من الفنانين الذين استهواهم التراث وسبروا أغواره وخاضوا فيه حبا وشغفا وظل يستلهم أفكارهم باحثا في تراث المنطقة، بعدما خطا خطوات معتبرة اقتداء بفناني المنطقة على غرار "ماسينيسا"، "كاتشو" "حسان دادي"، وغيرهم، المطرب عبد الحليم شيبة، الذي كان ضيف السهرة الثانية لطبعة مهرجان تيمقاد الدولي الثلاثين، التقيناه بركح المسرح الروماني الذي يتسع لكل الثقافات ويعكس بنوره فصلا أخر لمشهد تراثي ينم عن تدفق فني يحمل في مدلولاته رسالة الفن ويجمع أصواتا تتقاطع عند غايات المهرجان، فكان الحديث معه ذا شجون و فتح صدره لقراء الجريدة في هذا الحوار... - في أول ظهور لكم على ركح المسرح الروماني، ما هو شعوركم؟ * لم أصدق أنني سأعتلي منصة الركح الروماني، حقيقة كانت مفاجأة لحلم راودني منذ مدة لمغازلة جمهور في مثل المهرجان الدولي، أشكر بالمناسبة مسؤولي الديوان الذين أتاحوا لي الفرصة، التي سأغتنمها وأسعى من خلالها إلى إرضاء جمهوري على المدى الطويل. - لماذا هذه الرغبة الملحة في مواجهة الجمهور مباشرة، هل هو امتحان لقدراتكم الفنية بعيدا عن التسجيلات الصوتية والمرئية؟ * طبعا يختلف الأمر، فالمواجهة المباشرة تعطي ثقة أكبر للفنان، خصوصا عندما يتعلق بتنشيط سهرة فنية بمهرجان في حجم تيمقاد الدولي، مما يوفر سبل التألق والنجاح، فضلا عن القيمة الفنية التي يضفيها المهرجان على الاعمال الفنية، لأن المهرجان في حد ذاته منبر ووسيلة فعالة لنقل رسالة الفن. - هل الدعوة هذه تشكل حافزا لكم لتحريك الحس والشعور بالتراث، وكيف تقيمون جهود إدارة أو محافظة المهرجان؟ * بالطبع، تعد محفزا حقيقيا وفرصة لا تعوض، والمناسبة كفيلة بإبراز الطاقات وتمثيل التراث الذي يعد دعما أساسيا في أعمالي ومن دونه لن أتنفس فنا، وبخصوص جهود إدارة المهرجان، فمن دون شك تصب في هذا الإطار بدليل تنويع البرنامج الذي يعطي الفرصة لإبراز التراث الجزائري، ككل ليس فقط تراث المنطقة محليا. - نعود مجددا إلى مسألة التراث إدراكا منا لأهميته، هل تعتقد أن الجهود المشتركة للفنانين والمثقفين على حد سواء قائمة لتفعيل آليات توظيفه لخدمة الفن؟ * لو عدنا إلى ميزة المهرجان في حد ذاته ووظيفته في اعطاء دفع جديد للنشاط الفني وتمرير رسالة الفنان، أعتقد أن الجهود مشتركة ومنكبة لاستغلال التراث، وبرامج وزارة الثقافة تصب في هذا الإطار، ونموذج الجزائر عاصمة الثقافة العربية خير دليل على ذلك، وطموحاتي الفنية لا تخرج عن خدمة ثقافة تراث المنطقة الغني عن التعريف ودور المهرجان قائم في هذا الشأن. - يرتبط الفن بالبحث في التراث لتنويع النشاط الفني، بودنا معرفة اتجاهاتكم في العملية التي يراهن عليها فنانو المنطقة لكسب مزيد من الشهرة؟ * من دون تراث لن أتنفس فنا، بالمناسبة أحيي جهود الملحنين بالمنطقة الذين أرسوا تقاليد جديدة في مسألة التراث الثقافي، أحيي روح المبادرة لدى فناني المنطقة الذين قطعوا أشواطا كبيرة في تطوير الأغنية الشاوية بالاعتماد على التراث المميز للمنطقة بكل طقوسها، ويجرني الطموح وأنا منشغل بالبحث في تراثنا الغني في تحقيق غاياتي. - هل من مشاريع فنية في الأفق؟ * أكيد، نجاح الفنان يرتبط دائما بالإنتاج الفني وتقديم الجديد، أنا منشغل بأعمالي التي اركز فيها على المواضيع الاجتماعية، ما حققته من تقدم نوعي في البوماتي الاخيرة يشجعني على بذل المزيد"جرة لرياح" وغيرها من أعمالي ستحدد مستقبلا طموحاتي اللامتناهية في عالم الفن. - كلمة أخيرة؟ * أشكر قراء جريدة "المساء" التي أتاحت لنا هذا الحيز، باعتبارها فضاء إعلاميا يعير كل الاهتمام للفن والفنانين، وبالمناسبة أشكر جمهوري العزيز الذواق للفن الذي تفاعل مع أدائي، كما أعده بالجديد.