يستقبل الفنان كمال بلطرش زوار معرضه، المقام حاليا برواق "عائشة حداد"، للتمتع بلوحاته ولوحات زوجته الروسية ماريا إلتسوفا المولعة بطبيعة الجزائر وتراثها. ويتميز المعرض الذي يستمر إلى غاية 12 سبتمبر، بأنواره وألوانه التي تبعث على التفاؤل والبهجة والإقبال على الحياة، ويقدم صورة مشرقة عن الجزائر القارة ذات الحسن والبهاء. أشار الفنان كمال بلطرش، خلال حديثه ل"المساء"، إلى أن المعرض لا يحمل أي عنوان أو شعار، ومع ذلك فضل أن يسميه "تستمر الرحلة"، وفاء لصديقه الراحل مؤخرا، كمال بوسلامة، الذي كان قد التقاه شهر جويلية الفارط، وسأله عن المعرض، وقال له "إن الرحلة تستمر بينك وبين زوجتك كفنانين"، آملا أن يحضر هذا المعرض، علما أنه صحفي ومختص في هذا المجال، ومولع به، لكنه رحل إلى العالم الآخر، تاركا الفنان بلطرش متأثرا، ليهدي لروحه هذا العمل. تحدث التشكيلي عن مدى حضور الفنان في معرضه لاستقبال الجمهور ومرافقته، فالجمهور عندنا ذواق ويبحث عن مثل هذه المعارض للاسترخاء، كما توقف عند لوحات زوجته ماريا إلتسوفا في المعرض، والمتمثلة في 50 لوحة، علما أن المعرض ككل يتضمن 80 لوحة من مختلف الأحجام والمدارس الفنية، منها الواقعية والتصويرية والتجريدية، لتتوقف شريكة كمال خاصة عند التراث الجزائري، لاسيما لدى المرأة التي تختزنه وتحافظ عليه، من ذلك تصويرها ل"الحايك" و"العجار"، وهنا قال الفنان كمال "زوجتي تعشق تصوير هذا التراث الجزائري الأصيل، وهي حين ترسم الحايك فهذا نتيجة إعجابها به، وقد رأيتها تتحدث مع سيدات مسنات، كن يرتدينه بالعاصمة، وتجاذبت معهن الحديث، كذلك الحال مع التوارق الذين التقت بعضهم في ساحة البريد المركزي بالعاصمة". كما أكد محدث "المساء"، أن اللوحة لا تكتمل سوى إذا اكتمل فيها الزي مع الحلي، وبعض وسائل الزينة، منها الحناء مثلا، أو ما شابه وهكذا. جالت الفنانة ماريا إلتسوفا وصالت في ربوع بعض المدن الجزائرية، منها غرداية وبسكرة وبجاية وغيرها، كما طلت العاصمة البيضاء بخليجها الممتد وبقصبتها قبالة المتوسط، لتحط الفنانة على سطوح الدويرات، وفي ساحات المساجد وعبر الشوارع والأزقة والأسواق وغيرها، وتطلق العنان لألوانها. أبدعت الفنانة في البورتريهات التي كان نصيب الأسد فيها للمرأة، منها التارقية والعاصمية، وكذا القبائلية التي تكاد تنطق من فرط إتقانها، وعندما سألت "المساء"، الفنان كمال بلطرش عن لوحة "القبائلية"، مثلا، والتي جلبت الزوار، قال إن زوجته لها جبة قبائلية رسمتها في هذه اللوحة، وكان الأزرق فيها طاغيا، كذلك الحال مع التارقية، سواء منفردة بحليها أو بآلة "الأمزاد" و"التيندي"، أو في جلسات السمر والشاي والرقص الجماعي. بدوره، وقع كمال بلطرش 30 لوحة، قدم فيها نماذج من الفن التشخيصي والانطباعي والتجريدي، لم يخرج فيها عن موضوع التراث والطبيعة الجزائرية، مثمنا فيه بروز المرأة كمحور أول لإبداعاته، وهنا أوضح ل"المساء"، أن لوحاته ولوحات زوجته تتسم بالنقاء وبالرؤية الواضحة، التي فرضتها الريشة، تعكس نقاء الطبيعة والجو في الجزائر، كما ابتعد كلاهما عن إعطاء عناوين للوحات، لمنح فرصة التجول والسفر، وهو الأمر الذي لاقى استحسان الجمهور الذي يبحث عن السكينة والحلم الجميل والهادئ، للهروب من صخب يومياته، وكعلاج فعال للضغط النفسي، ويذكر أن أحد المصابين بالتوحد دخل المعرض، وجذبته لوحة متسلسلة ذات ضوء قوي، تبين مراحل عاشها الإنسان وهو يجلس ويتقلب مثل الجنين، فارتاح لها وشكر كمال عليها. كما ثمن بعض أهلنا التوارق الألوان المستعملة في لوحات المعرض، متسائلين "لماذا يرسمنا غيركم ويربطوننا فقط باللون البني؟". قال الفنان كمال، إنه يرسم الملمح العام للوحة، ثم يلتفت بعدها للتفاصيل، وأنه سعيد بهذا المعرض الذي يقيمه مع زوجته، علما أن 5 معارض جمعتهما سابقا، ويصران على تكملة كل المعارض معا. للإشارة، درس كمال بلطرش بأكاديمية الفنون التشكيلية سوريكوف بالعاصمة الروسية موسكو، وقد شارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية في الجزائر، وأيضا بروسيا وتركيا وبريطانيا، ونال الجوائز، كما درست زوجته الفنانة إلتسوفا الفنون التشكيلية بنفس الأكاديمية، ولها العديد من المعارض والجوائز.