من "النكبة" إلى "النكسة" تتوالى مآسي ومعاناة الفلسطينيين الذين يواجهون بصدورهم العارية آلة القمع الصهيونية التي صعدت في الآونة الأخيرة من انتهاكاتها وخروقاتها الخطيرة ضد أبناء الشعب الفلسطيني الذي أصبح يقتل في الشوارع أمام أعين عالم أجمع يغض البصر عن ما تقترفه من جرائم يندى لها الجبين. وتحل الذكرى السنوية 55 ل"النكسة" الموافقة للخامس جوان من كل عام أو ما يعرف بحرب جوان 1967 التي احتل خلالها الكيان الصهيوني مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية والعربية وتداعياتها المستمرة إلى يومنا هذا من تصعيد صهيوني خطير بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته وأرضه. وتتزامن ذكرى "النكسة" هذا العام مع تواصل الاستفزازات الصهيونية عبر السماح للمستوطنين اليهود باقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك وزيادة البؤر الاستيطانية عبر بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربيةالمحتلة وما يواجهه الفلسطينيون في حي "الشيخ جراح" و«بطن الهوى" في القدسالمحتلة من خطر التهجير القسري والتطهير العرقي بعد صدور قرارات تقضي بطردهم من منازلهم لصالح مستوطنين. ورغم الاستفزازات والانتهاكات الخطيرة التي بلغت حد اعدام العزل من أبناء وأطفال وبنات الشعب الفلسطيني على المباشر وبكل دم بارد، إلا أن عزيمة الفلسطينيين وإصرارهم على التمسك بأرضهم والدفاع عن مقدساتهم ومقدسات كل المسلمين. يذكر أنه على إثر حرب 1967 احتل الكيان الصهيوني، الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية. كما ترتب على "النكسة" وفق إحصائيات فلسطينية تهجير حوالي 300 ألف فلسطيني من الضفة الغربيةالمحتلة وقطاع غزة معظمهم نزح إلى الأردن. ومن أفظع تداعيات هذه الحرب أنها فتحت باب الاستيطان في الضفة الغربيةالمحتلة وبخاصة في مدينة القدس وقطاع غزة الذي انسحبت من داخله إسرائيل عام 2005. وفي ذكرى النكسة، أكدت الأمانة العامة للجامعة العربية في بيان لها أمس، أنه رغم مرور أكثر من خمسة عقود على النكسة والسجل الطويل لجرائم الاحتلال ومخططاته لفرض الأمر الواقع بالقوة، إلا أن ذلك لم ولن يغيّر من حقيقة أن هذه الأراضي الفلسطينية والعربية التي استولى عليها الكيان الصهيوني عام 1967 هي أراض محتلة وفقا للقانون الدولي والقرارات الدولية ذات الصلة. كما أكد البيان على أن ذلك لا يغير أيضا من حقيقة أن هذه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني لا تسقط بالتقادم ولن تضعف من عزيمته على استمرار الصمود والكفاح العادل والمشروع من أجل استعادة كافة حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف. وطالبت الجامعة العربية، المجتمع الدولي بالعمل على تنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة عبر تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط من جوان عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية. ودعت الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين أن تتخذ هذه الخطوة بما يعزز من أفق تحقيق السلام وفق رؤية حل الدولتين وإنهاء الاحتلال المتواصل منذ 55 عاما. من جهتها، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان لها بالمناسبة "نكسة شعبنا متواصلة بسبب غياب الإرادة الدولية والأمريكية لإنهاء الاحتلال"، مضيفة أن حكومة الاحتلال تواصل إعادة إنتاج النكبة والنكسة ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية العادلة والمشروعة وتشرف على تجديد الظلم التاريخي الذي حلّ به وتضاعف من معاناته باستمرار الاحتلال ومنظومته الاستعمارية التوسعية التي أنتجت أيضا منظومة فصل عنصري "أبارتايد" في فلسطينالمحتلة. أما حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" أن "الشعب الفلسطيني العظيم هو اليوم أكثر إصرارا على التمسك بأرض وطنه والصمود عليها مهما بلغت التضحيات والمعاناة"، مشيرة إلى أن نضال الشعب الفلسطيني وكفاحه البطولي في الجانب الصحيح من التاريخ وأنه عاجلا أم آجلا سيلحق الهزيمة بالاحتلال الصهيوني بكل أشكاله، وسيهزم المشروع الصهيوني الاستعماري الذي استهدف وجوده وحقوقه الوطنية المشروعة في وطنه فلسطين. وأوضحت أن الاحتلال وبعد 74 سنة من النكبة و55 سنة من النكسة والاحتلال الاستعماري الاستيطاني البغيض، فشل في طمس الحقيقة الفلسطينية لأنها حقيقة تنسجم ومنطق العدل والحق التاريخي ولا تستند إلى رواية مزيفة كما هو حال روايتهم بما يجعل هذه الحقيقة تزداد سطوعا في كل يوم. وفي الذكرى 55 للنكسة، كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين أن الاحتلال الصهيوني اعتقل نحو مليون فلسطيني منذ نكسة 1967 من بينهم 228 أسير استشهدوا داخل معتقلاته.