دقت وكالات الأممالمتحدة المختصة، أمس، ناقوس الخطر للتحذير من مجاعة قاتلة تضرب قطاع غزة وخاصة شماله ستقضي على من تبقى من سكانه الذين لم يموتوا بالقصف الصهيوني مع حلول شهر ماي القادم، في حال لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة تحد من الجوع الذي بدأ يفتك بسكان غزة المحرومين منذ ستة أشهر كاملة من أدنى مقوّمات الحياة. وحذّرت المنظمة الأممية من أن أكثر من مليون و100 ألف فلسطيني في قطاع غزة على مشارف المجاعة بعدما أصبح مواطن من أصل اثنين يعيش وضعية غذائية كارثية، معتمدة في ذلك على تقرير إطار يتضمن معايير سوء التغذية نشرته أمس. وكان آخر تقرير نشره شهر ديسمبر الماضي برنامج الغذاء العالمي "بام" والمنظمة الأممية للتغذية والزراعة "فاو"، حذر من مجاعة وشيكة ستحدث من الآن إلى غاية شهر ماي القادم خاصة في شمال قطاع غزة إذا لم يتم فعل ما يلزم لتفادي وقوع الكارثة. ويأتي التحذير الأممي من مجاعة وشيكة في القطاع وسط تنامي المخاوف من أكثر من جهة من تداعيات سياسة التجويع التي يواصل الاحتلال الصهيوني انتهاجها ضد السكان في القطاع دون تمكن أي جهة من التدخل ووضع حدّ لها. وفي هذا السياق، ندّد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي، جوزيب بوريل، من أن قطاع غزة أصبح "مقبرة مفتوحة" بعدما كان "سجنا مفتوحا". وقال في تصريح أدلى به أمس قبل انطلاق اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسل، بأن "غزة كانت قبل الحرب أكبر سجن مفتوح، واليوم أصبحت أكبر مقبرة مفتوحة لعشرات آلاف الأشخاص وأيضا للمبادئ الهامة لحقوق الانسان". ورغم أن بوريل حذر من أن غزة على مشارف المجاعة، إلا أن موقفه لا يزال منحصرا في إطار التنديد والاستنكار من دون أن يدفع بالاتحاد الاوروبي لاتخاذ خطوات ملموسة، مثلما فعل مع روسيا لدعم أوكرانيا، للضغط على الكيان الصهيوني لحمله على وقف محرقته في قطاع غزة وسياسة التجويع التي لم يشهد لها العصر الحديث مثيلا. بالتزامن مع ذلك، اتهمت منظمة "أوكسفام" غير الحكومية، أمس، الكيان الصهيوني بتعمّد منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مشدّدة على أن ما يحدث انتهاك للقانون الإنساني الدولي. وجاء في تقرير للمنظمة الخيرية أن ممارسات الاحتلال الصهيوني وقراراته تواصل بشكل منهجي ومتعمّد عرقلة ومنع أي استجابة إنسانية دولية ذات مغزى في قطاع غزة، مندّدة ب "بروتوكولات" تفتيش المساعدات غير الفعّالة بشكل غير عادل، والتي تؤدي إلى تأخير عشرين يوما في المتوسط للسماح للشاحنات بدخول القطاع الفلسطيني. كما أدانت الهجمات ضد عاملين في المجال الإنساني وضد هياكل المساعدات وقوافل إنسانية، منتقدة الحظر اليومي لبعض المعدات المصنفة على أنها ذات استخدام مزدوج. وأبرزت "أوكسفام" أن أكياس مياه أو أدوات لتحليل المياه رفضت في إحدى شحناتها من دون سبب، قبل أن تتم الموافقة عليها لاحقا. كما أشارت إلى أن بعض المعدات الضرورية لعمل موظفيها مثل معدات للاتصال أو للحماية أو المولدات الكهربائية لتشغيل مكاتبها تخضع أيضا لقيود هي الأخرى. "أونروا"..المساعدات التي دخلت غزة قطرة في بحر الاحتياجات أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أمس، أن المساعدات الإنسانية التي تصل إلى قطاع غزة ما زالت قليلة وغير كافية وتشكل "قطرة في البحر" مقارنة بالحاجة الملحة للسكان. وقالت القائمة بأعمال مدير مكتب الإعلام "للأونروا"، إيناس حمدان، إن "300 ألف نسمة ما زالوا يسكنون في مدينة غزة وأن استمرار التصعيد والغارات سيؤدي إلى زيادة سوء الحالة حاليا"، مشيرة إلى أن القطاع التجاري في غزة في حالة انهيار وأن من يدفع ثمن ذلك هم الأطفال في المقام الأول، وأضافت أن واحدا من كل 3 أطفال دون العامين بغزة يعانون من سوء التغذية في وقت استشهد فيه 23 طفلا بسبب النقص الحاد للمواد الغذائية والجفاف وسوء التغذية. كما أشارت إلى أن ربع سكان غزة معرضون لخطر المجاعة، وأن الأوضاع في غزة كارثية" و"سيئة للغاية"، مضيفة أن "الأونروا" ما زالت غير قادرة على استخراج التصاريح لعبور المساعدات لسكان مناطق الشمال. سيناتور أمريكي يفضح الاحتلال قال السيناتور الديمقراطي الأمريكي، كريس فان هولين، إن "الادعاءات بأن الأونروا وكيل لحماس هي مجرد أكاذيب صريحة"، مشيرا إلى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يحاول التخلص من الوكالة الأممية منذ سنوات، وأضاف أن رغبة نتنياهو في التخلص من الأونروا تأتي في إطار عرقلة حلّ الدولتين. وأكد السيناتور الأمريكي بأن قطع التمويل عن الأونروا يعني أن المزيد سيتضورون جوعا، مشدّدا على أنه خطأ فادح من حكومة نتنياهو التي لا تلتزم بمذكرة الأمن القومي بشأن تلقي المساعدات العسكرية الأمريكية، وهو ما جعله يرى بضرورة عدم تزويد إسرائيل بالقنابل لاستخدامها في غزة حتى تلتزم بتعهداتها.