أضحى المغرب بما لا يدع مجالا للشك خطرا محدقا على منظومة السلم العالمية، بسبب آلاف أطنان المخدرات التي يقوم بنشر سمومها في مختلف بلدان العالم واستغلال عائداتها في دعم الجماعات الإرهابية ومنظمات الجريمة العابرة للحدود. فقد حرصت سلطات المخزن المغربي ضمن استراتيجية مدروسة على إلهاء شعبه الذي يعيش الأمرين، بحتمية ضمان قوت يومهم من خلال زراعة الحشيش ومختلف أشكال المخدرات الأخرى، في نفس الوقت الذي حرص فيه على توجيه هذا "السلاح القاتل" باتجاه دول الجوار ضمن خطة لإغراقها بهذه المواد السامة. ويؤكد حجز مختلف أجهزة الأمن الجزائرية على مدار أيام السنة لقناطير من الكيف و المهلوسات القادمة من هذا البلد، تمادي المخزن في سياسة الإضرار بالأمن الإقليمي والمتوسطي وحتى الدولي. فالمخزن لن يجد ما ينكره إزاء ما وثقته التقارير السنوية لمختلف الهيئات الدولية، بخصوص تورطه في الترويج لهذه الآفة التي لا تقل خطورة عن ظاهرة الإرهاب، التي ثبت أنها تتغذى من المصادر المالية التي تدرها شبكات إجرامية مختصة في الترويج للمخدرات. فقد أكد آخر تقرير نشره مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة عام 2022، أن المغرب يحتل صدارة الدول الرئيسية لمنشأ ومغادرة القنب الهندي، ما يجعل هذا البلد أكبر منتج ومصدر لهذا النوع من المخدرات. كما صنّف المغرب كأول بلد إفريقي من حيث أهمية زراعة القنب الهندي بين سنتي 2010-2020، فضلا عن أن معظم عمليات تهريب الكيف المعالج تتم من المغرب باتجاه إسبانيا ومنها نحو دول أوروبية أخرى وكذا بلدان شمال إفريقيا. وهي كلها حقائق ومعطيات لن يتمكن نظام المخزن على تكذيب التقارير التي تصدرها مختلف مصالح الأمن الجزائرية، حول ضبط كميات كبيرة من المخدرات التي تستهدف بالخصوص الشباب، لدرجة أضحت الحدود الغربية يوميا في حالة تأهب قصوى للوقوف في وجه شبكات المهربين التي تنشط بإيعاز من نظام المخزن من أجل إغراق الجزائر بهذه السموم. ونذكر على سبيل المثال حجز المفارز المشتركة للجيش الوطني الشعبي خلال الشهر الماضي، 10 قناطير من الكيف المغربي. إغراق الجزائر بالمخدرات المخزنية يهدد أمنها القومي وكثيرا ما اشتكت الجزائر من تصرف الجارة الغربية حتى قبل قطع العلاقات الثنائية، حيث كان من بين شروطها لفتح الحدود دراسة الملفات برؤية شاملة وأبرزها عمليات التهريب المكثفة للمخدرات ومحاولة تعميم إنتاجها والترويج لها بين الشباب، غير أن المغرب لم يأبه بمطالبها لكونه كان دائما يعلق مشاكله الداخلية على مشجب الجزائر. وكثيرا ما يتغاضى المخزن عن النشاط غير القانوني لزراعة الحشيش والقنب الهندي لعائلات في منطقة الريف التي تعاني من الفقر المدقع لتنويمها وتركيز اهتمامها على الاحتياجات الاجتماعية، وبلغت جرأته شهر أكتوبر الماضي، إلى منح أولى التراخيص الخاصة بمزاولة أنشطة تحويل وتصنيع القنب الهندي بحجة احتياجاته الاقتصادية. وإلى جانب النشاط المكثف لمصالح الأمن لضبط كميات المخدرات المهربة، أقرت الجزائر قانونا جديدا للوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية، بالتنصيص على عقوبات صارمة في حق الموظفين العموميين، المتورطين في عملية الترويج للمخدرات والمؤثرات العقلية تصل إلى 30 سنة سجنا. فإصدار هذا القانون يعد من تبعات الوضع الخطير الذي باتت تعيشه المنطقة ككل، حيث وجدت الجزائر نفسها مضطرة لمجابهة خطة الإغراق المغربية لكل دول المنطقة بهذه السموم، ونستشف ذلك في تصريح رئيس المجلس الشعبي الوطني ابراهيم بوغالي، خلال مناقشة هيئته لمشروع القانون، عندما أكد أن "الجزائر ما فتئت تواجه محاولات آثمة لإغراقها بشتى أنواع هذه الشرور لتكبيل الشباب بالآفات، فضلا عن ما تتكبده من خسائر على الصحة العمومية والاقتصاد". فبعد أن ركزت الجزائر خلال السنوات الماضية، جهودها لاستئصال الارهاب أصبحت اليوم تولي اهتمامها لمجابهة آفة المخدرات التي لا تقل خطورة، خصوصا بعد أن أكدت تقارير بعلاقة المخدرات في تمويل الإرهاب وتجارة تهريب البشر في العالم وتحديدا في منطقة الساحل، مما جعل خبراء أمنيين يدقون ناقوس الخطر ويدعون للبحث عن آليات قانونية جديدة لتجريم هذا المصدر الذي يعد خطرا قوميا على العالم بأسره. فتجارة الحشيش التي ينفرد بها المخزن بامتياز لدرجة سبق افغانستان في هذا المجال، أصبحت تدر أموالا طائلة على شبكات التهريب النشطة عبر محور دول الساحل مرورا بأراضي الصحراء الغربية المحتلة وموريتانيا والجزائر، ما يجعلها مصدر تهديد للأمن الوطني كما أنها تعد مصدر قلق لدول الجوار. ولطالما حذّرت الجزائر في العديد من المناسبات وعبر مختلف المحافل الدولية من خطر هذه الشبكات التي تقوم بتبييض الأموال عن طريق بنوك حكومية معتمدة تنشط بدول إفريقية، حيث وجهت الاتهام مباشرة للمغرب، مع دعوتها إلى ضرورة تكتل الدول تحت مظلة الأممالمتحدة لمحاربة زراعة وتجارة المخدرات باعتبارها مصدرا أساسيا لتمويل الإرهاب الذي أصبح مصدر قلق متزايد لتهديده ليس فقط لأمن دول المنطقة ولكن لكل القارة ككل.