طالب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المتعاملين الوطنيين بالاستثمار في جميع مناطق الوطن للمساهمة في ضمان التوازن الإقليمي في مجال التنمية، وفي سياق مواصلة جهود توسيع مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في خلق الثروة ستباشر الحكومة تنفيذ برنامج واسع يرمي إلى تدارك الاختلالات سواء المتعلقة بالبنوك أو العقار. حدد مجلس الوزراء المجتمع الأسبوع الماضي برئاسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إطارا جديدا يساهم في إعطاء دفع إضافي لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها تشكل محور السياسة الوطنية لتنويع مصادر خلق الثورة، وفي خلق مناصب الشغل وامتصاص الطلبات المتزايدة لخريجي الجامعات ومعاهد التكوين لإنشاء مؤسسات خاصة بالاستفادة من مختلف الآليات التي وضعتها الدولة منذ سنوات. وقبل ذلك شدد الرئيس بوتفليقة في تدخله أثناء مناقشة هذا الملف على ضرورة أن تراعى قضية إحداث التوازن الإقليمي في مجال التنمية، وطالب المستثمرين الوطنيين بالاستفادة من المزايا التي تمنحها الدولة في الإطار الجبائي وشبه الجبائي بالنسبة لمناطق الهضاب والجنوب حتى يساهموا في تنفيذ هذه السياسية(التوازن الإقليمي في التنمية)، وحثهم كذلك على التوجه إلى إنتاج السلع والخدمات الحقيقية والاستفادة من برامج الاستثمارات العمومية الهامة وتوفير مناصب شغل للشباب الذي يعول كثيرا على القطاع الخاص لتحقيق الاندماج في الحياة العملية. ومن جهة أخرى كشف العرض الذي قدمه وزير المالية السيد كريم جودي حول تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن الحكومة ماضية عملا بتعليمات رئيس الجمهورية في تطبيق سياسة خلال العام الجاري ترمي إلى تدارك جميع الاختلالات التي يواجهها القطاع علما أن الرهان بالنسبة للخماسي القادم هو إنشاء 200 ألف مؤسسة تساهم في خلق ما يقارب 1.5 مليون منصب شغل، ولهذا فإنه من المنتظر أن تباشر عديد القطاعات الوزارية المكلفة بتنفيذ هذه السياسة عدة إجراءات وستكون وزارة المالية في قلب "المحركين" لهذه السياسة، كون جوهر الخلل يكمن في التمويل وفي دور البنوك، وكذا في تسوية العقارات، ومن هذا المنظور فقد تقرر رفع مستوى ضمان قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذي سيبلغ سقفه 250 مليون دينار، كما سيتولى صندوق ضمان القروض الموجهة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة مستقبلا المشاريع التي تتراوح قيمتها بين 51 و250 مليون دينار بينما يخصص صندوق الضمان للمشاريع التي تتراوح قيمتها بين مليون و50 مليون دينار. وسيستفيد هذان الجهازان اللذان يتعين عليهما فتح مكاتب جهوية من أجل التقرب من الزبائن من ضمان الدولة. وبهدف تحسين معالجة ملفات القروض الموجهة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة سيتم تعزيز شبكة الوكالات وفتح شبابيك متخصصة وتوحيد آجال الدراسة في ظل احترام المعايير القانونية، كما ستقوم كافة البنوك العمومية بإنشاء فروع تتكفل برأس مال الاستثمار والقرض بالإيجار، وستزود هذه الفروع بأموال عمومية تمكنها من التدخل على أساس اتفاقيات تحدد استراتيجية الاستثمار وأهدافه. وتقرر ضمن الرؤية الجديدة إنشاء بنوك على مستوى الولايات تتخصص في تقديم المساعدة لمشاريع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مجال الدراسة والاستشارة، وستوكل للبنوك مهمة شرح جميع التدابير الوطنية العديدة