شرعت بلديات العاصمة في إعداد بطاقات تقنية جديدة للأحياء القصديرية عبر تراب الولاية بتعليمات من ولاية الجزائر ووزارة السكن تضم اسماء العائلات وكل البيانات الاجتماعية المتعلقة بها، وتدخل العملية في اطار توصيات الحكومة التي عزمت هذه السنة على وضع حد لانتشار "بنايات الصفيح" التي شوهت منظر العاصمة، ولذلك اصدر والي العاصمة في آخر لقاء له مع المنتخبين ورؤساء البلديات توصيات صارمة لتدقيق الإحصائيات وحصر مواقع الأحياء القصديرية مع تخصيص غلاف مالي معتبر للعملية، وهو ما دفع السلطات المحلية الى تنظيم خرجات ليلية إلى هذه الأحياء بالتنسيق مع مصالح الأمن والدرك الوطني للتدقيق في الإحصائيات التي أعدتها بلديات العاصمة سنة 2004 والتي أفضت الى وجود61 ألف بيت قصديري· وقررت ولاية الجزائر أن تكون سنة 2008 سنة "مكافحة القصدير" ووضع حد لانتشار هذه الأحياء الفوضوية التي تكثر بها عمليات قرصنة الكهرباء والربط العشوائي بشبكة توزيع المياه بالإضافة إلى غياب ادنى شروط التهيئة، وقصد تحديد البطاقات الفنية لهذه الأحياء قررت ولاية الجزائر تنظيم خرجات ليلية لأعوان الإحصاء بالتنسيق مع مصالح الأمن لتحديد العدد الحقيقي للعائلات وتسجيل كل البيانات الاجتماعية بغرض مراقبتها من طرف مصالح وزارة السكن التي أعدت منذ سنتين بنكا للمعلومات يضم أسماء كل المستفيدين من سكنات ودعم لشراء أوعية عقارية بغرض البناء، ومنه سيتم تحديد العدد الحقيقي من المستفيدين من سكنات اجتماعية في إطار برنامج تهديم كل الأحياء القصديرية· وعلى إثر التوصيات الأخيرة لوالى ولاية الجزائر السيد محمد الكبير عدو، دخل الولاة المنتدبون في سباق مع الزمن لتنصيب لجان تتكون من ممثلين عن مصالح الأمن والبيئة ومؤسسات النظافة والصيانة التابعة للولاية بالإضافة الى السلطات المحلية تعهد لها مهمة تهيئة الأحياء القصديرية بمتطلبات الحياة الضرورية من تعبيد للطرقات والاتفاق مع مصالح "سونلغاز" ومؤسسة إنتاج وتوزيع المياه بالعاصمة "سيال" لربطها بشبكات الماء والكهرباء والغاز مع تعبيد الطرقات في انتظار تحديد مواقع جديدة لنصب الشاليهات· وكانت دائرة بئر مراد رايس السباقة الى تنصيب اللجنة التي ستتكفل في مرحلة أولية بالأحياء القصديرية ببلدية جسر قسنطينة التي تضم وحدها أكثر من 2000 بيت قصديري موزعة على موقعين لتليها بلديات كل من بئر خادم وباش جراح والقبة، في حين أسرت لنا مصادر من الدائرة أن غياب الأوعية العقارية على ترابها أجبرها على إدخال التهيئة الى الأحياء القصديرية، في انتظار استفادتها من حصص جديدة من السكنات الاجتماعية، في حين فضلت بلدية بني مسوس الشروع مباشرة في هدم البيوت القصديرية بحي" سيلاست" الذي يضم أكثر من 600 عائلة لكن العملية نجم عنها عدة مناوشات بين السلطات المحلية وسكان الحي الذين هددوا بتفجيره بقارورات الغاز في حال تهديم بيوتهم، وهو ما جعل السلطات تعدل عن قرارها وتفكر في حل آخر يرضي السكان علما أن بعض العائلات رفضت ترحيلها الى الشاليهات