نوقشت حديثا بكلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير بجامعة الجزائر أول أطروحة حول موضوع اقتصاد وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في الجزائر، قدمها الطالب الباحث عاشور فني لنيل شهادة دكتوراه الدولة في العلوم الاقتصادية في البداية بيّن الباحث اهتمام الاقتصاديين بنشاط وسائل الإعلام المرئية مع مرور الزمن نظرا لتزايد الطابع الاقتصادي لوسائل الإعلام، خاصة وأنها تميزت بالبعد الصناعي الكثيف لرأس المال، وبالسوق الواسعة التي كانت تغطي النطاق الوطني مع انفتاح الأسواق الدولية. وبيّن الباحث أن ما يصنع حركية نشاط وسائل الإعلام في العالم اليوم عاملان، التصنيع والسوق، ذلك أن نشاط وسائل الإعلام المرئية المسموعة تميز بتطبيق القواعد الصناعية: من حيث الاستثمارات الضخمة وتقسيم العمل التقني والفني، واستعمال طرق إنتاج يغلب عليها عنصر رأس المال واعتماد أحدث التقنيات المبتكرة في مجال الصناعات الالكترونية والإعلامية وصناعة الاتصال. فيما يتعلق بوسائل الإعلام في الجزائر بين الباحث عاشور فني أنها حظيت بمكانة خاصة في نطاق النظام الإعلامي الوطني، حيث أولتها الدولة أهمية قصوى ضمن السياسة الإعلامية ورصدت لها موارد معتبرة. وعملت الدولة على تطوير وسائل البث والاستقبال، وقد تميزت السوق الوطنية بالانغلاق في مرحلة أولى، حيث كان الخطاب الرسمي يعلن محاربة الغزو الثقافي والهيمنة الإعلامية، وكان هدف السياسة الإعلامية بناء فضاء إعلامي وطني مستقل. وفي مرحلة ثانية تميزت سوق الإعلام المرئية المسموعة بالانفتاح المفرط وعالمية البث والاستقبال، مما ترتب عنه هامشية وسائل الإعلام المرئية المسموعة الوطنية في السوق الوطنية نفسها، وأصبح الهدف المعلن للسياسة الإعلامية هو تحسين صورة الجزائر في وسائل الإعلام الوطنية وفي الإعلام الأجنبي. وتمثلت عناصر الإشكالية التي طرحها الباحث في أن تزايد الطابع الصناعي لنشاط وسائل الإعلام واتساع رقعة السوق وانفتاحها على المستوى العالمي فرض النظر في النظام الاقتصادي لوسائل الإعلام في البلدان الصناعية في اتجاه مزيد من التنوع وتحرير المؤسسات العمومية والخاصة، والتصدي لمتطلبات تطور تقنيات الاعلام الجديدة، وتأكد دعم السلطات العمومية لوسائل الاعلام المرئية والمسموعة في كل دولة على حدة، فضلا عن التنسيق على المستوى القاري للدفاع عن السوق (حالة أوروبا). أما في الجزائر فيبرز دور الدولة في نظام الإعلام من خلال أهمية المكانة التي تحتلها وسائل الإعلام المرئية المسموعة في تخصيص الموارد المالية والبشرية، والاستثمارات المرصودة لتطوير وسائل الاعلام المرئية المسموعة من أجل توسيع شبكة البث لتغطية التراب الوطني، وتزايد الطلب على وسائل الإعلام المرئية المسموعة مع عجز القناة الوطنية عن التلبية في ظل ازدياد عرض القنوات الأجنبية، ورافق ذلك تزايد قدرات الاستقبال مع جمود قدرات العرض. البحث قسم إلى قسمين، نظري وتطبيقي، بحيث خصص الأول للوقوف على الوضعية المعرفية للإعلام في النظرية الاقتصادية لدى المدرسة التقليدية، وخصص القسم الثاني لاقتصاد وسائل الإعلام المرئية المسموعة في الجزائر، وعالج في البداية النظام الإعلامي في الجزائر والبنية الاقتصادية لوسائل الإعلام المرئية المسموعة. واستخلص الباحث في الختام اختلال نظام الإعلام المرئي المسموع في الجزائر، ويتجلى ذلك في سرعة التطور التقني للنظام مقابل بطء التطور التنظيمي، وفي زيادة قدرات البث مقابل ضعف في صناعة المحتوى، وفي واحدية البرمجة مقابل تعدد الاستقبال، وفي ضعف حضور الجزائر إعلاميا وانفتاح سوقها للتدفق الإعلامي، وفي غياب الإدارة واستراتيجية لقطاع وسائل الاعلام المرئية المسموعة مقابل ثقل التسيير الإداري. وأوصت الدراسة بالعمل على تنويع العرض وتكييفه مع فئات الطلبات المختلفة من خلال إنشاء صناعة حقيقية للمحتوى ، ورفعها إلى درجة الاولوية الاستراتيجية وإنشاء قنوات جديدة حقيقية، وتعزيز الإعلام المحلي، وتحويل المحطات الجهوية الى قنوات وطنية، وإنشاء قنوات موضوعاتية متخصصة. كما أوضحت الدراسة التي نال صاحبها درجة مشرف جدا باعتماد تقنيات قياس المشاهدة بتنظيم عمليات سبر الآراء ورصد تغيرات المشاهدة من جهة وتنظيم السوق الإشهارية في وسائل الإعلام.