي حتى أعي أن المشاركة بقوة وإيجابية في منافسة بحجم الألعاب الأولمبية، يلزمها تدريبات متواصلة لمدة 4 سنوات، وبدون توقف إلى غاية حلول المنافسة المحددة. أما الانتظار إلى آخر لحظة والاكتفاء بتربصين أو ثلاثة قبل اقتحام الألعاب الأولمبية، فلا يُجدي نفعا. ❊ وكيف تجري تحضيراتك في فرنسا ؟ ❊❊ أنا متواجد في فرنسا للتحضير، طبقا لاتفاقية أُبرمت بين الاتحاديتين الجزائرية والفرنسية بمدينة نانت الفرنسية لمدة عام، على أمل أن تتجدد، وأطلب مساعدة وزارة الشباب والرياضة من أجل ذلك. ❊ فضلا عن المنافستين العالميتين اللتين ذكرتهما، هناك استحقاقات أخرى مبرمجة في المستقبل القريب، كالبطولة الإفريقية، كيف ينظر إليها بودينة؟ ❊❊ هي استحقاقات مهمة بالنسبة لي، حتى أبقى على أهبة واستعداد لبلوغ الهدف الذي رسمته لنفسي، وهو الصعود فوق المنصة في البطولة العالمية القادمة. ❊ بعيدا عن المجسمات والمراكز المائية، ماذا ينقص التجديف الجزائري حتى يبلغ مستويات عليا تقربه من العالمية؟ ❊❊ أصارحك القول إن الجزائر تتوفر على مواهب ممتازة أحسن من تلك الموجودة في فرنسا، لأنني شاهد عيان، لكن ما ينقص مواهبنا، المرافقة سواء في دراستهم أو ممارستهم الرياضة، مثلا إبرام عقود مع المدارس كما هو جار في أوروبا، لأن الرياضة عندهم ملتصقة بالدراسة ولا تفارقها أبدا، وكذا الإمكانيات الضرورية. ❊ لك كلمة الختام. ❊❊ أتمنى أن ألامس أهدافي المسطرة. وأدعو الله تعالى بالتوفيق لجميع الرياضيين الجزائريين.