وطالبت بمساكن اجتماعية لائقة، في حين بادرت من جهتها بلدية براقي إلى إحصاء عام للبيوت القصديرية بعد أن نصبت هي الأخرى خلية محلية لتهيئة أحيائها القصديرية في الوقت الذي حيّنت فيه بلدية باب الزوار قائمة العائلات التي تقطن بحي الجزيرة الذي يضم أكثر من 400 عائلة· قرار والي ولاية الجزائر كان بمثابة الضوء الأخضر للبلديات التي طالما انتظرته للشروع في تنظيم هذه الأحياء التي انتشرت في سنوات التسعينات بشكل ملفت للانتباه بسبب العشرية السوداء ليرتفع عددها الى 61 ألف، وهو رقم غير نهائي· من جهتها سطرت بعض البلديات قبل صدور القرار مخططا لتنظيم هذه الأحياء مرفوقا بقائمة المستفيدين الحقيقيين، حيث تقرر عدم إدراج أسماء العائلات القادمة من الولايات الداخلية في القائمة بحجة أنها لا تنتمي الى البلدية وعليها الرجوع الى بلدياتها الأصلية، لكن عدم بت ولاية الجزائر في الأمر جعل رؤساء البلديات في حيرة من أمرهم· أما عن مصالح مؤسستي سونلغاز وسيال" فقد أعربت عن ارتياحها للقرار، حيث أشارت مصادر مقربة من مؤسسة "سونلغاز" أنها تقبل ربط الأحياء القصديرية بشبكة توزيع الكهرباء والغاز وسيتم تزويدها بالعدادات على أن يتم اقتسام مستحقات الربط بين العائلات والسلطات المحلية والمؤسسة نفسها، وهو نفس الارتياح التي سجلته مؤسسة "سيال" حيث سيتم التحكم أكثر في الأعطاب التي تلحق بالشبكة اثر ربط الأحياء القصديرية بقنوات التوزيع، علما أن "سيال" بادرت بعد شروعها في العمل بالسوق الجزائرية الى وضع حنفيات عمومية داخل الأحياء القصديرية لوضع حد للربط العشوائي إلا أن انشغالها الحالي يتعلق بربط الأحياء المعنية بقنوات الصرف الصحي نظرا للوضعية الكارثية لعدة أحياء تقع في غالبيتها داخل غابات ومساحات غير مهيأة، لنفس الغرض خصصت ولاية الجزائر غلافا ماليا معتبرا لتهيئة الطرقات داخل هذه الأحياء التي زاد عددها عن 100 حي بالعاصمة وحدها بشرط أن تتعهد السلطات المحلية بعدم بناء أي بيت قصديري آخر بعد عمليات التهيئة، في حين سيتم ترحيل بعض العائلات الى شاليهات قبل نهاية السنة الجارية حتى تستفيد البلديات من مساحات وأوعية عقارية لتجسيد مشاريعها التنموية· ومن جهته شدد والي ولاية الجزائر على البلديات بعدم إعداد قوائم للمستفيدين من سكنات تساهمية هذه السنة، حيث ستوجه كل مشاريع بناء الأحياء الجديدة الى السكنات الاجتماعية على أن تتكفل باقي المؤسسات مثل " كناب بنك" و "عدل" بالسكنات التساهمية·ونظرا لأهمية القرار، فقد تحركت عدة جمعيات لسكان الأحياء القصديرية للمطالبة بالتدخل لحل مشاكلهم اليومية منهم سكان غابة النخيل ببلدية باش جراح الذين بلغ عددهم أكثر من 230 عائلة استقروا بالغابة منذ 2004 ونظرا للمخاطر التي يتعرض لها السكان بسبب قرب مساكنهم من ممر وادي اوشايح بالإضافة إلى غياب قنوات الصرف الصحي، فقد طالبوا السلطات المحلية بالتدخل العاجل للتكفل بهم خاصة وأنهم من سكان البلدية، والحال ينطبق على العديد من الأحياء التي لم يمسها الإحصاء بعد·