ظلّ يستلهم أفكاره باحثا في تراث المنطقة التي يشهد لها "قوس طارجان" الذي يخفي أسرار مدينة ترقد تحت التراب وتستيقظ سنويا على نغمات تدغدغ الشعور وترسل شعاعا من ركح يتّسع لكلّ الثقافات ويعكس بنوره فصلا آخر لمشهد تراثي ينمّ عن تدفّق فني يحمل في مدلولاته رسالة الفن ويجمع أصواتا تتقاطع عند غايات المهرجان، على غير العادة رفض المطرب الشاوي الحديث باللغة الوطنية لرجال الإعلام بخيمة تاموقادي، ويبدو أنّ هذا الموقع السحري لإمبراطورية انقرضت مبانيها وأصبحت أطلالا تروي قصة أمّّة أضفى له بعدا خياليا، خرجة لها ما يبرّرها فيما وصفه ماسينيسا بالقناعة التامة الراسخة عنده"المساء" تنقل إليكم هذا الحوار معه. - لبّيت مجدّدا دعوة حضور هذه الطبعة، وقد تكون المحظوظ في غياب وجوه محلية ألفت المهرجان ما انطباعك ؟ * استقبلت دعوة المشاركة بفرح وسرور واعتبرت ذلك تكليفا بمهمة لتمرير رسالة الفن من هذا المنبر الذي يتّسع لكلّ الثقافات، ولديّ الإيمان الراسخ في خدمة تراث المنطقة باستغلال خصوصيات المهرجان، وبخصوص المشاركة المحلية فهي أمور تنظيمية تتعلّق بالبرمجة خاصة بمنظّمي المهرجان . - على غير العادة رفضت الحديث باللغة الوطنية، ما الدافع الذي يكمن وراء ذلك ؟ * هو قرار ناجم عن تقاليدنا للدفاع عن أمازيغيتنا، وكنت مستعدا لكلّّ أسئلة الصحفيين بمختلف اللّغات، لكنّ الردّ عليها لن يكون خارج إطار اللغة الأمازيغية التي تشكّل جزءا من كياني وهويتي الوطنية. - هل تريد بذلك الإنفراد بخصوصيات؟ * لكلّ فنان خصوصياته..لست متميّزا أردّ على كلّ الأذواق، وأعمالي الفنية المتنوّعة تنمّ عن حسّ ورغبة جامحة في تطوير الأغنية الشاوية باعتماد كلّ الألوان الفنية من ريغي، فانك وبلوز..التنويع الفني ضرورة حتمية في مسار الفنان، دون الخروج عن الإطار الذي رسمته لنفسي منذ بداية مشواري الفني. - هذا يجرنا للحديث عن واقع الأغنية الشاوية أمام الشهرة التي اكتسبتها الأغنية الرايوية، أين يكمن الخلل في المستوى الذي آلت إليه الأغنية الشاوية؟ * مقارنة بالتسعينيات نلاحظ هذا التراجع، ومردّ ذلك لعدّة أسباب منها على وجه الخصوص ما تسبّب فيه على فنانو المنطقة، واللهث وراء كسب المادة وغياب البحث في التراث..هذه عوامل قلّصت بشكل كبير الأغنية الشاوية، والأغنية الشاوية أصبحت في نفق مظلم وأهلها هم السبب في الوضعية التي آلت إليها. - لهذه الأسباب يمكن القول أنّ خيارك في التنويع أصبح ضرورة ملحة؟ * بالطبع لقد عمدت هذا الأسلوب وأعتقد في التنوّع مخرج وكلّنا نعلم أنّ لون الراي يفرض نفسه في الساحة الفنية، فلقد خضت تجربة باعتماد الإيقاع الوهراني لكن بكلمات شاوية تعزّز الانتماء خصوصا وأنّ الأغنية الشاوية أصبحت مطلوبة بالمهجر وتعرف إقبالا كبيرا. - هل تعتقد أنّ الحيّز القليل 20 دقيقة لمواجهة جمهورك كفيل بتقديم الرسالة في مهرجان بهذا الحجم؟ * لو عدنا لميزة المهرجان في حدّ ذاته ووظيفته في إعطاء دفع جديد للنشاط الفني وتمرير رسالة الفنان أعتقد بأنّ الحيّز الزمني قليل مقارنة بطموحاتي التي لا تخرج عن خدمة تراث المنطقة الغني عن التعريف، وإذ أقدّر ظروف القائمين على تسيير فعاليات الطبعة الذين اقترحوا برنامجا في حدود الإمكانيات فإنني أتوقّع مستقبلا زاهرا للمهرجان. - توصف بالفنان الباحث الجاد في التراث الشاوي، هل اهتديت لفكرة إنشاء مدرسة فنية للحفاظ على التراث بعدما برزت موجة الظاهرة الشبانية؟ * يجرّني الطموح وأنا منشغل بالبحث في تراثنا الغني في تحقيق غاياتي وأفكر مليا في إنشاء مدرسة فنية في وجود طاقات هائلة بالمنطقة مولعة بالفن التي تحتاج لرعاية لتطوير الأغنية الشاوية بهدف تقليص فرص الاستهتار بالفن الشاوي والتطفّل على التراث الفني، كفنانين نحن مطالبون بالوقوف لهذه الظاهرة التي لا تشكّل بالضرورة خطرا على التراث. - هل من مشاريع فنية في الأفق؟ * لقد قدّمت عيّنة من الجديد الذي تتحدّثون عنه لأنّ الواجب يملي عليّ ذلك وفاء لجمهوري وأراهن في التنويع على ديو مشترك مع مطربين عالميين. - كلمة أخيرة لجمهور تيمقاد: * أشكر قراء جريدة "المساء" التي أتاحت لنا هذا الحيز باعتبارها فضاء إعلاميا يعير كلّ الاهتمام للفن والفنانين وبالمناسبة أشكر جمهوري العزيز الذوّاق للفن الذي يتفاعل مع أدائي، وكلّ الساهرين على إنجاح فعاليات الطبعة.