التي تشجع ترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إضافة الى إحداث تدابير تسمح للبنوك بتشكيل وتطبيق الضمانات التي تقرها والتزود بشركة بنكية بينية لتسيير الأصول المحجوزة وتأسيس مؤسسة مشتركة لاسترجاع الديون. ومن جهة أخرى فإن الحكومة وبغرض تشجيع إنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة أجنبية فإن حصول المستثمرين الأجانب على الامتيازات التي يقرها قانون الاستثمار يتوقف على تفضيلهم لإنتاج السلع الوطني والخدمات في الجزائر، على عمليات الاستيراد. وفي هذا السياق أكد الرئيس بوتفليقة لدى تدخله أمام أعضاء الحكومة خلال اجتماع مجلس الوزراء أن الهدف من السياسية الوطنية لترقية المؤسسات الصغيرة سواء الوطنية أو الأجنبية هو تنويع الإنتاج المحلي من السلع والخدمات، وذكر بأن البرنامج الخاص بتشجيع الفلاحة الذي سبق الإعلان عنه والذي رصد له مبلغ 1000 مليار دينار خلال الخمس سنوات القادمة يندرج في هذا السياق وسيساهم في تحسين الأمن الغذائي للبلاد. وينتظر كذلك أن تشرع الحكومة في إعداد ملف كامل يقدم الخريف القادم يتضمن برنامج توسيع وتكثيف المناطق الصناعية خاصة في المناطق الداخلية للبلاد بهدف استيعاب مؤسسات جديدة. وعلى صعيد آخرولتأمين القروض المقدمة للمؤسسات سيتم الإعلان في أقرب الآجال عن إجراءات قانونية جديدة لإعادة تقويم الحد الأدنى من رأس المال اللازم لإنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع المؤسسات الراغبة في الاستفادة من قرض بنكي أكبرلتنظيم نفسها في شكل شركة ذات أسهم. ولن يقتصر عمل الحكومة على دعم إنشاء مؤسسات جديدة بل إن جهودها تنصب أيضا على الحفاظ على تلك الموجودة حاليا من خلال تمكينها من برامج إعادة هيكلة. ومن هذا المنظور دعا الرئيس بوتفليقة الحكومة "إلى مواصلة تأهيل المؤسسات العمومية التي ما زالت تملك دفتر أعباء والتي يتعين عليها أن تستقطب شركاء أجانب من الطراز الرفيع يملكون القدرة على الإسهام في تحديثها". ويذكر أن 46 بالمئة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تنشط في مجال الخدمات في حين تنشط 34 بالمئة في قطاعي البناء والأشغال العمومية. وتمثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 94 بالمئة من النسيج الوطني من المؤسسات وتشغل 56 بالمئة من اليد العاملة النشيطة وتسهم بنسبة 35 بالمئة في القيمة المضافة وسجل تطور هذه المؤسسات تقدما ملحوظا خلال السنوات الخمس الأخيرة بحيث أنشئت أكثر من 100 ألف مؤسسة جديدة، غير أنها تواجه اليوم بعض القيود منها ضعف قدرتها على التسيير وحاجتها إلى التأهيل ونقص الوعاء العقاري إلى جانب مشاكل الوصول إلى التمويل. وأمام هذا الوضع أوضح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أن النجاح الحقيقي لسياسة الدولة في إنعاش قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يستلزم مشاركة نشطة من جميع الفعاليات الوطنية وبالنسبة للقاضي الأول في البلاد فإنه "يتعين على العمال أن يتجندوا أكثر فأكثر من أجل الإنتاج وضمان الاستمرارية لمؤسساتهم والمساهمة في توليد مزيد من القيمة المضافة التي يجنون حقهم منها من خلال ارتفاع أجورهم". وطالب الرئيس من الحكومة اغتنام لقاء الثلاثية المقرر في الدخول الاجتماعي القادم من أجل تعبئة ممثلي العمال ومنظمات أرباب العمل الوطنية حول جهد تكثيف تطوير أدوات الإنتاج طبقا للعقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي.