بمجرد انتهاء الهدنة المعلن عنها في السودان لمدة 24 ساعة، عاد صوت الرصاص ليعم أمس مختلف انحاء هذا البلد الذي يتخبط في صراع مسلح دام، أتى على الأخضر واليابس وتنعدم معه لحد الساعة مؤشرات احتواءه على الأقل في المستقبل القريب. قالت وزارة الخارجية السعودية التي تلعب إلى جانب الولاياتالمتحدة دور الوسيط في الأزمة السودانية، بأن الطرفين التزما بوقف إطلاق النار لمدة 24 ساعة من أجل "السماح بإيصال المساعدات الانسانية". وهو ما مكن سكان الخرطوم من تنفس الصعداء ولو لبضع ساعات، سارع على إثرها البعض منهم إلى التزوّد بالمؤونة، فيما استغل آخرون الفرصة للفرار من العاصمة بحثا على أماكن أقل توتر. لكن وبعد يوم من وقف إطلاق النار الذي كان مثل "الحلم" خاصة بالنسبة لسكان العاصمة الخرطوم والمناطق التي تشهد قتالا حادا منذ 15 أفريل الماضي بين الفريقين العسكريين المتحاربين، استأنفت المعارك عشر دقائق فقط بعد انتهاء مهلة الهدنة بما يؤكد عمق هوة الخلاف بين قائد الجيش النظامي الجنرال عبد الفتاح البرهان، وغريمه قائد القوات شبه العسكرية، الجنرال محمد داقلو.وكالعادة استيقظ سكان الخرطوم البالغ تعدادهم حوالي خمسة ملايين نسمة أمس على وقع صوت المدفعيات والقذائف الصاروخية وأزيز الطائرات التي ضربت عددا من الأحياء وسط اندلاع معارك ضارية تبادل على إثرها الطرفان اطلاق النار بالأسلحة الثقيلة والرشاشة.والمؤكد أن 12 ساعة من وقف القتال تبقى غير كافية لتلبية احتياجات الملايين من السكان المحاصرين بين نيران المدفعيات والرشاشات والذين هم بحاجة ماسة للغذاء والدواء، خاصة وأن رئيس وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الفونسو فاردو بيريز، حذر من أنه فقط 20% من المؤسسات الصحية لا تزال تعمل في السودان الذي يتخبط في اتون كارثة انسانية بكل المقاييس. ويبقى الوضع على حاله في هذا البلد رغم تعدد الوساطات التي لم تنجح لحد الآن حتى في التوصل إلى هدنة ولو قصيرة المدى بما يسمح على الأقل بتدليل العقبات من أجل تقريب وجهات النظر بين الطرفين العسكريين ال متحاربين. وفي هذا السياق، قال نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، إن رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، أبدى استعداده لزيارة الخرطوم من أجل الوساطة بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأفاد بيان لمكتب نائب رئيس مجلس السيادة السوداني بأن اللقاء، الذي جمع عقار برئيس الوزراء الإثيوبي في القصر الرئاسي بالعاصمة أديس أبابا، بحث "الأوضاع السياسية والإنسانية في السودان في ظل الأزمة الحالية". وأضاف أن "آبي أحمد أبدى تأثره البالغ بالوضع الإنساني الكارثي الذي يمر به السودانيون واهتمامه البالغ بتفاصيل ومجريات الحرب الدائرة في العاصمة وبعض المدن السودانية". وخلال لقائه نائب رئيس مجلس السيادة "أبدى آبي أحمد رغبته في المساعدة أيا كان نوعها واستعداده الكامل لزيارة الخرطوم مهما كلف الأمر بغرض الجلوس مع الطرفين للوصول إلى وقف إطلاق النار بين الجانبين".